يعيش العالم الإسلامي اليوم في واحدة من أكثر مراحله التاريخية تعقيدًا، لدرجة يمكن وصفها بدقة بـ"فترة الانقطاع" ، و هذه الفترة لا تقتصر على الأبعاد السياسية فقط، بل تمتد إلى الفكرية، الثقافية، والاجتماعية، ما يجعلها حالة شاملة من الجمود والاضطراب ، وتفاقمت أزمة الهوية والانتماء في المجتمعات الإسلامية، حيث أصبح سؤال "من نحن؟! " محور النقاشات الفكرية والثقافية ، فالتناقضات بين القيم الإسلامية التقليدية والتوجهات الغربية الحديثة باتت أكثر حدة، مما أعاد إلى الواجهة مفاهيم مثل "الأمة الإسلامية" و"وحدة الإسلام" ، ولكن الدعوات للوحدة تواجه انتقادات حادة، خصوصًا مع عجز الدول الإسلامية عن التنسيق واتخاذ قرارات جماعية ، إلا أن التساؤلات المحورية حول الهوية لا تزال قائمة: فهل يمكننا الاستمرار كدول قومية؟! وكيف نتعامل مع التعددية الثقافية والدينية؟! وما طبيعة العلاقة بين الدين والدولة؟! هذه التساؤلات لم تجد إجابات واضحة، مما يعمق حالة الاضطراب ، في ظل التحولات الجيوسياسية، خاصة في فلسطين ولبنان، تفتح الباب أمام تأثيرات أوسع تمتد إلى دول مثل الأردن، مصر، وسوريا، بل وحتى دول الخليج وتركيا ، فالمشهد يزداد تعقيدًا مع عجز الدول الإسلامية عن اتخاذ مواقف حاسمة أو استراتيجيات فعالة للتعامل مع هذه التحديات ، في الوقت الذي أصبح فيه الاعتماد على الوسائل التقليدية مثل الإدانات السياسية أو الدعوات الدولية لم يعد كافيًا لاحتواء هذه الأزمات ، والعجز عن تقديم رؤية جيوسياسية واضحة يعكس بوضوح حالة "الانقطاع" التي تعيشها المنطقة ، و
في خضم السعي للتأقلم مع الثورة الصناعية، جاءت الثورة الرقمية لتضيف تحديات أكبر ،و التحول الرقمي، الذي تقوده دول كبرى مثل الولايات المتحدة والصين، تجاوز العالم الإسلامي بمراحل ، في الوقت الذي تتحكم فيه قوى محدودة بتدفق المعلومات والبيانات، لا تزال الدول الإسلامية عاجزة عن تطوير أنظمتها الرقمية المستقلة ، في حين أن
الثورة الرقمية لم تغير فقط الاقتصاد، بل أثرت بشكل جذري في الصناعات الدفاعية ، فبينما تتطور تقنيات الحروب السيبرانية والطائرات المسيرة بسرعة مذهلة، تبقى معظم الدول الإسلامية تعتمد على واردات عسكرية تقليدية، ما يعرض أمنها للخطر ، وفي ظل هذه التحديات الكبرى، لا تزال الأزمات الداخلية قائمة ، و الصراعات الطائفية، مثل تلك الموجودة في باكستان، والمجاعة في أفريقيا، والفقر في جنوب آسيا، تعكس حجم المعاناة التي يعيشها جزء كبير من السكان المسلمين ، و
للخروج من هذه "فترة الانقطاع"، هناك حاجة ملحة إلى نهضة فكرية حقيقية ،و المفكرون والمثقفون بحاجة إلى تقديم أفكار جديدة وعملية يمكن أن تلهم السياسات والمجتمعات على حد سواء ، ومع ذلك، تظل الأفكار بلا جدوى إن لم تجد قيادات سياسية قوية وجريئة قادرة على ترجمتها إلى أفعال ملموسة ، وان الطريق إلى المستقبل ليس مستحيلًا، لكنه يتطلب إرادة قوية، رؤية شاملة، وقيادة حكيمة ، فالمستقبل يعتمد على قدرتنا اليوم في التفكير والتخطيط والعمل، وإلا فإن الأجيال القادمة ستجد نفسها في مواجهة تحديات أعقد وأشد قسوة ... !! خادم الإنسانية .
مؤسس هيئة الدعوة الإنسانية والأمن الإنساني على المستوى العالمي .