أول وكالة اخبارية خاصة انطلقت في الأردن

تواصل بلا حدود

أخر الأخبار
سلطة إقليم البترا: خفض أسعار تذاكر الدخول للمواقع الأثرية السبت .. ارتفاع على درجات الحرارة غالانت وبن غفير «يعبثان» بأوراق خطرة… الأردن: ما الرسالة ومتى يعاد «الترقيم»؟ “اخرسي ودعيني أكمل” .. احتدام النقاش بين البرغوثي ومسؤولة إسرائيلية على الهواء (فيديو) العين العبادي يؤكد دستورية المادة (4/58) من قانون الانتخاب الأردنيان حماد والجعفري إلى نهائي الدوري العالمي للكاراتيه ما سقط "في العراق" يكشف أسرار ضربة إسرائيل على إيران أول خبر سار لعشاق الصيف .. حرارة أربعينية تُطل برأسها على الأردن باحث إسرائيلي: تل أبيب فشلت بشن هجوم كبير على إيران الرئاسة الفلسطينية تدين عدوان الاحتلال الإسرائيلي على مدينة طولكرم غوتيريش يدعو لوقف دورة الانتقام الخطيرة في الشرق الأوسط طبيبة أردنية عائدة من غزة تصف معاناة النساء في القطاع إصابتان برصاص مجهول في إربد جماعة يهودية متطرفة تقدم مكافأة مالية لمن يذبح قربانا بالأقصى انتشال جثة شاب عشريني من مياه سد وادي العرب إثيوبيا تستفز مصر مجدداً: من أين لكم بمياه لزراعة الصحراء في سيناء رجل يحرق نفسه أمام محكمة ترامب - فيديو. هآرتس تكشف بناء بؤرتين استيطانيتين في غزة. أسطول الحرية يستعد للإبحار من تركيا إلى غزة. 100 عمل مقاوم في الضفة الغربية خلال 5 أيام.
من لهط ذهب افغانستان وبترول العرب ؟
الصفحة الرئيسية آراء و أقلام من لهط ذهب افغانستان وبترول العرب ؟

من لهط ذهب افغانستان وبترول العرب ؟

12-09-2018 12:33 PM

يضم البلقان الأوراسي أفغانستان وجوارها فيما يعرف بآسيا الوسطى والتي خطط مستشار الامن القومي الأمريكي بريجنسكي احتلالها عام 1997 للوقوف بوجه روسيا والصين بحينه، ثم تركيا وإيران لاحقا كما يحدث اليوم بشدة، ويكشف هذا المقال الطويل حد الملل الشديد والهام جدا حقيقة أمريكا المخادعة، التي رعت ولا زالت الإرهاب لسرقة ذهب الأفغان وبترول العرب.


فرغم انقضاء فترة طويلة على احداث 11 سبتمبر، الا ان اللغز لا زال بحاجة لحل الكثير من طلاسمه، ويحتاج لتسليط الضوء عليه باستمرار لأخذ الدروس والعبر، والتي لم تنتهي من حينه، ويبدو ان تداعيات هذا الحدث الكوني الهائل، في مسار خريطة الحرب على الإرهاب، لا زالت ماثلة للعيان وبقوة.ويبدو أن «واشنطن» لم تأخذ ملاحظات الفريق الذي كان يديره «بيل كيرتز» (الضابط السابق بمكتب التحقيقات الفيدرالي/ إف بى آى)، قبل هجمات 11 سبتمبر على محمل الجد(!).. أو هكذا بدا فى حينه(!)


ففى يوليو من العام 2011م. كانت الصدمة شديدة التأثير على الفريق الذي يديره «كيرتز»، عندما تم تجاهل توصياتهم بشكل تام(!).. إذ فى تلك الأثناء، كان أنْ دَوَّن أحد أعضاء فريق مكتب التحقيقات الفيدرالي (ويُدعَى «كينيث ويليامز») ملاحظة تقول: [إنَّ شيئًا غريبًا يحدث.. إذ إنّ عددًا كبيرًا من «المشبوهين» يسجلون لدراسة كيفية قيادة الطائرات].. وكان أن أوقدت تلك الملاحظة شكوك العميل الأمريكي، بشكلٍ أكبر، عندما سمع بأنّ بعض الرجال في جامعة «إمبرى/ ريديل» للطيران كانوا يطرحون الكثير من الأسئلة حول أمن المطار(!)

