أول وكالة اخبارية خاصة انطلقت في الأردن

تواصل بلا حدود

أخر الأخبار
تقارير : الضربات المباشرة بين اسرائيل وايران انتهت استشهاد قائد كتيبة طولكرم صحيفة: بايدن يدرس إرسال أسلحة جديدة بمليار دولار لإسرائيل الصحة بغزة: 42 شهيدًا في 4 مجازر للاحتلال الإسرائيلي أبو هضيب: الرمثا محظوظ بوجود وسيم البزور إغلاق ملحمتين في عجلون لمخالفتهما الشروط الصحية نقيب الذهب يحذر من طريقة بيع مضللة في الأسواق المحلية الخارجية الأميركية تطلب من موظفيها وعائلاتهم في إسرائيل الحد من تنقلاتهم الشرطة الفرنسية تطوق القنصلية الإيرانية في باريس الجيش الإسرائيلي: إصابة ضابط و3 جنود خلال عملية بالضفة كتلة هوائية حارة تؤثر على الأردن الثلاثاء أكثر فتكاً من " كوفيد -19" .. قلق كبير من تفشي الـ"h5n1" وانتقاله الى البشر 50 ألف مصل يؤدون صلاة الجمعة في المسجد الأقصى المبارك زلزال يضرب غرب تركيا يديعوت أحرونوت: عائلات المختطفين تطالب بإقالة بن غفير وزير الاتصال الحكومي: لم نرصد خلال الساعات الماضية أية محاولات للاقتراب من سمائنا الأمن العام يؤكد على تجنب السلوكيات الخاطئة أثناء رحلات التنزه وفاة شاب عشريني غرقا خلال التنزه في الغور الشمالي وقفة احتجاجية للمطالبة بضرورة شمول كافة الطلبة بالمنح والقروض مجموعة السبع تعارض عملية رفح
شمعتان مضيئتان سيبقى لهما أثر
الصفحة الرئيسية مقالات مختارة شمعتان مضيئتان سيبقى لهما أثر

