" من لايؤمن بأن الاقتصاد هو المحرك الرئيس للتاريخ " ؛ هو كمن يضع رأسه بالرمل وينتظر ..، ان حتمية التطور الطبيعي لوسائل الاتصال شيء مفرغ منه ، وبالتالي نجد ان تطور هذه الوسائل بني على أسس اقتصادية " تجارية " ، وبناء على حاجة المجتمع من استهلاك المحتوى الاعلامي لتلك الوسائل .
في البداية ومنذ قرون وجد الورق ؛ وجاءت الصحف الورقية كوسيلة اعلامية حققت لكل من المجتمع ورجل الاقتصادي حاجتهم ، وتبعها المذياع ومن ثم التلفزيون حالة متطور من الوسيلة التي استندت على ظهور الكهرباء ؛ وكان الاعلام الالكتروني ، وكذلك حقق كل من المجتمع والاقتصادي حاجتهم من هذه الوسيلة .
وتلك الحاجات السابقة لم تتمثل في مجتمعاتنا العربية ، والاردن احدها ؛ لأن ظهور وسائل الاتصال تلك " الورقي والالكتروني " كان نتيجة حاجة نظام سياسي ، واستطاع النظام السياسي ان يحقق حاجته بترسيخ تكوين الدولة ، والمجتمع حقق حاجته في معرفة ما يحدث في المجتمع ؛ وان كانت معرفة مؤطرة من قبل ادوات ووسائل الاعلام ، وغيب رجل الاقتصاد هنا لأنه كان ينام مع الدولة في سرير واحد.
واليوم ونحن في العقد الثالث من القرن الواحد والعشرين ، ومع تطور وسائل الاتصال حتميا وظهور الانترنت كوسيلة اتصال ؛ أصبحت الوسائل " المطبوعة والالكترونية " لا تحقق للنظام حاجته وكذلك المجتمع ورجلةالاقتصاد وجد نفسه خارج غرفة نوم الدولة ، ورغم محاولات الانعاش المستمرة من قبل النظام لابقاء تلك الوسائل قادرة على القيام بتحقيق حاجته؛ الا ان حتمية التطور حولت تلك الوسائل لاعباء مالية كبيرة على كاهله ، ولابد من البدء بالتحقيق بجدوى بقاءها .
واليوم الخميس الموافق 30/1/2020 خرج علينا وزير العدل ومجلس نقابة الصحفيين بتصريحات هي ربما تكون اخر محاولات الانعاش التي تقدم للاعلام المطبوع ، ومن باب محاولة اقناع النظام السياسي ان تلك الوسيلة تحقق له حاجته ، دون الاخذ بالاعتبار انها لا تحقق حاجة المجتمع ؛ رغم ان قمة النظام السياسي تسعى وبكل جهد لتلبية حاجة المجتمع اولا .
واذ استمرت ادوات الاعلام الورقي والعاملين به في محاولة إيهام النظام السياسي بأن بقاءها هو حاجة نظام ومجتمع ؛ فأن التطور الحتمي لوسائل الاتصال هو الذي سيقضي على تلك الوسيلة " الورق" ، وسيبقى المدافعين عنها يشبهون دفاع دينكيشوت عن حلمه وادواتهم مصنوعة الورق ، وسرير الدولة يتسع لغيرهم .