وقتها.. اقتنع «كيرتز» (الذي عمل بالسابق داخل وحدة «أسامة بن لادن» في قسم مكافحة الإرهاب الدولى) أنه وزملاءه ربما يكونون قد تعثّروا بشيءٍ أكبر(!).. وعلى الفور، أرسل «فريق كيرتز» (وفقًا لما تم تسريبه إعلاميّا، فى حينه) مذكرة تتحدث عن إمكانية استخدام «بن لادن» لمدارس الطيران بالولايات المتحدة؛ لاختراق نظام الطيران المدني بالبلاد.. واقترحت المذكرة أن يشدد مكتب التحقيقات الفيدرالي مراقبته لمدارس الطيران وجامعاته بطول البلاد وعرضها.


لكن.. كان أن لاقَى «فريق كيرتز» (بحسب القصة التي نشرتها مجلة «نيوزويك» بعد 9 أشهر من الحادث) مصيرًا أسوأ من مصير «كساندرا» (تلك العرّافة التي تتنبأ بالكوارث، ولا يصدقها أحد).. إذ لم يقتصر الأمر على عدم تصديقهم فقط، بل لم تُعر الدوائر الاستخبارية العليا، و«وكالة الاستخبارات المركزية» (التى كان يديرها، وقتئذٍ، جورج تينيت) الأمرَ أىَّ اهتمامٍ يُذكر.


وإلى جانب ما تم تسريبه للشارع الأمريكى، عن تقرير «مكتب التحقيقات الفيدرالى»؛ كان أنْ علمت أمريكا [للمرّة الأولى] فى مايو من العام 2002م، أن الرئيس الأمريكى «جورج بوش» (الابن) تلقّى، أيضًا، فى 6 أغسطس من العام 2011م (أى قبل الأحداث بشهر واحد) إيجازًا رئاسيّا (Brief) حول إمكانية اختطاف طائرة [كتهديد محلى].. وكان بوش - وقتها - بمزرعته الخاصة فى تكساس.. بَيْدَ أنّ وزيرة الخارجية «كونداليزا رايس» قالت إنّ «إيجاز 6 أغسطس» لم يكن إلا تقريرًا تحليليّا عن أساليب «بن لادن» فى العمل، تحدث عمّا كان قد فعله تاريخيّا.


وعندما بدأ الشارع الأمريكى فى التساؤل عمّا كانت تعلمه «إدارة بوش» قبل أحداث 11 سبتمبر، وتم إخفاؤه؟!.. كان أن بدأ عديدٌ من الروايات [الرسمية] يُشكك فى وجود أدلة سابقة على أحداث 11 سبتمبر، من حيث الأصل(!).. وأبدَى مدير مكتب التحقيقات الفيدرالى، نفسه «روبرت مولر» استياءه من الطريقة التى تعامل بها المكتب داخليّا مع الأمر، وقال (خلال مؤتمر بعد 6 أيام من الهجمات): «لم يكن هناك إشارات إنذار، أعلم عنها، يُمكن أن تُشير إلى هذا النوع من العمليات فى البلاد»(!)


.. وهو ما أكدت عليه - كذلك - كونداليزا رايس، بعد أشهر؛ إذ قالت: «لا أظن أنّ أحدًا كان يُمكن أن يتكهن بأن هؤلاء الأشخاص سيأخذون طائرة ليصدموها بمركز التجارة العالمى.. كل التقارير عن الخطف كانت تدور حول خطف الطائرات التقليدى»(!)

كانت حالة الجدل التى شهدها «المجتمع الأمريكى» حول [حقيقة المعلومات] المتوافرة لدَى أجهزة الاستخبارات [قبل تفجيرات 11 سبتمبر] مثيرة فى الواقع.. إذ كانت تُنبئ، يقينًا، بأن الدولة التى لطالما تباهت [فى الماضى] بسيطرتها على «مجتمع المعلومات» لا تمتلك، حقيقةً، أى معلومات(!).. ومع ذلك.. كان تصرفها السريع (من الناحية الدولية) على غير ما أبدته أجهزتها فى حينه(!)


