أول وكالة اخبارية خاصة انطلقت في الأردن

تواصل بلا حدود

أخر الأخبار
مصطفى يشكل الحكومة الفلسطينية الجديدة ويحتفظ بحقيبة الخارجية الحنيفات: ضرورة إستيراد الانسال المحسنة من مواشي جنوب إفريقيا الاتحاد الأوروبي يتصدر قائمة الشركاء التجاريين للأردن تحويلات مؤقتة لتركيب جسر مشاة على طريق المطار فجر السبت وزير البيئة يطلع على المخطط الشمولي في عجلون الحنيطي يستقبل مندوب المملكة المتحدة للشؤون الإنسانية في الأراضي الفلسطينية يديعوت أحرونوت: نتنياهو سيرسل وفدا لواشنطن للتباحث بشأن رفح إزالة اعتداءات جديدة على قناة الملك عبد الله الربط الكهربائي الأردني- العراقي يدخل الخدمة السبت المقبل نحو 8 مليارات دقيقة مدة مكالمات الأردنيين في 3 أشهر إصابة جنود إسرائيليين غرب خان يونس عملية جراحية نوعية في مستشفى الملك المؤسس ديوان المحاسبة يشارك بمنتدى النزاهة ومكافحة الفساد في باريس غرف الصناعة تطالب باشتراط إسقاط الحق الشخصي للعفو عن مصدري الشيكات الملكية الأردنية ترعى يوم في موائد الرحمن مع تكية أم علي أبوالسعود: أستراليا مستمرة في التعاون مع الأردن بالمياه والصرف الصحي هيئة تنظيم الاتصالات تنشر تقريرها الإحصائي حول مؤشرات قطاع الاتصالات للربع الرابع من العام 2023 الفايز ينعى العين الأسبق طارق علاء الدين 90 ألف زائر للجناح الأردني بإكسبو الدوحة الانتهاء من أعمال توسعة وإعادة تأهيل طريق "وادي تُقبل" في إربد
الصفحة الرئيسية ملفات ساخنة الروابدة يتحدث عن أبرز التحديات “السياسية...

الروابدة يتحدث عن أبرز التحديات “السياسية والتاريخية أمام الدولة الأردنية

الروابدة يتحدث عن أبرز التحديات “السياسية والتاريخية أمام الدولة الأردنية

20-05-2019 11:18 PM

زاد الاردن الاخباري -

استعرض رئيس الوزراء الاسبق عبدالرؤوف الروابدة أبرز التحديات الت واجهت الدولة الاردنية منذ نشأتها وحتى يومنا هذا، مشيرا الى أن الأردن وقف صامدا أمام هذه التحديات بحكمة قيادته ووعي شعبه وإلتفافه حول قيادته الهاشمية.

وتطرق الروابدة في محاضرة ألقاها خلال حفل افطار رمضاني أقامه مركز الدراسات الاستراتيجية في الجامعة الأردنية ، الى واقع الحال السياسي والاجتماعي الذي نعيشه حاليا، والذي تداخلت به العوامل الداخلية والخارجية وإختلطت ببعضها لتنتج إنعكاساتها على حياة الناس اليومية، مشيرا الى أن أبرز التحديات الطارئة المستجدة على المشهد العام تتمثل ” السياسية، والاقتصادية، والقضية الفلسطينية”.

وأكد الروابدة أن الأمر يستدعي وضع خارطة طريق واضحة، وبرنامج وطني ذي أبعاد زمنية ثابتة، يتم إقراره على غرار الميثاق الوطني، وتشارك فيه كل القوى والفعاليات الوطنية، وتتبناه الحكومات بإعطائه صيغة تشريعية.

وتاليا نص المحاضرة التي قدمها الروابدة:

بسم الله الرحمن الرحيم

والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء المرسلين النبي العربي الهاشمي الأمين

وعلى آله وصحبه أجمعين

الأخوة أصحاب المعالي والعطوفة والسعادة الكرام

الأحوات والأخوة الحضور الأعزاء

السلام عليكم ورحمه الله وبركاته

وطاب مساؤكم بكل خير ومحبة ونحن نتفيأ ظلال هذا الشهر الفضيل : شهر الخير والرحمة والغفران. وأود القول إنني أكثر ما أكون سعادة وغبطة عندما أكون بينكم لأتبادل الحديث معكم : حوارا ؛ ونقاشا في لقاء أو مناسبة.

