هل ستنجح القيادة العسكرية في إنقاذ لبنان؟؟

هل سينجح جوزاف عون في أن يكون قائد التغيير المنتظر ؟
هل يمتلك جوزاف عون القدرة على تفكيك عقدة النفوذ السياسي والعسكري لحزب الله ؟
هل يستطيع كسر حلقة الفساد والمحاصصة التي كبلت الدولة لسنوات ؟
هل هو قادر على إطلاق مشروع وطني شامل يعيد للدولة هيبتها ومكانتها ؟

يواجه لبنان اليوم مرحلة مفصلية بعد انتخاب العماد جوزاف عون رئيساً للجمهورية عقب مدة طويلة من الفراغ الرئاسي، تأتي هذه الخطوة وسط أزمات اقتصادية خانقة وتدهور مؤسسات الدولة، ما يضع عون أمام تحديات جسيمة تتعلق بإعادة بناء الدولة وتحقيق تطلعات اللبنانيين الذين أنهكتهم الأزمات المتلاحقة .

تُعقد آمال اللبنانيين على شخصية عون العسكرية وقدرته على فرض هيبة الدولة واستعادة مؤسساتها، غير أن النظام الطائفي القائم على المحاصصة يعيق أي إصلاح حقيقي، إذ تتشابك مصالح القوى السياسية والطائفية في إدارة شؤون البلاد، مما يفرض على الرئيس الجديد التوفيق بين الإصلاحات المطلوبة والتوازنات السياسية المعقدة .

من أبرز التحديات التي تواجه عون هو التعامل مع النفوذ السياسي والعسكري الكبير لحزب الله، الذي يمتلك قوة عسكرية مستقلة عن الدولة وعلاقات إقليمية معقدة لا تخفى على أحد، وأي محاولة للحد من نفوذ الحزب أو حصر السلاح بيد الدولة ستواجه معارضة داخلية شرسة خاصة في ظل الانقسامات الطائفية والسياسية، لذا فإن عون يحتاج إلى استراتيجية متوازنة تعزز دور الجيش اللبناني كمؤسسة وطنية جامعة دون الانجرار إلى مواجهات قد تزيد من حدة الانقسامات الداخلية .

في السياق ذاته، يعاني لبنان من أزمة اقتصادية غير مسبوقة تتطلب إصلاحات جذرية، فالفساد المستشري والنهب المنظم للمال العام أوصلا الاقتصاد إلى حافة الانهيار، مما يستدعي تنفيذ سياسات اقتصادية فعالة تعيد هيكلة القطاع العام وتستقطب الدعم الدولي، لا سيما من المؤسسات المالية العالمية التي تشترط القيام بإصلاحات حقيقية لتقديم المساعدات .

على الصعيد السياسي، يمثل لبنان لوحة فسيفساء طائفية تحتاج إلى إعادة صياغة العقد الاجتماعي القائم، بحيث تُرسَّخ مفاهيم المواطنة بعيداً عن الطائفية والمحاصصة هذا التغيير الجذري يتطلب قيادة شجاعة تتخذ قرارات جريئة لإعادة الاعتبار لدولة القانون والمؤسسات، وتضمن توزيعاً عادلاً للسلطة بعيداً عن الاستئثار والاحتكار .

رغم هذه التحديات، يبقى أمام جوزاف عون فرصة تاريخية لإحداث تغيير حقيقي إذا تمكن من توحيد الصفوف الداخلية وتغليب المصلحة الوطنية على المصالح الضيقة، قدرته على ضبط التوازن بين القوى السياسية، وتعزيز دور الجيش، وتنفيذ إصلاحات اقتصادية واجتماعية ستكون مفصلية في تحديد مسار لبنان خلال السنوات المقبلة .

في المحصلة، لبنان اليوم أمام خيارين: إما السير نحو بناء دولة قوية قادرة على تجاوز أزماتها بقيادة جوزاف عون، أو البقاء رهينة التجاذبات الداخلية والضغوط الإقليمية . ونجاح هذا القائد مرهون بقدرته على إدارة هذه التحديات بحكمة وحنكة، وإلا فإن لبنان سيبقى غارقاً في أزماته المتفاقمة بلا أفق واضح للخلاص _لا سمح الله_ .

#روشان_الكايد
#محامي_كاتب_وباحث_سياسي

---