فبَعد يوم واحد فقط من «التفجيرات».. تم استدعاء ممثلى دول حلف شمال الأطلسى (NATO)، على وجه السرعة، للاجتماع فى بلجيكا (وهو اجتماع حضره - على غير العادة - وزراء خارجية الدول الأوروبية الكبرى).. وأعلن «حلف شمال الأطلسى» أن العدوان الخارجى على «الولايات المتحدة الأمريكية» هو عدوان على جميع أعضاء الحلف.. واعتمد «شمال الأطلسى» [من الناحية القانونية] على «المادة الخامسة» من اتفاقية الحلف بالعام 1949م؛ إذ كانت تعتبر الاعتداء على [طرف أو أكثر] من الأطراف المشاركة بالاتفاقية (فى أوروبا أو أمريكا الشمالية) أو حدوث أى عدوان مسلح، بمثابة عدوان على الجميع.. وأن «المنظمة» سوف تدعم الطرف أو الأطراف المعتدى عليها، بما فى ذلك استخدام القوة المسلحة.
وفى أعقاب الاجتماع، أعلن «لورد روبرتسون» (Lord Robertson) الأمين العام للحلف، خلال مؤتمر صحفى، إجماع دول «الناتو» على أن هذا الهجوم يندرج ضمن المادة الخامسة.. وبقى التأكد من هوية «الطرف المُعتدى» (!)

.. وفى 2 أكتوبر من العام 2001م، أجابت «الولايات المتحدة الأمريكية» عن سؤال «هوية الطرف المُعتدى» (!)
وقالت «واشنطن» على لسان السفير «فرانسيس تيلور» (Francis X. Taylor) إنّ الولايات المتحدة (اعتمادًا على مصادر معلوماتها الخاصة) أطلعت «حلف شمال الأطلسى» حول من هو المسئول عن أحداث 11 سبتمبر، وقدّمت تقريرًا يتضمن أدلة قيام «تنظيم القاعدة» بتفجيرات 11 سبتمبر.. وعلى هذا؛ أعلن الأمين العام لحلف الناتو «لورد روبرتسون» أنّ «أسامة بن لادن» [وتنظيم القاعدة] هم المسئولون عن الحادث.. وأن هناك تنسيقًا بين القاعدة وحركة «طالبان» فى أفغانستان بهذا الشأن.. وأن الحقائق أصبحت واضحة(!).. واعتبر «الناتو» أدلة التقرير (50 صفحة) الذى قدّمته الولايات المتحدة الأمريكية للحلف «سرية» (غير قابلة للنشر)، وغير متاحة إلا للدول الأعضاء.


فى اليوم التالى (أى فى 3 أكتوبر).. كانت لجنة وزراء خارجية دول الناتو تجتمع فى الدنمارك، بَعد أن اطلعت كل دولة منها على التقرير [السري] الذى قدّمته واشنطن(!).. وأعلن «لورد روبرتسون» فى 4 أكتوبر من العام 2001م (بُناءً على تقرير تيلور) تفعيل «المادة الخامسة»، وبدء الحرب على الإرهاب.. وعلى هذا.. تم شن أول هجوم للحلف على «أفغانستان» [بعد 3 أيام فقط من إعلان روبرتسون].


وفى 25 أكتوبر (أى بَعد بدء عمليات الهجوم على أفغانستان) أصدر «البيت الأبيض» التوجيه الرئاسى «رقم 9» (NATIONAL SECURITY PRESIDENTIAL DIRECTIVE-9)، الذى أعلنت خلاله استراتيجية الولايات المتحدة فى الحرب على الإرهاب، واجتثاث جذوره من طريق الولايات المتحدة [وكل الأمم المُحبة للحرية!]، بما فى ذلك اجتثاث المنظمات الإرهابية كافة، وشبكاتها، ومصادر تمويلها.