واسمحوا لي بالشكر لكم ولأم الجامعات الأردنية ومنبرها مركز الدراسات الاستراتيجية والقائمين عليه ، الذي يحرص دون انقطاع على عقد الفعاليات من مؤتمرات وندوات وحوارات وغيرها، والذي أثبت من خلال التجربة أنه منبر حقيقي للوعي والتقييم وتناول المسائل الوطنية والقضايا الإقليمية ، فكل الشكر والتقدير للمركز على دعوتي للحديث أمامكم اليوم عن العيد الثالث والسبعين لاستقلال المملكة الأردنية الهاشمية.

فيوم الاستقلال قصة كفاح وأمل في الوحدة والحرية والحياة الفضلى، وقصة إرادات وطنية مخلصة، جسّدت آمالها وأحلامها قيادة هاشمية حكيمة؛ فكان لها ما أرادت وطنا حرا كريما مستقلاً.

ففي ذكرى الاستقلال، تمتلىء نفوس الأردنيين فخارا واعتزازا بوطنهم وقيادتهم ، وبما وصلنا إليه من إنجازات متميزة في جميع الميادين، ومن دور وطنيّ بارز في قضايا الأمة والمنطقة والعالم. وذكرى الاستقلال فرصة لمراجعة الواقع واستشراف المستقبل لزراعة الأمل في النفوس. وفي الوقت نفسه، هي فرصة لاستعراض العقبات والتحديات التي علينا مواجهتها، حتى يكون المستقبل أفضل لأجيالنا.

لكل وطن في الدنيا عناصر قوّة ، تمثل شرعيته ، وتضمن له الديمومة والتطوّر. وهذه العناصر في الأردن عديدة، يجب العناية بها والتركيز عليها. ولكن بالمقابل، تتعرض كل دولة الى مظاهر ضعف اصطلح على تسميتها لباقةً بـ “التحديات” . وهذه التحديات، إما ثابتة مستمرة، أو متغيرة تنجم عن أسباب داخلية او خارجية.

الأردن ليس استثناءً، فقد واجهت الدولة الأردنية منذ نشأتها العديد من التحديات البنيوية الداخلية والخارجية، وتتعرض من حين لآخر الى تحديات طارئة مستجدة.

أولاً: التحديات الأساسية

1) التحدي الجغرافي : يقع الأردن في مركز الشرق العربي، وهو نقطة اتصال بين عناصره. كما أدى ذلك الموقع الى أن يجاور الأردن ثلاث دول عربية قوية وكبيرة ، تتباين أهدافها ومواقفها السياسية. أدى ذلك، وانطلاقاً من قدرات الأردن ، الى أن تحاول الدولة التكيف مع الأشقاء والتوافق معها أو مع بعضها على الأقل. هذه العملية الحرجة كانت تتم في معظم الأحيان على حساب المصلحة الأردنية.

وأدى الموقع كذلك الى أن يضم المجتمع الأردني مواطنين من أعراق وأجناس وفئات عديدة، الأمر الذي جعله الأكثر حساسية للتأثر بأي حدث يجري في أي دولة عربية أو إسلامية. كما أدى كذلك إلى أن توجد في الأردن لوبيات فاعلة لبعض الدول العربية.

2) التحدي التاريخي: لما كان الأردن أحد دول بلاد الشام، التي كانت وحدة واحدة قبل التقسيم، فقد سهل ذلك محاولات الاختراق والتأثير، بدعوى أن البعض أصلٌ والآخر فرع، ومحاولات الاستقواء، بدعوى العمل الوحدوي بغض النظر عن المصالح الوطنية.

لقد دعم الإرث النبوي للقيادة شرعية النظام الأردني . ترتب على ذلك تفهم الدولة وتناغمها مع القوى الإسلامية المعتدلة، ما أدى لاحقاً الى خلافات حادة مع بعض الدول العربية والأجنبية التي تناوئ تلك القوى. وتعمّق هذا التحدي حين أصبحت بعض هذه القوى روافد لتنظيمات غير أردنية أو معادية للأردن، تنحو الى العنف.

