خاص - عيسى محارب العجارمة - معبد الاردنين وغار حرائهم، منذ قيام الإمارة وحتى اللحظة، يهرعون إلى افيائه مع كل تكبيرة للمؤذن، فجراً وظهرا وعصرا ومغربا وعشاءا، مصلين معتكفين غارفين من نبع القرأن الكريم، خصوصا بصوت الشيخ البصير كامل اللالا، الذي كنت افزع اليه، بكثير من مواسم الطاعات برمضان، لانقده صدقة الفطر المبارك، لتوزيعها على المحتاجين، فأنا كما العشرات غيري يثقون به ثقة عمياء، فله ولامام وموظفي المسجد الحسيني الكبير، رصيدا كبيراً من المحبة والتقدير.
بغياب صلاتنا بالمسجد الأقصى، كنا ناتيه لنسمع من حناجر أئمته ومصليه الدعوات الصالحات بتحرير الأقصى، وكانت تحج إليه الجموع في بداية الربيع العربي، لتنطلق من ساحات الحسيني، صوب ساحة النخيل طالبة التغيير والإصلاح، وكأنما تعرف انه بوابة الأردنيين ومعراجهم للسماء، فتبح منهم الحناجر والأصوات لهذه الغاية والحاجات من الأمور المدلهمات بعد انهكتهم المداهمات والمؤامرات.
كنت أتى مكتبته في الطابق الثاني، بالثمانينات والتسعينات والتي تفتح أبوابها للساعة الواحدة ظهراً فقط، كون امينها شيخا مسنا وهذه قدرته على الدوام الرسمي، ورغم نظراته الخشنة فإنني اتحداه بالقراءة، لساعتين وأكثر تتخللها صلاة الظهر، ويطلب منا انا وعدد من الرواد النزول لقاعات المصلين، فنرفض ونصلي بالمكتبة لأنها من حرم المسجد، حتى نستغل ما تبقى من دقائق قبل اقفاله العنيف والمستزف لها بالواحدة ظهراً تماماً وكأنها ممتلكات خاصة له، وهذا ما كان يحترق له قلبي ويشتعل، كما حصل بالأمس القريب على التماس الكهربائي الذي أتى على محتوياتها من كتب صفراء قديمة قيمة.
وإنني انعي تلكم الكتب وتلك المكتبة الوطنية العظيمة، فهي لن تعود بورقياتها الصفراء التي اكل عليها الدهر وشرب، فلكم كنت اقلبها برقة وقدسية كسطور كتاب الله المقدس ففيها الإرث المحمدي الشريف.
وكلي أمل بالأعمار الملكي الذي صرح به رئيس الديوان الملكي العامر، بان ترميم المسجد الحسيني ومكتبته ستكون على نفقة جلالة الملك المفدى حفظه الله ورعاه، وإنني على ثقة تامة بأن ذخائر المكتبة النفيسة من أمهات كتب التفسير والحديث، وتراجم الرجال وفقه السنة والتاريخ واللغة والأدب وكافة الفنون والعلوم والمعارف الدينية الشريفة، ستعود والعود احمد.