أول وكالة اخبارية خاصة انطلقت في الأردن

تواصل بلا حدود

أخر الأخبار
قتيل وجرحى بغارة إسرائيلية على جنوب لبنان 700 ألف مصاب بأمراض معدية في قطاع غزة الاحتلال يرتكب مجزرة بقصف قوة شرطية بغزة الحكومة: محاولات للتحريض على الدولة ومعاهدة السلام سبيل للضغط على إسرائيل التنمية تضبط متسوّل بحوزته 6288 دينار 10 شهداء بقصف إسرائيلي بمحيط مجمع الشفاء 8 شهداء بينهم 5 أطفال بقصف إسرائيلي شرق مدينة غزة عائلات المحتجزين من الجنسيتين الأميركية والإسرائيلية ينتقدون نتنياهو نتنياهو: الولايات المتحدة لا تمارس ضغوطا كافية على قطر الأردن ينفذ 8 إنزالات جوية على شمالي غزة بمشاركة 6 دول ارتفاع إجمالي الدين العام في الأردن إلى 41.18 مليار دينار حتى نهاية العام الماضي "طقس العرب" يحذر من موجات غبارية في مناطق بالأردن السبت غالانت يتلقى عبارات قاسية تجاه إسرائيل 125 ألف يؤدون صلاة الجمعة الثالثة من رمضان في المسجد الأقصى مسيرات تضامنية بمحافظات عدة عقب صلاة الجمعة إسنادا لغزة تعرض أربعينية لإصابة بليغة بعد أن أسقط عليها شقيق زوجها أسطوانة غاز من الطابق الثاني في إربد بايدن: دول عربية مستعدة للاعتراف بإسرائيل ضمن اتفاق مستقبلي البرلمان العربي والاتحاد البرلماني الدولي يبحثان التعاون المشترك 15 شهيدا وعشرات الجرحى جراء قصف الاحتلال نادي الشجاعية بغزة دول منظمة الصحة تفشل في التوصل إلى اتفاق على سبل مواجهة الجوائح

رمّانة أرمنيّة

22-04-2019 07:11 PM

زاد الاردن الاخباري -

د . عودة أبو درويش - مرّت سنوات عديدة ، قبل أن أعود في ذاكرتي الى شجرة الرمّان التي زرعتها جدّتي قبل وفاتها . كانت مع بعض الأشتال قد أحضرتها من البساتين الحجازيّة . تحمل الأشتال في يدها اليمنى وعلى رأسها ربطت منديلا كبيرا ، فيه أعشاب لإطعام بضع رؤوس من الماعز تنتظرها في حظيرة صغيرة . اهتمّت جدّتي بشتلة الرمّان . لم تسمح لي أن أزرعها بيدي ، ولكنّها طلبت منّي أن أحفر حفرة في الحوش ثمّ أضع عليها كميّة من سماد زبل الماعز ، شارحة لي أنّ التربة لا تعطي للشجرة التغذية المطلوبة ، فيجب أن تضاف كميّة من السماد الطبيعي حتّى تنمو وتكبر . لم أسألها ، ما الذي يجعلها تزرع رمّانة تحتاج الى سنوات حتّى تثمر ، لأنّي كنت أعتقد جازما أن جدّتي القويّة ستعيش سنوات طويلة وتأكل من ثمرها عدّة مرّات .
كانت طفلة لمّا وصل بها القطار الى جرف الدراويش ، مع مجموعة من النساء والأطفال والشيوخ ، ممن كتب الله لهم عمرا بأن يبقوا أحياء بعد أن قطعوا مسافات طويلة من قراهم وبلداتهم عند سفح جبل أرارات ، ليس معهم من متاع الدنيا الّا شيء قليل من الطعام ، وبعض مما يتحسّن عليهم به بعض الناس الذين يرجون أن يكتب الله لهم حسنات . تفرّق جمع أقربائهم في عين العرب ، حيث مفترق طرق القطار ، بعضهم ذهب الى شمال سوريّا والآخرين الى سهل بعلبك وقليل استمروّا في مسيرهم الى دمشق ثمّ بادية الشام ، ومن جرف الدراويش انتقلوا الى معان ، وقد كانت حاضرة الصحراء وملتقى طرق الحجيج . اهتمّ بهم الناس ورعوهم ، مع أنّهم لا يعرفون من اللغة العربيّة الّا قليل ، ولم يفهموا اللهجة المحليّة الّا بعد جهد جهيد .
اختارها جدّي لأبي كي تكون زوجته وقد كان تاجرا للأغنام ، يتنقّل بها من نجد الى بادية الشام ويبيعها في بئرالسبع ، ويجلب معه من غزّة بضائع مختلفة يبيعها في معان . لم تشكو جدّتي يوما من معاملة سيّئة ، ولا من شحّ في الاحتياجات المعيشيّة . ومع أنّ الناس في الدولة الأردنيّة الناشئة ، كانوا يعيشون في ظروف قاسية ، وقلّة في الموارد ، الّا أن غرفتها المبنيّة من الطين ، كان فيها أساسيات الحياة ، فهي خبيرة في تحويل الفواكه الى مربّى ، وفي حفظ الأغذية من التلف بدون ثلّاجة ، وفي جزّ الصوف وتنظيفه واستخدامه في وسائل النوم ، وتجد في صندوقها حلويّات من ذلك الزمن الجميل . وكانت اينما حلّت تزرع أشجارا مختلفة وتقول ، لعلّ أحدهم يأتي فيأكل منها ويدعوا لنا .
كانت جدّتي تشتاق الى بلادها وأهلها المتفرّقين في البلدان ، وقد أخذت تكتب لهم رسائل بخطّ جميل بلغتها الأرمنيّة بعد أن عرفت عناوينهم ، فأتعجّب أنا ، لأنّي كنت أعتقد أنّ المدارس لم تكن موجودة في زمانهم . حكت لي كثيرا عن طفولتها ، وعن بيتهم الكبير ، وأباها وجيه البلدة ، الذي كان يحلّ مشاكل الجميع ويساعد من يأتي اليه طلبا للمساعدة . وأنّها كانت تلعب في صحن الدار عندما جاء العسكر ، فأخذوا أباها ، الذي لم تراه بعدها ، وأمروهم أن يجهّزوا أنفسهم للسفر ، من غير أن يعرفوا اتجاه سفرهم . لم تأخذ معها من ألعابها شيئا ، ظنا منها أنها ستعود الى بيتهم بعد قليل .
تنّهدت جدّتي بعد أن أنهيت وضع التراب على شجرة الرمّان الوليدة . شبّكت أصابع يديها ، ثم أخذت تحرّك ابهام اليد اليسرى فوق ابهام اليد اليمنى بحركة دائريّة وتقول ، لا تنسى أن تدعوا لي بالرحمة وأنت تأكل من ثمرها . جرت عدّة محاولات لاقتلاع شجرة الرمّان من مكانها ، ليحلّ الاسمنت محلّها الّا أنّ جذورها تنبت من جديد معلنة رغبتها في الحياة ، وأنّ ما زرعه الأجداد لا يمكن أن يقتلعه الأحفاد ، وان حاولوا ألف مرّة .








تابعونا على صفحتنا على الفيسبوك , وكالة زاد الاردن الاخبارية

التعليقات حالياً متوقفة من الموقع