منذ الصغر ونحن يطرح علينا سؤال بسيط ؛ ما هو الفرق بين الاستعمار الفرنسي والاستعمار الإنجليزي ؟ ، والإجابة ترسخت في اذهاننا وبشكل مختصر نتيجة التكرار لذها السؤال ؛ الاستعمار الفرنسي هو استعمار فكري ، والاستعمار الانجليزي هو استعمار عسكري بالقوة ، والنتيجة الحقيقة تقول ؛ أن الاستعمار الفرنسي استطاع ان يرسخ الثقافة الفرنسية واللغة الفرنسية بين سكان مستعمراته ، والتي اصبحت والى اليوم تفضل الحديث باللغة الفرنسية بما تحتوي من جماليات وتاريخ مرتبط بالفن .
لبنان بالأمس كان سعيداً؛ ورئيس الجمهورية الفرنسية عبر الصحراء العربية من الخليج الى وسط نجد كي يقول كلمته التي لم تنزل الأرض ؛ ايعدوا إبننا الى بيته ، وهكذا ورغم صمت العواصم العربية التي لعبت في الساحة اللبنانية ولياليها الحمراء لسنوات بقيت قضية الحريري داخل البيت الفرنسي ، وفشل الأخوة بالدم في إخراج الحريري من معتقلة السياسي خوفا من أن تصيبهم شظايا الجنون النجدي الذي لايفرق بين الأخضر واليابس ويسعى فقط لإثبات وجوده كقائد للتغيير الديني والسياسي في زمن الربيع العربي الذي غير رؤوساء حكومات بدافع من الشارع وليس من قمة السلطة .
لبنان يعود سعيدا من تجربة الحريري ، ويعود أكثر تماسكا بتناقضاته الطائفية والسياسية ، وهو اليوم لبنان الواقع الذي خلق من هذه التناقضات ولايمكن أن يفصل عنها ، وكما خلقت الكثير من الأنظمة السياسية العربية من خلال تناقضات إما عشائرية أو دينية أو سياسية أو عائلية ؛ وعجزت الى اليوم من الخروج منها ؛ فكيف يطلب من لبنان أن يتنكر لأسس خلقه السياسي الذي وضعته فرنسا منذ مائة عام وأعاد إتفاق الطائف في الثمانينيات التأكيد على أن لبنان وجد بتناقضاته وسيبقى سعيدا بهذه التناقضات التي رضي أن يعيش بها وعجزت الكثير من الأنظمة السياسية العربية أن تعيش بتناقضاتها ، وأنكرت في نفس الوقت تاريخها السياسي الذي تمت شرعنته تحت أيدي الانجليز الذين نعرف ما يفعلون في جزرهم المستعمرة بالقوة .