شمعتان مضيئتان سيبقى لهما أثر

20-06-2017 10:59 AM

أن تفقد صديقاً عزيزاً يخطفه الموت، فذلك مدعاة للحزن والألم الشخصي العميق، الا انك حين تفقد صديقين في نفس اللحظة، كل منهما له شخصية ومكانة وحضور لافت، يغالبك شعور طاغ بالفاجعة، ويراودك احساس بأنك ستذوي مثلهما وترحل عن دنياك في يوم ما قد لا يكون بعيداً، ويداهمك تفكير بأنك فقدت قطعة عزيزة من نفسك، ويخامرك ما يشبه العجز جراء قوة الصدمة والفقدان .
تدفن غازي السعدي بعد صلاة الظهر في سحاب، وترجع إلى عمان لترافق جثمان زهير الخطيب، إلى سحاب مرة أخرى، لتشارك بدفنه بعد صلاة العصر في نفس اليوم،تتركهما في التراب، وترحل عنهما وكأنك بلا وفاء، وتدرك رغم فهمك أنك عاجز عن الفعل عن رفع الأذى عن صديقين هما بحاجة لك في تلك اللحظة لأن تقترب منهما، لا أن تتركهما في جبة الموت، في القبر، تحت التراب وتهرب .
أن تفقد صديقا عزيزا لك معه تراثاً وعملاً وتطلعاً، خسارة فادحة، فكيف حينما يكونان صديقين، لك معهما مساحة من الفرح، وكانت لك معهما قضية وبهما أمل وعليهما رهان، فماذا تسمي ذلك ؟ اهي خسارة، أهذه فقط خسارة ؟؟ .
كلاهما يمثلان نبضاً من شعب تأذى ولا يزال، وفعلا ما يستطيعان من أجل قضية، ساهما في بقائها حية، ولا تزال، فهل الإصرار أقوى منهما، أم أنهما تعبيران دقيقان عن موتها، هل ستموت وتدفن مع بقاء عكا جزءاً من المشروع الاستعماري الإسرائيلي حتى نخاع العظم، مع أن غازي السعدي عمل من أجل أن لا تكون إسرائيلية وأن تحفظ شرفها وتاريخها وقلعتها ، وهل ستموت مع استمرارية اللد خارج المشروع الوطني الديمقراطي الفلسطيني، رغم كل ما حاول زهير الخطيب أن يفعل من أجل أن تبقى عربية فلسطينية الهوى والمضمون والهوية؟؟ .
كلاهما كان فلسطيني الخيار والحياة والتطلع والعمل، ونجاحهما المدني في تكوين أسرة ناجحة، كان جزءاً من التغذية الراجعة لمواصلة الحياة من أجل فلسطين، لأنهما حوّلا فلسطين والحياة كمعيار وطني واحد، وجهان للعملة المتداولة المسماة فلسطين، كانت وستبقى كما كان يسميها صديقهما المشترك الراحل محمود درويش .
غازي السعدي إبن عكا، ترك بصماته في عمان، مدرسة في الترجمة والتأليف والنشر، وتمت محاربته بقسوة منذ بداية إبعاده، لأنه كان ينشر فكر الصهيونية ويعرّف بقياداتها ومؤسساتها، الى ان إنتصر ورضخ كل مناوئيه حينما أدرك الفلسطينيون والأردنيون والعرب قيمة مبادراته وقيمة ما فعله، وستدرك الأجيال قيمة ترجماته، فقد عّوض لهم ما يجهلونه عن الصهيونية ومشروعها الاستعماري، ولكنه في الوقت نفسه وضع المرأة أمامنا، لإظهار مدى قوة العدو، ومدى ضعفنا، وهنا كان التحدي !! .
وزهير الخطيب الطالب الذي هرب من الأزهر، متمرداً عن والده الذي أراد له أن يكون شيخاً مثله، ذهب للقانون وللعمل السياسي، كي يتمثل أحمد الشقيري مدافعاً عن فلسطين في المحافل، وكان له شأن في المحافل البرلمانية والسياسية، أينما مثل فلسطين وطلبتها ونوابها وابناء مخيماتها .
وجهان لعملة واحدة هي فلسطين، عملا كل من موقعه، ولكن من خلال الالتزام بمؤسسات منظمة التحرير ورسالتها وسياساتها وفعلها وحضورها وقضيتها، فكانا ناجحين بكل ما تحمل هذه القضية من معنى، ونجاحهما السياسي والمهني، لم يكن على حساب نجاحهما الشخصي والعائلي والإنساني، فكانا مميزين كما هو صديقهما المشترك الذي أثرا أن يرحلا في موعد رحيله تيسر قبعة نائب رئيس المجلس الوطني الفلسطيني، والذي عملا معه كي يكون تمثيل المجلس لفلسطين في الإتحاد البرلماني الدولي، ونجح ونجحوا معاً كي تكون فلسطين خطوة تدريجية في استعادة الحياة والحضور والتمثيل والاعتراف، وهما سارا مع عبقرية ياسر عرفات في استعادة فلسطين بشكل تدريجي متعدد المراحل كما فعلت الصهيوينة في سرقة فلسطين واغتصابها واحتلالها والعمل على تهويدها وأسرلتها بشكل تدريجي متعدد المراحل، من مؤتمر بازل 1897، إلى وعد بلفور 1917، إلى الإنتداب ورحيله وتسليمه فلسطين إلى الصهيونية على ثلثي أرضها عام 1948، إلى احتلال ما تبقى منها عام 1967 .
التاريخ يكتبه الأقوياء، فكتبوا تاريخنا وماتوا واقفين كالاشجار، ولذلك لم يكن صدفة أن يرحل غازي السعدي وزهير الخطيب في حزيران 2017، ذكرى نكسة 67، وذكرى وعد بلفور عام 1917، وذكرى مؤتمر بازل عام 1897، وبعد شهر من ذكرى نكبة أيار المتجددة منذ 70 سنة.
رحيلهما على المستوى الشخصي خسارة، ورحيلهما على المستوى الوطني فاجعة، لأن شعب فلسطين فقد برحيلهما أثراً وأملاً وعطاء يصعب تعويضه، لزهير وروحه وأثره الرحمة والمغفرة، ولغازي كذلك، وذكراهما تستحق التقدير والاحترام دائماً، كمن سبقوهما من الأصدقاء الذين ساهموا وحاولوا صنع المستقبل لشعبنا، وصُنع الحياة .
h.faraneh@yahoo.com





تابعونا على صفحتنا على الفيسبوك , وكالة زاد الاردن الاخبارية

التعليقات حالياً متوقفة من الموقع