3) القضية الفلسطينية : إن الأردن أوثق الأقطار العربية ارتباطاً بفلسطين. فهو الأقرب لها من حيث التاريخ والجوار والعلاقات والمصالح والديموغرافيا. ولذا فإن قضية فلسطين قضية وطنية داخلية مركزية وقضية عربية في الوقت نفسه، فقد امتزج الشعبان عبر التاريخ.

تفاعل الأردنيون مع القضية منذ إرهاصاتها الأولى، فكانوا شركاء في جميع مراحلها وبكل الوسائل والسُبل. وفي حرب عام 1948 شارك الجيش الأردني بفعالية مميزة الى جانب الجيوش العربية، رغم شح الإمكانيات، وسانده العديد من المجاهدين. وحافظ الجيش الأردني على القدس العربية، وجزء من فلسطين صار يدعى الضفة الغربية، ومنح الأردن سكانها واللاجئين إليه الجنسية الأردنية. ثم جرت انتخابات في الضفتين ، انتهت بوحدة اندماجية لم تعترف بها دولة عربية. انتهت الوحدة بقرار فك الارتباط الإداري والقانوني عام 1988 نتيجة النضال الفلسطيني لإبراز الشخصية الوطنية الفلسطينية ، وإنشاء منظمة التحرير، واعتبارها عربياً الممثل الشرعي الوحيد للشعب الفلسطيني. ولما صار السلام في المنطقة خياراً استراتيجياً، انضمت المنظمة للقافلة العربية، وانتهى الأمر بقيام السلطة الوطنية على أرض فلسطين. ودخول عملية السلام في نفق مسدود.

وضع هذا الأمر على الأردن مسؤولية مضاعفة ليحافظ على العلاقة مع الأهل ودعمهم ، لحين الوصول الى حقهم في تقرير المصير وإقامة دولتهم المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية. يستمر الأردن في دعم الأشقاء بكل السُبل وفي رعاية وخدمة الأوقاف ، وينهض جلالة الملك بمسؤوليته في الوصاية الهاشمية على المقدسات الإسلامية والمسيحية . كما يتحمل الأردن المسؤولية الرئيسية في موضوع اللاجئين من مواطنيه ومن أبناء غزة أو الضفة.

ثانياً: التحديات المتغيرة

1) التحدي السياسي: تجذرت النظرة العروبية لدى الشعب والدولة منذ نشوئها. فقد أُسندت المسؤوليات لقيادات عربية مدنية وعسكرية وتعليمية. ترتب على ذلك عدم قيام تنظيمات سياسية أردنية حقيقية على أرض الأردن ، سوى أحزاب الأشخاص التي تقوم وتنتهي بسرعة. كانت التنظيمات السياسية الأردنية روافد للتنظيمات الأيديولوجية على الساحة العربية أو الدولية. كما توارت أو وئدت الهوية الوطنية الأردنية التي لم تظهر إرهاصاتها إلا بعد بروز الحركة الوطنية الفلسطينية على أرض الأردن.

إن الهوية الواحدة هي الأساس الجامع لبناء الوطن في وحدة واحدة غير قابلة للتقسيم، وهي حق مطلق لكل من يحمل الجنسية الوطنية. ولا يجوز أن تعيش الى جانبها هوية وطنية أخرى، حتى لا يكون ذلك سبيلاً لتقسيم المجتمع، وسبيلاً لاستقواء البعض بالإقليمية. إن الرد الحقيقي على حلم العدو بالوطن البديل يكون بتعزيز الهوية الأردنية والهوية الفلسطينية، كل منهما على أرضها، وفي ذلك مصلحة وطنية أردنية عليا لحماية الأردن وأمنه وسيادته من عبث الأطماع الإسرائيلية.

إن بطء تطور العملية الديمقراطية وتراجعها أحياناً، واستقواء بعض مراكز القوى عليها، وغياب الحركة الحزبية الفاعلة أو تشظيها ، أدى الى بروز قوى هامشية هلامية ، وتراجع دور القيادات السياسية. وعزز ذلك غياب الحكومات السياسية لحساب الحكومات التقنوقراطية التي عجزت عن فتح الأبواب لعلاقات إيجابية مع الجماهير، فتراجعت ثقة المواطن بمؤسسات الدولة.

