زاد الاردن الاخباري -
"بعد أن ضاقت الأرض بما رحبت، لم أستطع استقبال فرحة خبر الإفراج عني، إلا بعدما قرصت رفيقي السوداني عمر
دفع الله وبادرني هو بالفعل ذاته لنصدق خبر الإفراج عنا".
بهذه الكلمات بدأ المهندس الأردني خالد غزال حديثه عن تفاصيل اعتقاله في مصر لمدة 48 يوما، بتهمة "المساس بالأمن القومي المصري"، عن طريق التجسس لصالح دول أجنبية وحيازة أجهزة اتصالات غير مسموح بها.
وفي التفاصيل، التي رواها غزال لـ"الغد"، يقول المهندس في تلفزيون "الآن"، الذي يتخذ من إمارة دبي مقرا له "إننا توجهنا من دبي إلى مصر بنية الذهاب إلى ليبيا، وبعد وصولنا إلى مصر، نزلنا إلى محافظة الاسكندرية في فندق (وينس بلس)، في تمام الساعة 12 مساء، وبقينا فيه لمدة يومين، قبل أن نغادر في اليوم الثالث إلى القاهرة، للتأكد من وصول بعض معدات البث الفضائي".
ويضيف "بعد عودتنا من القاهرة توجهنا إلى الفندق لنتفاجأ، بعد وصولنا بساعة من الوقت، بدخول أكثر من 10 ضباط إلى غرفتنا، وطلبوا من كلينا الوقوف وعدم التحرك، قبل أن يبدؤوا بتفتيش الغرفة، ومن ثم جلسوا معنا، لأخذ أقوالنا لفترة زمنية امتدت لـ4 ساعات تقريبا".
ويتابع المهندس غزال "بعد ذلك طلب أحد كبار الضباط الموجودين التوجه معنا إلى قسم العطارين لاستكمال التحقيق هناك"، لافتا إلى أنه تفاجأ وزميله، عندما وصلا إلى بوابة الفندق بعشرات من أفراد الأمن بانتظارهما، مشيرا إلى أن ضابطا طمأنهما بأنهما لن يتأخرا في المركز، وسيعودان إلى الفندق بعد ساعات قليلة".
ويزيد "بعد وصولنا إلى المخفر، والتحقيق معنا هناك لمدة 8 ساعات، تم احتجازنا لتحويلنا إلى رئيس نيابة الاستئناف في اليوم التالي، حيث قام رئيس النيابة بإيقافنا على ذمة التحقيق لمدة 4 أيام، حيث بقينا من دون أكل أو شرب أو دخان، إضافة إلى أن النيابة حجزت على الأموال التي كانت بحوزتنا".
ويستطرد المهندس غزال بالقول إن "الأجهزة الأمنية منعتنا من الاتصال مع أهالينا لإبلاغهم كما هو الحال مع مكان عملنا، ولكن رعاية الله ولطفه بنا، شاءت أن تكون صحافية مصرية متواجدة في قسم النيابة، لتقوم بنشر قضيتنا في الصحافة المصرية باليوم التالي".
ويبين غزال أن "تلفزيون الآن قام فور علمه بقضيتنا بإرسال مندوب عنه، إضافة إلى أحد المحامين، للاطلاع على تفاصيل القضية واتخاذ الإجراءات اللازمة".
ويتابع غزال "قررت محكمة التجديد في الاسكندرية تجديد حبسنا لمدة 14 يوما على ذمة التحقيق، بعد توجيه تهمتي المساس بالأمن القومي المصري، إضافة إلى حيازة أجهزة اتصالات من دون تصريح رسمي".
ويلمح غزال في حديثه، إلى تعرضه وزميله، خلال الأيام العشرة الأخيرة، من فترة احتجازهما، إلى الإهانة وعدم احترام كرامتهما، بعد التعدي عليهما بالضرب، في بعض الأحيان، إضافة إلى نعتهما ببعض الشتائم، في أحيان أخرى.
