منى سالم الجبوري
ليس هناك من نظام في العالم يمکن أن يجاري نظام الجمورية الاسلامية الايرانية في عملية الهروب المستمر للأمام من المشاکل و الاوضاع السيئة جدا التي يعاني منها و يبدو إنه وبعد 38 عاما من هروب هذا النظام للأمام، قد سأم الشعب من هذه الحالة و طفح به الکيل، ولذلك فقد صب جام غضبه على النظام کله رافضا کلا جناحيه على حد سواء، بل وقد وصل به السخط و الغضب الى حد مهاجمة الحوزات العلمية و مقرات أئمة الجمعة في مختلف المدن الايرانية وهو مايمکن إعتباره تطورا إستثنائيا غير مسبوقا على وجه الاطلاق، إذ إن التعرض لأماکن دينية في مجتمع يعطي أهمية خاصة لها، يمکن أن يفسر وبکل وضوح على إنه رفض للدولة الدينية الايرانية و المطالبة بدولة مدنية تضع إحتياجات المواطنين و حقوقهم في سلم أولوياتها و ليس کما يجري في ظل الدولة الدينية الايرانية التي تضع مخططاتها و مشاريعها فوق حقوق و إحتياجات الشعب.
في إنتفاضة عام 2009 لم يتم لتعرض للبعد و الجانب الديني للدولة وإنما فقط تم التعرض للمرشد الاعلى حيث أحرقت و مزقت صوره، لکن تتم مهاجمة مراکز دينية، لکن في إنتفاضة يناير 2018، تخطى الشعب هذا الحاجز بما يعني و بشکل صريح جدا لايحتاج لتفسير أو تأويل، رفض الدولة الدينية التي کلفته کثيرا و أوصلته الى حافة الفقر و المجاعة و الحرمان کل أنواع المعاناة، الى جانب حالة القمع التي تتصاعد عاما بعد عام حتى وصل الامر بأن باتت إيران تنافس الصين على المرکز الاول في تنفيذ أحکام الاعدامات، بل وإن الذي أثارالشعب أکثر و جعله يشعر بالضيق من هذه الدولة، هو قانون"المحاربة"، الذي يعني إباحة قتل کل من يقف بوجه النظام بإعتباره يقف في وجه الله و يحاربه!
لاغزة ولا لبنان روحي فداء لإيران! هذا الشعار الذي ردده المتظاهرون في الانتفاضة الاولى و أکدوا عليها في إنتفاضة يناير 2018، جسدت مدى رفض الشعب الايراني لسياسة التدخلات في المنطقة على الرغم من إن قادة و مسؤولين في النظام سعوا من أجل إلباسها حلة قومية بأن صرحوا أن هذا النظام حقق ماقد عجز عنه أسلافهم طوال التأريخ عندما حققوا حلم الوصول الى البحر المتوسط، إضافة الى تفاخرهم من أنهم يسيطرون على أربعة عواصم عربية و لهم الکلمة الاخيرة فيها، ولکن کل هذا الى جانب المشروع النووي"الميت سريريا"و برامج صواريخهم الباليستية، لاتعني شيئا للشعب الايراني الفقير و الجائع شيئا بل وحتى إنها تثير حنقه لأنها أمور تخص النظام ولاتعني له شيئا على وجه الاطلاق.
هذا الرفض القوي للدولة الدينية، له أيضا جذور في المعارضة الايرانية النشيطة المتواجدة في الساحة و المتمثلة بمنظمة مجاهدي خلق، إذ سبق لزعيمة المنظمة مريم رجوي، أن أعلنت جملة مبادئ أساسية لإيران مابعد النظام الديني، وفي مقدمتها؛ فصل الدين عن السياسة و مساواة المرأة بالرجل و التمسك بمبادئ حقوق الانسان و التعايش السلمي مع شعوب المنطقة و رفض التدخل في شؤونها و إعلان إيران دولة خالية من أسلحة الدمار الشامل، وکل هذا کان ولايزال من معالم إنتفاضة يناير 2018، التي هي في الحقيقة يمکن وصفها إنتفاضة إعلان رفض الدولة الدينية و المطالبة بدولة مدنية.