لكن.. كانت «المفاجأة» بعد مُضىّ 17 عامًا على دخول الولايات المتحدة لـ«أفغانستان» (مع قوات الناتو)، هى أنه لم يكن هناك أى أدلة [حقيقية] بالتقرير، الذى قدّمه «فرانسيس تيلور» (أو فرانك) لحلف شمال الأطلسى(!).. بل كان التقرير (الذى تسرب، أخيرًا، إلى عدد من النشطاء الأمريكيين) يؤكد بعبارات واضحة أنّ [التحقيقات المُتعلقة بهجمات سبتمبر لا تزال فى مرحلة مبكرة، وأنّ هناك نقصًا حادّا فى المعلومات!].. وأسس التقرير يقينه بمسئولية «تنظيم القاعدة» عن الهجمات على تشابه «التكتيكات» التى يستخدمها التنظيم(!)
وما رجّح صحة التقرير [المُسرَّب] أمام المراقبين، هو مضمون تلك الرسائل التى أرسلتها «الخارجية الأمريكية» (أثناء تواجد القوات الأمريكية بأفغانستان) وتطالب عديدًا من دول العالم بالمساعدة فى تزويد السفارات الأمريكية بأى معلومات متوافرة حول القاعدة أو طالبان فى أفغانستان؛ وذلك فى إطار «العمل المشترك» على محاربة الإرهاب بالعالم (وهي وثائق رفع عنها السرّية فى 19 مايو من العام 2008م).. إذ طرح هذا الأمـر تساؤلاً مفاده: إذا كانت «واشنطن» تمتلك بالفعل أدلة حقيقية على تورط تحالف [طالبان/ القاعدة] فى الهجوم على «مركز التجارة العالمى»، و«البنتاجون»، فلماذا لا تزال تبحث عن الأدلة(؟!)

لتنظيم «القاعدة» (الذي أسسته «أجهزة الاستخبارات الأمريكية» من حيث الأصل) جرائمه المتعددة، يقينًا.. وهي جرائم ربما تفوق (فى مجملها) ما أسفرت عنه تفجيرات سبتمبر.. لكن.. ما يعنينا، على وجه القطع، هو الطريقة التى أدارت من خلالها «الولايات المتحدة» المشهد، ووجّهت من خلفها «حلف شمال الأطلسى» [والمجتمع الدولى]؛ لتخلق- فى النهاية - لنفسها موطئ قدَم داخل أفغانستان (لغرض فى نفس «زبجنيو بريجنسكى»!).


وفى الحقيقة.. كان «زبجنيو بريجنسكى» (Zbigniew Brzezinski) مستشار الأمن القومى الأمريكى [الأسبق]، قد قدَّم بالعام 1997م (أى قبل غزو أفغانستان بنحو 4 سنوات)، جانبًا من استراتيجيته الخاصة بما يجب أن تفعله «واشنطن» لتحتفظ بتفوقها العالمى، وهيمنتها على البلدان الأخرى (سياسيّا، واقتصاديّا، وجغرافيّا).. وضمَّن «بريجنسكى» تلك الاستراتيجية فى كتاب، حمل عنوان: «رقعة الشطرنج الكبرى» (The Grand Chessboard).. وهو كتاب، فضّل مستشار الأمن القومى الأمريكى «الأسبق» أن يُهديه لتلاميذه [ليساعدهم فى رسم المستقبل!].
وكان من ضمن «النظريات» التى صاغها «بريجنسكى» (عرَّاب دعم الحركات المتطرفة فى «أفغانستان» خلال عهد جيمى كارتر)، هو ما أطلق عليه وصف: «البلقان الأوراسى» (Eurasian Balkans) أو البلقان «الأورو آسيوى».. وهو توصيف يضم [جُغرافيّا] عددًا من دول «آسيا الوسطى»، وتقاطعاتها الأوروبية.


وحدد مستشار الأمن القومى الأمريكى [فى كتابه] على سبيل الحصر: كازاخستان، قيرغيزستان، طاجيكستان، أوزبكستان، تركمانستان، أذربيجان، أرمينيا، وجورجيا (وهي - جميعها - دول كانت تُمثل جزءًا من الاتحاد السوفيتى السابق).. ويضاف إليها [أفغانستان].. إلى جانب الإضافات «المحتملة» لكل من: تركيا وإيران.