ويقول غزال "لم أعد الشخص نفسه، بعد اعتقالي، فللمرة الأولى في حياتي، أتعرض لمثل هذه الظروف، ولا أستطيع الدفاع عن نفسي، خاصة بعدما قاموا بتفريقي عن صديقي، وتوزيع كل منا إلى غرفة مختلفة، يتواجد فيها العديد من المحكومين بقضايا مختلفة، مثل المخدرات والقتل والاغتصاب، وما إلى ذلك"، مشيرا إلى أن إدارة السجون لم تكن تفرق بين المحكومين والموقوفين.
ويضيف غزال "فور وصولنا إلى النائب العام للمرة الثانية، أبلغنا محامينا، الذي تقدم بشكوى إلى النائب العام، ما دفع الإخير إلى الاتصال مع إدارة السجن، وإبلاغهم بضرورة الالتزام بحقوق الإنسان مع المحكومين والموقوفين وعدم إيذائهما".
ويتابع "أوقفنا النائب العام لمدة 14 يوما أخرى على ذمة التحقيق، إلى حين انتهاء هيئة تنظيم قطاع الاتصالات من إصدار تقريرها".
ويزيد "بعد مرور 14 يوما أصبحت معنوياتي في الحضيض، وكنت خائفا على والدتي"، مشيرا إلى أنه استعاد شريط ذكريات حياته منذ الطفولة، والوقوف عند محطات عديدة طوال مدة سجنه.
ويقول غزال "بعد ذلك أخبرت صديقي حسين بضرورة إخبار أحد أشقائي بمشكلتي، من دون إعلام والدتي خوفا على مشاعرها".
أما الجلسة الثالثة، لم تختلف كثيرا عن الجلسة الثانية، بعد إصدار حكم الحبس 14 يوما آخرا على ذمة التحقيق، إلا أنها كانت أكثر قسوة على النفس، بعد أن أحدثت "فجوة واسعة"، في أفق الأمل، الذي فقده غزال بالفترة الأخيرة.
ويتابع "بقيت أتخيل الجلسة القادمة أمام النيابة، التي أخبرنا المحامي أنها ستحكم علينا فيها بالسجن 45 يوما على ذمة التحقيق، في حال عدم انتهاء هيئة تنظيم قطاع الاتصالات المصرية من إصدار التقرير الذي يثبت براءتنا".
ويشير إلى أن المحامي فاجأهما عندما قام آمر السجن بالنداء على أسمائهما أثناء تناوله الطعام، ليخبره بقرار براءته وصديقه السوداني، اللذان لم يصدقا ذلك، إلا بعدما قام كل منهما بقرص الآخر، قبل أن يقوما بتوزيع السجائر، التي سمح بإدخالها أخيرا على بعض المحكومين والمساجين وتوديعهم بالقبلات والمصافحة.
ويقول غزال "أصبت بصدمة كبيرة بعدما أبلغني آمر السجن أنني لن أستطيع مغادرته بسبب الحكم علي بالحبس 3 سنوات على خلفية العديد من القضايا، قبل أن يثبت لهم أنني لست الشخص المطلوب"، موضحا أن الشخص المطلوب هو مصري الجنسية يختلف معه باسم الأم، رغم تشابه اسمه مع المواطن المصري بالمقاطع الأربعة.
ويذكر غزال أحد المواقف الطريفة التي حدثت معه وزميله أمام المحققين، بعد أن عثروا في هاتف زميله المهندس السوداني عمر دفع الله، على صور وتسجيل فيديو لشخص يود ترشيح نفسه للانتخابات الرئاسية المصرية، بعدما كان عضوا فاعلا في تحريك الثورة المصرية "ما دفع هيئة التحقيق إلى الشك بأوضاعنا، قبل التأكد من أن كافة الأجهزة التي كانت بحوزتنا مسموحة وليست ممنوعة، وتم إخلاء سبيلنا".
الغد