أما أخطر التحديات ، فهو ما سينجم عن المشروع الأميركي بتصفية القضية الفلسطينية ، والذي أطلق عليه ” صفقة القرن” . لقد أجّل الأشقاء الفلسطينيون بعض قضايا الحل الى المرحلة النهائية. انتهز ترامب الفرصة السانحة، وهو يرى تداعي النظام العربي ، واحتدام الصراعات العربية بشكل أزاح القضية مع المحتلين عن صدارة قائمة الأولويات . بدأ بإنهاء تلك القضايا واحدة بعد أخرى حتى لا تبقى مجالاً للتفاوض. القدس وحق العودة والمستوطنات والأمن والحدود، وأضاف إليها الجولان السوري. ارتاح كثيراً وهو يرى رد الفعل العربي الضعيف، ومحاولات البعض اختراق قواعد الصراع مع العدو. بقيت لديه قضية واحدة؛ وهي إدارة مصير الفلسطينيين في الضفة والقطاع بشكل يضمن أمن اسرائيل. إن الرفض المطلق لهذا المخطط سيأتي من الأردن والفلسطينيين على الأرض الفلسطينية. لقد أعلن جلالة الملك الرفض التام لآثار المخطط في موضوعات القدس والوطن البديل والتوطين. إلا أن الإعلان المتوقع بعد رمضان للصفقة سيجد الرفض المطلق من الشعب الأردني، وسيجري استغلال شكل الرفض وأسلوبه من قوى عديدة يتوقع أن تزعج الدولة الأردنية.

2) التحدي الاقتصادي: وهو تحد طويل المدى منذ التأسيس، ناجم عن ضعف الموارد الطبيعية ونقص المياه. يتظاهر هذا التحدي بالبطالة والفقر وارتفاع المديونية وتزايدها المتسارع بالأرقام المطلقة ، وعجز الموازنة المتراكم. وبالرغم من الجهود والتشريعات، فما زال الاستثمار دون الهدف المنشود في المجال الصناعي، ومعدوماً في مجال الزراعة، وضعيفاً في مجال السياحة. انصب الاهتمام على العقار، الأمر الذي أدى لارتفاع خيالي في أسعار الأراضي والشقق، أضعف قدرة المواطن على تأمين السكن المناسب . زاد الطين بِلّة بالهجرتين: العراقية والسورية.

أدت الحاجة الى الاستثمارات في مرحلة سلفت الى استقواء رأس المال، وتحكمه بمفاصل الاقتصاد الوطني ، وتمرير القوانين المؤقتة التي تخدمه. وترافق كل ذلك مع استشراء الفساد المالي واختراقه مفاصل الإدارة الوطنية، ونشوء قوى هامشية جمعت المال بأساليب ملتوية، وأصبحت مراكز قوى اقتصادية وإدارية وسياسية. أقامت الدولة مؤسساتها لمكافحة الفساد الى جانب ديوان المحاسبة صاحب السلطة الدستورية ، إلا أن دورها لم يحزعلى ثقة المواطن بجدية تامة تطال كل القضايا والمشاريع.

3) التحدي الإداري: تراجعت الإدارة الأردنية التي كانت متميزة، وأصبحت تعاني عديداً من الأمراض البنيوية:

أ‌- تم التجرؤ على الهيكل التنظيمي للدولة ولكل وزارة ودائرة ، وجرى التغيير مع كل وزير او قائد إدارة جديدة ، الأمر الذي أدى الى أن يفقد المواطن والموظف البوصلة لتعدد الهياكل.

ب‌- جرى اختراع سلالم عديدة للرواتب بدعوى مكافأة الخبرات ، فاختلت قناعة الموظفين ، بدأت عملية الاستزلام لمراكز القوى للفوز بالمواقع والرواتب العالية ، فأدى ذلك الى إحباط موظفي الخدمة المدنية.

ج- جرى تحديد علاوات مجزية لبعض المهن بدعوى أهميتها او قدرتها على الضغط بواسطة نقاباتها. أصبح التمايز في دخول الموظفين كبيراً، جرى تجاوز مهمة كالتعليم ، فاختل ميزان التعليم الجامعي بسبب الإقبال على الدخل العالي والعزوف عن المهن الأخرى ، إلا لمن تدنى معدله في التوجيهي.

