خاص - عيسى المحارب - شكلت الزيارة الخاصة لجلالة الملك عبدالله الثاني، للعاصمة الأمريكية واشنطن، ومكوثه ببيته الهادئ بإحدى ضواحيها الجميلة، ما يمكن وصفه بخلوة واشنطن، واثمرت حالة من العصف الذهني العميق للرجل الاهم بالنسبة لمنطقة الشرق الأوسط، ولا نغالي ان قلنا للعالم بأسره.
ويبدو أن العطلة السنوية لجلالته، كانت بمثابة الهدوء التام الذي يسبق العاصفة، غادر الملك عمان تاركاً خلفه ملفات شائكة، لا يستطيع أحد غيره فك طلاسمها، لعل أبرزها معارضة محلية الصنع وموسادية المصنع ، وإقليمية متخبطة كالملف المتفجر بهرمز وخليج فارس، حسبما يطيب للايرانيين تسميته، وصفقة القرن وتداعياتها اردنيا.
دونما الإغراق في العموميات، فإن سفر جلالة الملك يشق على الأردنيين، فهو رب البيت الذي يصعب على الأبناء والأسرة الأردنية الواحدة، المرابطة على تخوم الأقصى والمترابطة بشدة فراق الأب الروحي للوطن العربي وليس اردنهم الصغير فحسب.
غادر الملك لواشنطن طلبا لشئ من الراحة والاستجمام، فإذا به يعود للحسيني المسجد والرمز، اشعثا اغبرا حاجا ملبيا دعاء أبنائه وأسرته، التي اشتاقت له، وكأنما غاب دهرا، بعد ان عاث خطاب معارضة الموساد الإسرائيلي والشين بيت كفرا بواحا.
أوشكت صدور الأردنيين ان تنشق خوفاً وجزعا على مستقبل وطنهم، وهم يرون السلطة الرابعة مغيبة تماما عن ترهات واكاذيب الإعلام الإسرائيلي وابواقها النتنه اردنيا وعربيا، فهناك تماهي تام مع حرب الدولة العبرية على مقام جلالة الملك المفدى حفظه الله ورعاه، وإعادة تدوير لأفكار كوهين ومضر زهران، عبر وسائل التواصل الاجتماعي، لدى قطاعات واسعة من الأردنيين، فكانت عودة الملك الحسينية المقدسة، نسبة لصلاة الظهر التي أداها جلالته بمسجد عمان الهاشمية الكبير.
لا زالت الصورة التي عاد بها جلالته أكبر سنا وأشد وقارا، تثير الجدل اردنيا ولربما إسرائيليا، فالغموض الذي رافق خلوة واشنطن، يثير حفيظة الدولة العبرية أكثر من غيرها، باعتبار أن الملك عبدالله هو الوريث الفعلي للقومية العربية، فهي تمتلك الورقة الخليجية تماماً وتغرد وحيدة كطائر البوم من مسقط إلى الرياض والمنامة وأبوظبي، وعمان لا تسمح لها إلا بعبور الترانزيت صوب هذه العواصم العربية التي غرقت بالتطبيع المجاني مع تل أبيب.
لم تكتفي بعض هذه العواصم العربية بذلك، بل إن بعضها جاهرت بعداء الأردن وجيشت المعارضة المسلحة تقريباً في احد مفاصل الربيع العربي تمثلت بمعركة قلعة الكرك وغيرها، وهو سبب وجيه لمساعي الحكومة الحالية بجمع السلاح.
عودة الملك من خلوة واشنطن، أثمرت حراكا ملكيا بالمشهد المحلي الأردني، حيث برز التغيير الدراماتيكي الأهم بتغيير رأس الهرم بالمؤسسة العسكرية الأردنية، وعربيا بزيارة الأمس للرئيس عباس لعمان حيث التنسيق المشترك لوقف العدوان الإسرائيلي سواء بالابرتهايد وهدم المنزل بوادي الحمص بصور باهر المقدسية، او زيارة كوشنر القريبة القادمة للمنطقة، وبالنسبة للملف الإيراني فالغموض يحيط موقف عمان خصوصاً مع وصول رئيس وزراء بريطانيا الجديد جونسون وحرب الناقلات، فالاردن يراقب التطورات بهرمز عن كثب.
خلوة واشنطن تمخضت عن خريطة الطريق الصحيح، التي سينال ثمارها الأردنيين قريبا، فدولة الرفاه ستكون بمتناولهم قريبا والملك عبدالله الثاني هو صانع المطر بمشيئة الله وللحديث بقية ان كان في العمر بقية.