الدولة العميقة مفردة لغوية تستخدم من قبل عدد كبير من المحللين السياسين ؛ وخصوصا من لهم خلفية صحفية ، وتجدهم يوجهون أي قرار سيادي ومصيري لأي دولة إلى وجود هذه الدولة العميقة التي تعيش داخل الدولة ؛ ومن باب الخروج من مآزق قدرتهم على تحديد أصل المشلكة المصيرية بصراحة لهذه الدولة أو تلك .
ومن خلال تتبعي لهذه المفردة في أماكن وجودها في التحليلات السياسية ؛ وجدت أنها مجرد مفردة لغوية استخدمت وبالمجمل نتيجة لسوء فهم تركيبة تلك هذه الدولة أو تلك ، ولأن الدول هي بناء سياسي واجتماعي وجغرافي يحركهما الإقتصاد سواء على مستوى الدولة أو الأفراد ؛ نجد أن استخدام هذه المفردة في التحليل لايضع الأمور في نصابها الصحيح ، بل هو أسلوب إلى الهروب من التعامل وبكل صراحة مع مكونات تركيبات هذه الدولة أو تلك .
في الدول المتقدمة نجد أن الصراحة السياسية والاجتماعية والجغرافية وبالاستناد إلى الصراحة الإقتصادية ؛ تؤدي في النهاية إلى إلغاء وجود ما يطلق عليه الدولة العميقة داخل تلك الدول ، ومن غير المتقبل ديالكتيكن أن توجد دولة عميقة داخل دولة ؛ لأن ما يحرك تاريخ هذه الدولة أو تلك هو الاقتصاد ، وعليه فأن الاقتصاد نفسه لايسمح بوجود دولة عميقة داخل دولة ، كونه يستند على أرقام ومعادلات رياضية لاتسمح للتلاعب في أي من مكوناتها .
وفي النقاش العام بين أفراد المجتمع كجزء من مكونات هذه الدولة أو تلك ؛ نجد أنهم يعيدون مفردة الدولة العميقة إذ ما تم استخدامها إلى قوة ونفوذ مكونات رئيسية في تلك الدول ، وتتمثل في القبلية والعشائرية والمناطقية وبقية مفردات الدول القابعة تحت سيطرة تاريخ مكونها الاجتماعي دون أن تأخذ بعين الاعتبار بقية المكونات ، ومع الزمن وجد من إستطاع أن يستبدل تلك المفردات بمفردة واحدة فقط وهي " العميقة " ، والتي يتم استخدامها كملجأ للهروب من الصراحة الذاتية في تلك هذه الدولة أو تلك.