د‌- تميز التطوير الإداري بالنمو البرعمي بخلق دوائر ومؤسسات تفصّل على المقاس لمهمة أو شخص أو لحل مشكلة تفاقمت. وامتد هذا الأمر للحديث عن استقلالية المؤسسات المستحدثة ، فتحوّلت الى إمبراطوريات لا تلتزم كثيراً بخطط الدولة، وبضعف الإشراف العام عليها. اختلت عملية المساءلة بافتعال الربط الإداري برئيس الوزراء.

4)التحدي التربوي: المؤسسة التربوية مؤسسة محافظة بطبيعتها ، ولذا يجب أن يكون التطوير متدرجاُ، وينطلق من بناء قناعات ذاتية عند الجهاز التربوي. إن النقلات الفجائية الصادمة تفقد المعلم البوصلة. فالفكر التطويري يجب أن يكون مؤسسياً لتربية قناعات تربوية وسياسية واجتماعية تضمن استمراره، ويجب أن يكون واقعياً بعيداً عن المظهرية والنظريات المجردة التي يجب مواءمتها مع قدرات المؤسسة التربوية.

أبدعنا في إعداد المناهج والكتب المدرسية ، وإن شاب بعض تطوير المناهج مظهرية إعلامية وتعددية في مراكز المسؤولية. إلا أن المعلم، وهو عماد العملية التربوية ، بقي الى حد كبير بعيداً عن عملية التنمية والتطوير من داخل المؤسسة التربوية. مازال المنظرون التربويون يتحدثون عن الفكر المستقبلي ، إلا أن المعلم في الميدان ما زال يعمل بالأسلوب والمفاهيم نفسيهما. ولم تعد تتوفر للمعلم مصادر رضى كافية من حيث بيئة العمل والرواتب والحوافز ، وإمكانيات الترفيه. وأصبحوا يعانون من القيادات التربوية وأولياء الأمور والطلبة. قلّ الإقبال على المهنة ، وتراجعت الهيبة والمكانة الاجتماعية، ودخلنا دوامة الدروس الخصوصية التي تدمر العملية التربوية ، وترهق أولياء الأمور. والأعجب أننا بدأنا نشهد طبقية في التعليم بنشوء مؤسسات تربوية خاصة ذات نظم تعليمية دولية وبرسوم باهظة، يتأهل خريجوها للدراسات العليا في الداخل والخارج ، ويصبحون قيادات المستقبل على حساب أبناء المواطنين العاديين من خريجي مدارس الحكومة.

لقد تطورت نظرية التعليم للجميع، الى التعليم المتميز للأقدر مالياً ، وسوف يتبع ذلك استقطاب هؤلاء للوظائف المتميزة في القطاعين العام والخاص.

5) التحدي الاجتماعي: بعد تراجع الحركة الحزبية: محلياً وإقليمياً ، تجري العودة الى عناصر التجمع التقليدية، حيث يجد الإنسان حمايته ومجاله للتعبير ، وتتوفر له إمكانية الاستقواء على الدولة والآخرين. بدأنا نشهد منذ فترة محاولات البعض للاستقواء بالعشائرية والجهوية والإقليمية، ومن عجب أن تقوم أحياناً مؤسسات مجتمع مدني تتلقى أحياناً الدعم من قوى خارجية لا مصلحة لها بالوحدة الوطنية في الأردن. والأعجب أن تمارس ذلك قيادات سياسية وإدارية كانت من صناع القرار ردحاً من الزمن. يتعزز هذا التشظي بأن الحكومات غالباً ما تستجيب لذوي الصوت العالي.

يترافق كل ما سبق مع اختلال في منظومة القيم والتقاليد العربية والإسلامية ، واستشراء قيم المجتمع الاستهلاكي المنفلت، وانتشار ثقافة العيب، وفي أحيان كثيرة تقبّل ظاهرة الفساد المالي والإداري والاستفادة منها ، وانحسار ظاهرة رفضها ومحاربتها.

6) تحدي التطرف: يجتاح التطرف العقدي العالم منذ مدة طويلة ، ولن يبقى مجتمع في منأى منه، على اختلاف في السبب والدرجة والأسلوب. إن التطرف نتيجة حتمية لجميع الإحباطات الداخلية في الدولة. يزيد من حدة التطرف الرعب من المجهول ، وعدم الاطمئنان للمستقبل ، وسرعة التغيير واختلال المستقر من قواعد الصراع مع الأعداء والرعب من الاستقواء الخارجي ، وانتشار الأسلحة المدمرة والأمراض الفتاكة والمخدرات.

