بقلم المخرج : محمد الجبور - كلما أمعنت النظر في أمر الأمة العربية لاحظت بكل ألم أنها تنحدر نحو الانقراض التدريجي منذ فترة طويلة وكلما تقدم الزمن ولاسيما إذا قارنا جمودها المحزن أو تراجعها المؤسف بالحركة المتفجرة التي يجري بها العالم المتقدم نحو الأمام بسرعة هائلة الأمر الذي يؤدي إلى زيادة الفجوة الحضارية بين الطرفين وبالتالي إلى ما يلاحظ اليوم و بكل وضوح من التبعية السياسية والاقتصادية والعلمية والثقافية التي تزيد من التخلف وهكذا تعود هذه الدورة القاتلة التي تكرر نفسها حتى أن بعض المنجزات التي حققتها هذه الأمة وخاصة الاستقلال تحولت فيما بعد إلى استبداد من جانب السلطات الحاكمة وإلى تبعية داخلية أو تبعية خارجية واستعمار جديد؛ بثوب معاهدة تعاون عسكري أو اقتصادي أو ثقافي أو تطبيع الخ ... إن هذا الموضوع الشائك من قومية و إنسانية يحرص على السعي إلى إيجاد وسيلة للخروج من هذه الأزمة ولئن تعرضت لعلامات انقراض فيجب التنبيه والإنذار قبل فوات الأوان فضلًا عن شحذ الهمم وتكريس الجهود والحث على التواصل إلى إيجاد حلول علمية يمكن أن تنقذ الموقف بعد تحليل الإشكاليات التي يتعرض لها الوطن العربي وتفسيرها وتنظيرها كما أنها تمثل انتفاء من الهم الذي تحمله هذه الأمة المنكوبة بالآخر ، فحسب الآخر الذي انتهك أرضها ونهب خيراتها و أذل شعبها واخترق كيانها بل المنكوبة بالأحرى بالأنا بوجه خاص أي المنكوبة بأهلية زعمائها و حكامها بل معظم حكامها وشيوخها و الكثير من مثقفيها ونخبها المتعلمة دع عنك سواد الناس البسطاء الذين يخيم عليهم الجهل (نصف سكان العرب تقريبًا أميون ) وغالبًا ما أتذكر بمرارة القول المأثور: "يفعل الجاهل بنفسه ما لا يفعله العدو بعدوه" لو استمرت هذه الأمة على هذه الحال الذي يزداد تفاقمًا بمرور الزمن فلا مناص من انحدارها نحو الانقراض كما انقرض قبلها أمم كثيرة، هذا إذا لم نقل أنها تنحدر فعلًا في هذه الهاوية منذ فترة طويلة وهذا ما يشير إليه صراحة المؤرخ (أرنولد توينبي ) الذي يحصر الحضارات التي ظهرت ب 21 حضارة انقرضت منها 14 حضارة ولم يبق منها إلا سبع أو ست؛ منها تمر بدور الانحلال وهي: (العربية ) الإسلامية والأرثوذكسية المسيحية البيزنطية والمسيحية الروسية والهندوكسية والصينية والكورية اليابانية أما السابعة فإن مصيرها مايزال مجهولًا حسب رأيه وليس من الضروري أن يكون هذا الانقراض الذي تتعرض له الأمة ماديًا أو جسديًا مع أن ذلك يشكل جزءًا مهمًا منه بل قد يكون جزؤه الأكبر ذوبانًا في المجتمعات الجديدة المسيطرة والمتفوقة أو خضوعًا تامًا لها بحيث يصبح أبناؤها أدوات أو قوى عاملة رخيصة كما يحدث اليوم وهكذا يمكن تقسيم مظاهر انقراض هذه الأمة بوجه عام إلى مادية ومعنوية واقتصادية وتكميلية وقد تتداخل هذه المظاهر في الغالب معًا.