مواقف الرجال

شكر ذوي الفضل حق لهم وواجب علينا ، فأقل ما يمكن أن نفعله أن نذكر الفعل الإيجابي ونعززه وأن نشير إلى الفعل السلبي ونجرمه .

قبل عامين تقريبا كتبت عن موقفين إيجابيين تمثل أحدهما في هبة رجال الدفاع المدني وقت سقوط الثلج بكثافة وتحملهم للمخاطر والصعوبات ومساعدتهم للمواطنين بشكل ملفت فقد عملوا بأقصى طاقاتهم ، حيث منهم من حمل بعض كبار السن وبعض الأطفال حملا ، ومنهم من أوصل الماء والخبز والغاز بالاضافة لتأمين المرضى وخاصة مرضى الفشل الكلوي والقائمة تطول .
أما الموقف الثاني فتمثل بمساعدة دورية سير لمواطنة عراقية باستبدال إطار السيارة التالف. والى هنا الموقف عادي ،أما ما هو فوق العادي ما ذكرته الأخت العراقية في حينه حيث قالت : ( ما لفت نظري أن رجال السير الذين استبدلوا الإطار التالف ، قد عملوا بصمت ولم يسمحوا لي ولا لأولادي بالنزول من سيارتنا خوفا علينا ، وأضافت أن لا أحد من أفراد الدورية الثلاث رفع عينه بي أو حاول إلاساءة لي ولو بنظرة. )

موقفان ينمان عن القدرة والصبر والتحمل والخبرة والتضحية بالإضافة لحسن الخلق والأدب في التعامل .

أما ما هو جديد ، فهذا الموقف الذي حصل معي أثناء عودتي في اليوم الأول لعيد الأضحى ليلا على طريق الزرقاء أربد ، فقد تعطلت سيارتي بالقرب من دورية للشرطة ، وحال توقفي واذا برقيب من الدورية يتقدم نحونا ليقدم المساعدة ، ويحاول أن يبحث عن الخلل ليصلحه ، واتصل وأحضر لنا غطاء لمبرد الماء الذي كان قد سقط أثناء سيرنا ، وكأن السيارة التي تعطلت هي سيارته . وبقي يحاول تسهيل امورنا إلى أن يأسنا وطلبت منه بالحاح أن يتركنا ففعل ، وغادرت الدورية المكان .

ولسوء الطالع أن تعرضت سيارتي وهي متوقفة على يمين الشارع وخارج حدوده لحادث تصادم من سيارة أخرى من الجهة الخلفية ، مما أسقط أخوي الاثنين على الأرض ، الأول نهض سالما والاخر نقل إلى المستشفى ، لكنه خرج بعد التأكد من سلامته وتعرضه لبعض الخدوش والرضوض .

ما لفت نظري أن الرقيب الذي بقي برفقتنا عندما تعطلت السيارة وخلال بضع دقائق من الاصطدام جاء ليطمئن علينا ، وإلى هنا الوضع طبيعي أيضا ، أما ما هو فوق الطبيعي أن يتصرف الرقيب عبيدة اسماعيل بني ارشيد من مرتب امن رحاب /المفرق وهو في مقتبل العمر بحنكة وخبرة وتفان وكفاءة عالية وكانه بغرفة عمليات طوارئ ويطلب عن طريق مسؤوليه وحسب الاختصاص الدفاع المدني ودورية سير وونش لنقل السيارة وقام بالإجراءات التوثيقية اللازمة ، وما هو فوق العادي أيضا أنه اطمئن على أخي الذي أرسل إلى المستشفى ومكث معنا على الأقل ثلاث ساعات ، ولم يغادر الا بعد أن غادرنا جميعا المكان نحن والطرف الآخر ومن حضر من أقارب الطرفين وبعد أن أمن سيارة الرجل الذي صدم سيارتنا وتم تحويل سيارتنا على الونش فاستودعناه وغادرنا مع دعائه لنا بالسلامة .

مواقف الرجال هذه تستحق الكتابة والنشر فهي تشير أن الوطن بخير ، وسيتعافى بإذن الله ، وأن المخلصين كثر وقادرين على تخطي المرحلة ، وأن رهطا من الفاسدين لا يمكن أن يوقف مسيرة وطن . فالوطن بأبنائه الأوفياء المنتمين المخلصين أقوى من الفاسدين ، وأن إرادة النشامى هي الأقوى .