بدأت هذه الظاهرة بالتسلل الى المجتمع الأردني منذ مدة. كان يتجلى ظهورها ، كما في البدايات في مواقع أخرى، بالتصرفات الاجتماعية او اللباس او عناصر التجمع والتثقيف والتربية. إلا انها بدأت تتظاهر بتنظيمات تخرج على المجتمع وترفض مقاييسه. بدأت تمارس العنف والتدمير الذاتي، وتشارك في أحداث ومعارك في دول أخرى. وبدأنا نرى الى جانب ذلك عنفاً مجتمعياً تغلغل حتى وصل الى مراكز التعليم.

ليس بالإمكان اقتصار مواجهة هذه الظاهرة على الأجهزة الأمنية، وإنما يجب تحصين المجتمع ضد استيرادها والتأثر بها واقتدائها. لكن الخطير في الأمر أن مؤسسات التربية والثقافة والتوجيه الديني ، المفترض فيها تعزيز الحصانة الوطنية ، غدت في أحيان عدة مراكز لتفريخ التطرف، ترعاه ، أو تكافئ المتطرف، قناعة بعمله او إكتفاء لشرّه.

الإخوة و الأخوات

إن الحديث عن التحديات ليس دعوة للإحباط، وإنما هو دعوة للتفكير الجاد بمواجهتها. فأسلوب المواجهة هو الذي يحدد ما اذا كانت تلك التحديات عناصر ضعف أو أسباب قوة. إنما السكوت عليها و عدم التصدي لها بواقعية وفاعلية يجعلها عوامل تؤدي إلى تعاظم هذه التحديات وتحوّلها لمشكلات مزمنة وتآكل البنية الوطنية وإضعاف التلاحم المجتمعي، أما تحديدها بوضوح والتصدي لها بوعي و إضعاف آثارها، فإنه يكون بدايةً العلاج ويؤدي إلى تجذير التلاحم الوطني والاستقواء على كل القوى و الجهات والعناصر التي تحاول التأثير في القرار الوطني.

إن الأمر يستدعي وضع خارطة طريق واضحة، وبرنامج وطني ذي أبعاد زمنية ثابتة، يتم إقراره على غرار الميثاق الوطني، وتشارك فيه كل القوى والفعاليات الوطنية، وتتبناه الحكومات بإعطائه صيغة تشريعية، ومن عناصره:

1.حكومات سياسية كفوءة إدارياً وفنياً، تمارس ولايتها العامة وفق أحكام الدستور والقانون، بالتعاون والتوازي مع السلطة التشريعية .

2.وضع قانون انتخاب توافقي، يمثل بصدق واقع الوطن و تطلعاته، و يستفيد من التجارب السابقة، ويحرك الأغلبية الصامته لضمان التمثيل الأشمل والأوسع. والمحاربة الجدية للمال السياسي والتدخل في الانتخابات.

3.تشجيع الحركة الحزبية، من خلال قانون الأحزاب، يضمن جدية تشكيلها واتساع قاعدتها، والتقليل من أعدادها بتوحيد المتماثل منها، لضمان دور فاعل لها في الحياة العامة.

4.التطوير الجدي للإدارة العامة ، بوضع هيكل ثابت لها ، وخضوعها التام لمجلس الوزراء ورقابة مجلس الأمة ، واختيار القيادات العليا على أساس الكفاءة والنمو الطبيعي والتدرج الوظيفي.

5.وضع قانون جديد للإدارة اللامركزية ، يضمن المشاركة في القرار ، وعدم الاكتفاء بالمشاركة بالرأي، وتوفير تنسيق حقيقي بينها وبين المجالس البلدية باعتبارها مؤسسات أهلية.

6.تقوية الهيئات المسؤولة عن النزاهة ومكافحة الفساد ، بأن تكون مؤسسات قضائية توحي بالثقة في جدية المكافحة.

7.وضع خطة اقتصادية شاملة تكفل توزيع مكاسب التنمية بعدالة ، والحد من الإنفاق ووقف مشاريع الهدر غير المجدية ، وإقرار الخطة تشريعياً.

8. تعزيز ثقة المواطن، وتوفير الانضباطية العامة وفق أحكام الدستور والقانون .