وذهب «بريجنسكى» (بشكل صريح) إلى أن جائزة أمريكا، هى التواجد فى منطقة «البلقان الأوراسى»، إذ يُعَد هذا من قبيل المتطلبات [الجيوستراتيجية] للولايات المتحدة الأمريكية.. فهذا الامتداد الجغرافى يوفر فرصة للدول الكبرى [ومن بينها روسيا والصين] للتدخل فى شئون هذه المنطقة.. وبالتالى.. فعلى «واشنطن» الإسراع فى الحركة؛ للحيلولة دون وقوع هذا الأمر، عَبر التواجد هناك.
وفى الواقع.. فإن تلك الدول (إجمالاً) تنتج النفط، والغاز الطبيعى، والذهب بكميات كبيرة.. كما أنّ «آسيا الوسطى»، هى سوق التقنيات الروسية (بما فى ذلك المعدات العسكرية)، والسلع المصنعة.. وفى المقابل، تُعَد تلك الدول مصدرًا لعديدٍ من الموارد الطبيعية التى تفتقر إليها «روسيا» نفسها، مثل: القطن، والخضروات، وبعض المنتجات الغذائية.

يُمكننا هنا أن نتوقف قليلاً، قَبل أن نتابع العودة إلى «أفغانستان» (بوصفها نقطة انطلاق «الحرب الأمريكية» على الإرهاب)، أمام حلقة «مُهمة» أخرى، تتعلق بترسيخ التواجد الأمريكى بمنطقة «البلقان الأوراسى».. إذ كان من بين الدول التى سردها «بريجنسكى» ما شهد [خلال فترة الحرب الأفغانية ذاتها] ما عُرف بـ«الثورات الملونة» (جورجيا بالعام 2003م، وقيرغيزستان بالعام 2005م).. وذلك فى إطار الدور الأمريكى لتحجيم مساعى «الاتحاد السوفيتى» (السابق) نحو التوسع فى أراضى الدول المجاورة.. إذ كان «الدعم الأمريكى» لتلك الثورات بمثابة فرصة جيدة لـ«واشنطن»؛ لتقويض قدرات ونفوذ «موسكو» بشكل أكبر، فيما بَعد تفكك الاتحاد السوفيتى.


وهى «حلقة» تحدثنا عنها فى أكثر من مناسبة سابقة.. إلا أنه من الضرورى (فى سياق تفنيد استراتيجية بريجنسكى)، استرجاع تفاصيلها.. إذ بدأت تلك الثورات - من حيث الأصل - من «صربيا» (يوجوسلافيا) - التى شهدت، أيضًا، أول حملة عسكرية لحلف شمال الأطلسى بالتعاون مع أمريكا فى العام 1999م - ضد نظام الرئيس الصربى الأسبق «سلوبودان ميلوشيفيتش».
ففى سبتمبر من العام 2000م (بحلول الوقت الذى دعا خلاله «ميلوشيفيتش» لإعادة انتخابه رئيسًا لـ«يوجوسلافيا»؛ كان أن نظّمت «حركة أوتبور» (المدعومة من الاستخبارات الأمريكية) حملة احتجاجية «طويلة الأمد»، أدت إلى تآكل شعبية الرئيس الصربى «الأسبق» بشكل أكبر، وتوحيد المعارضة خلف «فويسلاف كوشتونيتسا» (مرشح المعارضة للرئاسة).. وعندما رفض «ميلوشيفيتش» الاعتراف بالهزيمة أمام مرشح المعارضة؛ كانت حملات «أوتبور» حاسمة فى إقناع «قوات الأمن الصربية» بتحدّى أوامر «ميلوشيفيتش»، والتخلى عنه.. وهو ما دفع «الرئيس المحاصر»؛ للاستقالة فى 7 أكتوبر من العام نفسه.


