تدخلت العربية السعودية، واستعملت نفوذها وعلاقاتها، واتصل الملك سلمان شخصياً مع عدد من زعماء البلدان الإسلامية، لتحول دون مشاركتهم في مؤتمر ماليزيا يوم 18/12/2019، كي لا يظهر الانقسام بين المجموعة الإسلامية، ويبدو أن تدخل الرياض المباشر قد أثمر حيث اقتصرت المشاركة على رؤساء ثلاث دول هم تركيا وإيران وقطر، من بين رؤساء ثمانية عشر دولة تمت دعوتهم لحضور المؤتمر.
رؤساء بلدان الحضور على أهمية دولهم واستجابتهم، ولكن خلافاتهم مع أغلبية البلدان العربية يُبرز دوافع هذا الحضور، ويعكس توجهاتهم وكل منهم له أسبابه في وقوع الخلاف وتعارض المصالح في مواجهة مصالح أغلبية البلدان العربية، وتتضح الصورة وحقائق المشهد حينما نستذكر غياب المغرب والجزائر والسودان ومصر والمجموعة الخليجية باستثناء قطر التي تواجه شرخاً مع شقيقاتها لدى مجلس التعاون لبلدان الخليج العربي.
قد تكون توجهات الرئيس الماليزي مهاتير محمد ودوافعه طيبة، ولكن اقتصار الدعوة على بلدان معينة يفقد التوجه والدوافع الإيجابية ويخلق ثغرة مدمرة لتماسك مجموعة البلدان الإسلامية ومنظمتها، خاصة وأن شعارات المؤتمر لا تختلف بمضمونها وأهدافها مع تطلعات البلدان الإسلامية.
كان من الممكن للرئيس الماليزي أن يدعو إلى عقد مؤتمر استثنائي لرؤساء مجموعة البلدان الإسلامية، أو لمؤتمر مهني أو شعبي أو حزبي يشمل تمثيله كل البلدان الإسلامية ليصار إلى وضع برنامج عمل جماعي يشمل كافة البلدان كل حسب ظروفها وقدرتها وهامش الحرية المتاح لديها، طالما أن بلدانا قوية فاعلة مثل تركيا وإيران وإندونيسيا وماليزيا ونيجيريا ومصر والسعودية لا يمكن تجاوزها، ولا يمكن العمل الإسلامي من خلف ظهورها أو بعيداً عنها أو نجاح قرار استبعاد أي منها وها هي النتيجة أن رؤساء بلدان عبروا عن رغبة الحضور واعتذروا استجابة للطلب السعودي، حتى لا يساهموا بفعل غير مدروس، أو ليظهروا عدم الرغبة في الانقسام حتى ولو لم يتحفظوا من الدعوة الماليزية واستجابوا لها قبل اعتذارهم.
نتائج المؤتمر الماليزي، وتوصياته يمكن أن تشكل أرضية للقاء إسلامي تدعوا له رئاسة القمة الإسلامية سواء على مستوى الرؤساء أو الوزراء أو قادة من المفكرين والأكاديميين لتكون النتائج لصالح الحضور الإسلامي في وقت تعاني المجموعة الإسلامية من فجوة ديمقراطية، ومن بلدان ثرية وبلدان فقيرة، ومن تطاولات أميركية إسرائيلية على سيادة بعض البلدان، والأهم من هذا وذاك أن القدس أولى القبلتين وثاني المسجدين وثالث الحرمين ومسرى ومعراج سيدنا محمد وقيامة السيد المسيح تتعرض للتطاول والتهويد والأسرلة من قبل المشروع الاستعماري التوسعي الإسرائيلي وهي فاجعة ومصيبة وجريمة ترتكبها المستعمرة الإسرائيلية بكل وقاحة واستفزاز، وبدون مراعاة لمشاعر المسلمين وعقيدتهم.
المجموعة الإسلامية مهمة بشرياً ومالياً واقتصادياً وتصويتاً لدى المنظمات الدولية، ونحن العرب في أمس الحاجة لهذه المجموعة لأنها رافعة لحقوق العرب وتطلعاتهم، ويمكن أن تسهم حقاً بفكفكة خلافات بعض البلدان العربية مع كل من تركيا وإيران اللتان حضرتا هذا المؤتمر بغياب عربي ملموس.