9. وحدة التوجيه الديني عبر جميع مؤسسات الدولة، وتوفير كفاءات الوعظ والإرشاد، ومكافحة التطرف بنشر مبادئ الاعتدال والوسطية.

10.إنشاء منظمة شبابية واحدة تجمع الجهود المتعددة ، وتصعيد القيادات الطبيعية ، وإعادة العمل بمعسكرات الشباب، ودعم الرياضة.

11.توحيد مرجعية الإعلام الرسمي، وتوفير القيادات المسيسة الكفوءة.

هذه أفكار أولية وتصورات مبدئية تحتاج لدراسة واسعة ومشاركة تامة لتجويدها وتحسينها، عسى أن يكون فيها الخير لبلدنا، فتعود عليه ذكرى الاستقلال وهو الأبهى والأحلى الذي تلذ فيه الحياة للمواطن والزائر في ظل قيادة جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين المعظم حفظه الله .

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

وتاليا كلمة الدكتور موسى شتيوي مدير مركز الدراسات الاستراتيجية :

دولة الأستاذ عبدالرؤوف الروابدة الأكرم

عطوفة الأستاذ الدكتور عبدالكريم القضاة، رئيس الجامعة وراعي الحفل

أصحاب المعالي والعطوفة والسعادة المحترمون،



الزميلات والزملاء الحضور الأعزاء



طاب مساؤكم الرمضاني هذا بالخير والسعادة، ويسرني أن أتقدم بالتهنئة لـ قائد الوطن والشعب الأردني وأسرة الجامعة وشركاء المركز وأصدقائه وأسرته مرتين: الأولى ونحن نعيش أجواء هذا الشهر: شهر المحبة والتسامح والصبر والأخوّة ، والمناسبة الثانية

بالعيد الثالث والسبعين لاستقلال مملكتنا الأردنية الهاشمية أعّزها الله وحفظها من كل سوء ومكروه، وأدام رفعتها وازدهارها، وهي تشق طريقها بعزة وثبات وتطور ومواقف عربية ودولية نفتخر بها ونباهي الأمم والشعوب.

يشرفني أن أرحب اليوم بدولة الأستاذ عبدالرؤوف الروابدة، الذي لبّى دعوة المركز مشكوراً بإلقاء محاضرته حول التحديات التي تواجه الأردن . ودولة أبو عصام – أطال الله في عمره – غني عن التعريف، فنحن، في المركز عرفناه صديقاً ناشطاً ومشاركاً للمركز في حواراته الفكرية وفعالياته المتخصصة وندواته ومؤتمراته العلمية، تبوأ العديد من المراكز في الدولة الأردنية، تطول قائمة تعدادها، لكن أبرز محطاته كانت في توليه رئاسة أول حكومة في عهد جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين المعظم، حفظه الله ورعاه، وأمانة عمان الكبرى، وبرلماني مخضرم، وغيرها من المناصب العليا.

ولا يفوتني أن أرحب أيضاً بعطوفة الأستاذ الدكتور عبدالكريم القضاة، رئيس الجامعة، الذي يحرص على إيلاء المركز دعمه واهتمامه.

كما أشكركم جميعاً – حضوراً وضيوفاً – على تلبيتكم دعوة المركز الذي يحرص على تكريس الحوارالعقلاني المثمر والمفيد من أصحاب القرار والاختصاص والرأي، ليكون منهجاً راسخاً ورسالة حضارية، وعلى أن يبقى منارة بحث ورصد وتحليل علمي للتحديات والقضايا التي تشغل الوطن والمواطن.

دولة الضيف العزيز،وتشغلكم هموم الوطن مثلما تشغل الأكاديميين والنخب السياسية والفكرية، وأنت رمز من رموزها، لتحصين الوطن، وتوسيع الرؤى، ومواجهة الصعاب بثقة واقتدار، لأنه ليس هناك ما نعتمد عليه سوى أنفسنا، وحسن تقديرنا ودقة أدائنا فيما نحن مقبلون عليه من استحقاقات تقتضيها طبيعة المرحلة. أهلاً وسهلاً بكم و واترك الحديث الشيق والتحليل المعمق لدولتكم.





تابعونا على صفحتنا على الفيسبوك , وكالة زاد الاردن الاخبارية

التعليقات حالياً متوقفة من الموقع