وفى غضون بضعة أشهر من الإطاحة بـ«ميلوشيفيتش»، بدأ قادة «أوتبور» فى مد جسور التواصل مع من اصطلح على تسميتهم بـ«نشطاء الديمقراطية» فى البلدان الأخرى؛ لاستنساخ «التجربة الصربية».. ومن ثمَّ، توجه «سلوبودان ديينوفيتش» (Slobodan Djinovic) - أحد مؤسسى «أوتبور» الأصليين - نحو «روسيا البيضاء» (Belarus)؛ لعَقد لقاءٍ «سرّى» مع إحدى الحركات الطلابية هناك.. إلا أنَّ هذا الأمر تم اختراقه مُبكرًا، وانهارت «الحركة الوليدة» فى نهاية المطاف.. لكن كان الحظ هو حليف «ديينوفيتش» - فيما بَعد - داخل «جورجيا»، حيث أسس عدد من الشباب هناك (بالعام 2002م) حركة جديدة تحت مُسمى «كمارا» (Kmara).. وتعنى: «كفاية»(!)


وبدلاً من الانتقال إلى «جورجيا» - هذه المرّة - بدأ «ديينوفي`تش»، وقادة «أوتبور» الآخرون، فى استـضافة طلاب «حركة كمارا» داخـل صربيا، إذ نجـحت الحركـة - عبر الدعم التقنى، والتكتـيــكى لـ«أوتبــور» - فــى الإطـاحــة بـ«إدوارد شـــيفاردنادزه» (Eduard Shevardnadze) - الذى شغل منصب «رئيس جورجيا» منذ العام 1995م - بعد الانتخابات التى تم إجراؤها فى نوفمبر من العام 2003م، فيما أصبح يُعرف باسم «الثورة القرمزية»، أو «ثورة الزهور» (the Rose Revolution).. إذ كانت الأحداث داخل «جورجيا» قد أخذت فى التصاعد - بشكل تدريجى - وقتئذ، بفضل عمليات الدعم «التكتيكى» من حركة «أوتبور».. وعندما وصلت «سخونة الأحداث» إلى ذروتها؛ كان أن اقتحمت «المعارضة الجورجية» مبنى البرلمان، أثناء إلقاء الرئيس لكلمته(!).. ويُقال إن عددًا من المتظاهرين كانوا يحملون بين أيديهم باقات من الزهور أثناء عملية الاقتحام تلك(!).. وهو ما دفع «الرئيس الجورجى» للهرب من البرلمان، والتخلى عن موقعه.


كما انعكست تكتيكات «أوتبور» أيضًا - بعد عام تقريبًا من أحداث جورجيا - على جُل المشاهد التى شهدتها «الثورة البرتقالية» (The Orange Revolution) فى «أوكرانيا»، حيث قضى «نشطاء أوتبور» شهورًا فى تقديم النصيحة، والمشورة لشباب حركة «بورا» (Pora)، وتعنى: «حان الوقت» (It’s Time).


ووفقًا للعديد من المراقبين «الغربيين»؛ فإن «نقطة التحول» الأكثر سخونة فى مسار الحركة؛ كانت خلال الرحلة «التدريبية» التى قام بها عدد من نشطائها إلى «جنوب إفريقيا»؛ لدعم نشطاء «زيمبابوى» بالعام 2003م.. إذ قرر كلٌّ من: «سلوبودان ديينوفيتش»، و«سرديا بوبوفيتش» (مؤسسا أوتبور)، خلال تلك الرحلة، وضع حجر الأساس لمركز «كانفاس» (CANVAS)، أو «المركز التطبيقى لحركات اللا عُنف والاستراتيجيات» (Center for Applied Nonviolent Action and Strategies)؛ ليُدربا - من خلاله - على طريقة «أوتبور» نشطاء الحركات الاحتجاجية بـ«46 دولة» مختلفة.


وكانت تلك المؤسسة الجديدة تطويرًا مباشرًا لتكتيكات «أوتبور»، التى استمدت أفكارها - من حيث الأصل - من أفكار الأكاديمى الأمريكى «جين شارب» (Gene Sharp) عن حركات اللا عُنف.. إلا أنهما (أى: ديينوفيتش، وبوبوفيتش) عملا - بالتعاون مع رفقائهما الآخرين - على تطويرها، والإضافة إليها من واقع خبرتهم «جميعًا» فى الإطاحة بالرئيس الصربى «الأسبق».


وفى أعقاب تدشين «كانفاس»؛ مدَّ المركز جسور التواصل والتنسيق مع كلٍّ من: «منظمة الأمن والتعاون فى أوروبا»، و«برنامج الأمم المتحدة الإنمائى»، ومنظمة (Humanity in Action) الدولية.. إلى جانب مؤسسة «ألبرت أينشتاين» (Albert Einstein Institution)، ومؤسسة «فريدم هاوس» (Freedom House) الأمريكية - إحدى الأذرع التى تحركها «الأجهزة الاستخبارية» فى واشنطن (إذ كانت «فريدم هاوس» أيضًا، إحدى المؤسسات التى تعاونت معها الحركة (تمويليًّا) - فضلاً عن بقية فصائل «المعارضة الصربية» - فيما قبل الإطاحة بـ«سلوبودان ميلوشيفيتش»).. إلى جانب المعهد الجمهورى الدولى (IRI)، الذى يضم العديد من «صقور» واشنطن، ومسئوليها الأمنيين.


وفيما تم تقدير حجم «الأموال الأمريكية» التى تم ضخها داخل «أوكرانيا»، وقتئذ، بنحو 14 مليونًا من الدولارات، بشكل مبدئى؛ ذهبت التقديرات «النهائية» إلى أن «إدارة بوش» (الابن) أنفقت ما يقرب من 65 مليونًا من الدولارات خلال العامين «التمهيديين» للثورة الأوكرانية، بالتعاون مع شركائها الغربيين، مثل: بريطانيا، وكندا، والنرويج، والدنمارك، والسويد، وسويسرا.. إذ سرعان ما لجأت «المنظمات غير الحكومية» (الغربية)، و«منظمات المجتمع المدنى» التابعة لها؛ إلى ضخ تمويلاتها الضخمة، فى أعقاب انهيار «الاتحاد السوفيتى»؛ دعمًا لميزانيات، وتدريبات، و«تكتيكات» العديد من «المنظمات»، والحركات الاحتجاجية» داخل «جمهوريات الاتحاد» السابقة؛ لتغيير أنظمة تلك الجمهوريات الحاكمة،. بدءًا من «صربيا»، حتى «قيرغيزستان» (Kyrgyzstan) بالعام 2005م.


وطبقًا لـ«نظرية بريجنسكى» (البلقان الأوراسى)؛ فإنّ مستشار الأمن القومى الأمريكى الأسبق، كان صاحب بصمات بارزة فى «توظيف الثورات»، التى وقعت فى الدول التى كانت تابعة للاتحاد السوفيتى [من أجل إضعاف نفوذ موسكو فى تلك الدول] كبداية لتقويض قدرات خصم «واشنطن» التقليدى.. إذ يرى «بريجنسكى» أن الفترة التى أعقبت انهيار «الاتحاد السوفيتى» شهدت تبلور قوَى عالمية مؤثرة [من خارج منطقة أوراسيا] (يقصد: روسيا/ الصين/ الهند).. ومن ثمّ، كان يتطلب هذا الأمر التحرك [من قِبَل أمريكا]؛ للسيطرة على منطقة «البلقان الأوراسى» كمقدمة لإحكام السيطرة على باقى المناطق فى العالم.. وعدم إتاحة الفرصة لأى من هذه الدول للسيطرة أو «بسط النفوذ» داخل هذا الامتداد.


وبحسب مراقبين «غربيين».. فإن بدء تطبيق هذه النظرية من قَِبل وكالة الاستخبارات المركزية (CIA)، تم بَعد فترة قصيرة من صدور كتاب «رقعة الشطرنج الكبرى».. وفى سياق ترسيخ عمليات الهيمنة الأمريكية ظهر مشروع الشرق الأوسط الكبير».. وتبعه التخطيط للتخلص من «نظام صدام حسين» (النفطى) بالعراق فى العام 2003م، عبر آليات الغزو التقليدى (وتوظيف المجتمع الدولى، أيضًا)، بالطريقة نفسها التى تم بها غزو أفغانستان [والبحث عن أى علاقة تربط بين «صدام» نفسه، وتنظيم القاعدة!].. وذلك، قبل أن تبدأ مرحلة جديدة من «الثورات» بمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.. وهى ثورات تبعها - يقينًا - تدخُّل عسكرى» جديد، مشفوعًا بمظلة حلف شمال الأطلسى، أيضًا (ليبيا نموذجًا)، (وسوريا نموذجًا آخر).


.. أى أن مُلخص الـ 17 عامًا الماضية، كان أقرب إلى حركات «شبه متكررة» تبدأ بـ«غزو عسكرى» (تحت مظلة دولية) ثم تتبع الغزو «عمليات تثوير» داخلية.. ثم «غزو عسكرى» آخر (تحت مظلة دولية) تتبعه «عمليات تثوير» داخلية أخرى.. فى مُتتالية أمريكية واضحة(!)

وبالعودة إلى نقطة انطلاق الحرب الأمريكية» على الإرهاب (أى أفغانستان).. تبدو - يقينًا - الأهمية «الجيوسياسية» للتواجد الأمريكى بمنطقة «البلقان الأوراسى» (بحسب توصيف بريجنسكى)، كانت أحد المحفزات الرئيسية للغزو الأمريكى لأفغانستان.. خصوصًا فى ظِلّ ما تتمتع به «كابول» من ثروات معدنية متنوعة (وعلى رأسها الذهب).
ومع مُضىّ 17 عامًا منذ بدء «الغزو الأمريكى» لا تزال رغبات الاستحواذ على [ذهب كابول] تداعب مخيلة «راعى البقر الأمريكى».. وهو ما كان - كذلك - محورًا لتحقيق موسع نشرته «نيويورك تايمز»، قبل عام، تحت عنوان: [الثروات المعدنية تغرى ترامب للبقاء فى أفغانستان!].. وذكر التقرير إنّ الرئيس الأمريكي «دونالد ترامب» يبحث عن أسباب لبقاء القوات الأمريكية فى أفغانستان مع إدارته(!).. وأنه (أى ترامب) وجَدَ مراده الذي عجَز خلفاؤه عن التوصل إليه، وهو [الاحتياطي الضخم للمعادن] الموجود بجبال أفغانستان(!)


وفى الواقع.. لم يكن ما دعا إليه «ترامب» هو جديدًا عن الإدارات الأمريكية التى سبقته، بأى حال من الأحوال.. ففى العام 2006م كان أن قامت إدارة جورج بوش (الابن) بعمل عمليات مسح جوى مكثف لرصد الموارد المعدنية فى أفغانستان.. كما قامت وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاجون) بتأسيس فريق لبناء قطاع التنقيب فى أفغانستان فى عهد «باراك أوباما».. إلا أن ما كان يُعوق تلك المحاولات، هو الوضع الأمنى غير المستقر، والأوضاع اللوجستية (عدم وجود الطرُق الممهدة أو الجسور والسكك الحديدية اللازمة لنقل المعادن).


وفيما كانت تستثمر الصين [بالفعل] فى نحو 3 مليارات دولار لبناء «مناجم للنحاس» (تبعد عن العاصمة الأفغانية كابول مسافة 25 كيلومترًا).. كان أن أكد ترامب أنه لن يرسل الشركات والقوات الأمريكية إلى أفغانستان؛ لمشاهدة الصين تستحوذ على الثروات المعدنية هناك(!)


وفى حركة سينمائية [جديدة]، تحيطها تقارير «بريئة» عن مفاوضات بين الحكومة الأمريكية و«حركة طالبان» (التي تسيطر على العديد من المناجم)؛ كانت حشود القوات الأمريكية في ازدياد مُستمر داخل أفغانستان.. وأعلن «ترامب» - للمرّة الأولى - فى 22 أغسطس من العام 2017م «أنّ إدارته لن تترك كابول» في الوقت الحالي(!)
.. إلا أنه عاد ليقول مُستخدمًا [لغة أسلافه] ذاتها: «إن 11 سبتمبر أسوأ عمل إرهابي في تاريخ الولايات المتحدة الأمريكية، تم تخطيطه وإدارته من أفغانستان» (!)


.. ويبقى حل اللغز دائمًا: [ابحث عن الذهب الأصفر.. أو الذهب الأسود].. فراعى البقر الأمريكي يستهويه البريق(!) 





تابعونا على صفحتنا على الفيسبوك , وكالة زاد الاردن الاخبارية

التعليقات حالياً متوقفة من الموقع