أول وكالة اخبارية خاصة انطلقت في الأردن

تواصل بلا حدود

أخر الأخبار
الشلبي : الأردن سيستمر بإرسال مساعدات لغزة. وزير بمجلس الحرب الإسرائيلي: نسعى للتطبيع مع السعودية هيئة البث الإسرائيلية: ضغوط كبيرة لمنع الرد على إيران. إردوغان يحمل نتنياهو مسؤولية الهجوم الإيراني على تل أبيب إسرائيلي يشهد أمام الكنيست: 50 ناجيا من حفل نوفا انتحروا بعد 7 أكتوبر الأمم المتحدة: أكثر من 10 آلاف امرأة قتلت بغزة نائب ايراني يهاجم الاردن. أولمرت: نتنياهو كان في حالة من الانهيار العصبي الملك يستقبل رئيس مجلس الشورى السعودي الاردن من الدول الأكثر تضررا جراء الصراع بالشرق الأوسط. مهم من مطارات دبي للمسافرين البرتغال تستدعي سفير إيران بعد احتجاز طهران سفينة ترفع علمها قد تصل لـ9 أيام .. الأردنيون على موعد مع عطلة طويلة إرادة ملكية بالضلاعين .. وإحالة القاضي وأبو رجيع للتقاعد الاردن .. الغاء حظر بيع المشروبات الروحية بعد 12 ليلا الحكومة: استخدمنا كل السبل المتاحة للتوضيح حول توترات المنطقة إسرائيل تعرقل تحقيقا أمميا في طوفان الأقصى إعلام إسرائيلي: 3 سيناريوهات للرد على إيران حزب الله يعلن قـصـف مواقع إسرائيلية بطاريات الحالة الصلبة تهوي بأسعار السيارات الكهربائية
مغامرات صحفي ... الحلقة الرابعة
الصفحة الرئيسية آراء و أقلام مغامرات صحفي .. الحلقة الرابعة

مغامرات صحفي .. الحلقة الرابعة

27-12-2016 04:41 PM

خلال السنوات العشر من الحرب بين الاتحاد السوفيتي وفصائل الجهاد الافغانية كانت تلك الفصائل أو الأحزاب مدعومة من كثير من الدول الأجنبية والعربية وعلى رأسها أمريكا ودول الخليج العربي ، وكان يتم ارسال المجاهدين العرب الى أفغانستان بتأييد أمريكي تام ، حتى وصل عددهم ثلاثة عشر ألف مجاهد ، فيما كانت معظم الدول العربية التي سهلت ارسال متطوعيها غير راضية ضمنيا عمّا يجري ويدور خاصة وأن هناك عددا من المتطوعين غادروا بلادهم فرارا الى أفغانستان وعليهم قيود ومطالبات في الدوائر الرسمية ، وبالمقابل اعتبرت بعض الدول اعلان المتطوعين عن أسمائهم فرصة لمعرفة توجهاتهم السياسية ، فيما بقيت اخرى متخوفة من المستقبل لأنها قد تواجه معضلة بعد تلقي رعاياها تدريبات عسكرية في أفغانستان مما سيشكلون خطرا بعد عودتهم الى بلادهم .
كان العديد من قادة المجاهدين الأفغان يحضرون الى دول الخليج لطلب الدعم من زعمائها ومسئوليها والسماح لأحزابهم بفتح مكاتب لها في هذه الدول لجمع التبرعات ، فانتشرت في منتصف الثمانينات في دولة الامارات وغيرها من دول الخليج ظاهرة افتتاح مكاتب للأحزاب الأفغانية بشكل واسع وملحوظ حتى تمادت هذه الأحزاب مستغلة الدعم الاسلامي الكبير ، فصارت في الامارات تمارس الأنشطة السياسية وتقيم المهرجانات وتعقد الندوات وتجوب الشوارع بمكبرات الصوت التي تدعو الى التصدي بعنف بوجه الحكومات المناهضة للجهاد ، كما أصبحت تتفنن في بناء الاستحكامات وحفر السراديب السرية داخل المساحات الممنوحة لها والتي تحولت فيما بعد الى قواعد تجري فيها تدريبات عسكرية لعناصر تطوعية تبقى بعضها مقيمة ولا تغادر للجهاد .
ولكوني صحفيا حكوميا فقد ُطلب مني بشكل رسمي متابعة هذا الملف والالتقاء بمدراء هذه المكاتب واجراء لقاءات صحفية معهم حول متابعة تطورات القضية الأفغانية ودور المجاهدين العرب في الحرب بأفغانستان ، وأذكر أن كبار قادة المجاهدين كانوا يحضرون بشكل مستمر الى الامارات فالتقيت منهم عبدالله عزام وبرهان الدين رباني وقلب الدين حكمتيار وأحمد شاه مسعود وعبد الرسول سياف ، رحم الله من توفي منهم وجميعهم يتحدث العربية بطلاقة .. كانت الحساسية بالغة بين هؤلاء القادة المجاهدين الى درجة الكراهية الشديدة وقال لي الدكتور رباني رحمه الله في احدى زياراته ، بعد ايام سيحضر شاه مسعود حاولوا تهميشه اعلاميا وبالفعل جاء مسعود بعد اسبوع ووقف على نفس المنصة التي خطب عليها رباني ، وازدادت الكراهية والبغضاء حتى أصبح كل حزب منهم يرى أنه يجب القضاء على الحزب الآخر ، مما مهد بعد هزيمة القوات الروسية عام 1989 م الى قيام حرب أهلية في أفغانستان بين الأحزاب المتناحرة التي تفككت بعد ذلك وتوزع غالبية عناصرها بين حزبي حكمتيار وشاه مسعود .
كانت مقابلاتي الصحفية تجري داخل تلك الأحزاب المحروسة بميليشيات غير مصرّح بها ، فكنت أشعر بالامتعاض في هذه المكاتب التي تدور فيها بعض الأمور والنقاشات المسيئة للدولة المستضيفة ، كما يتواجد في كل حزب محقق وقاض وحراس وغرفة حجز أشبه بالزنزانة ، فكانوا لا يطمئنون لأي شخص موظف في الدولة ولا لأي زائر لمكاتبهم ، لأنهم يعتبرون الحكومات العربية حتى المساندة لهم تعمل ضد المجاهدين ، وفي أحد مكاتب الأحزاب تحسّس القائمون عليه من اسئلتي العادية المتعلقة بدور المجاهدين العرب في أفغانستان وبالأخص ممن يجري تدريبهم في معسكري صدى ومأسدة الأنصار ، اللذين أسّسهما ابن لادن في بيشاور لاستقبال المتطوعين العرب ، وأذكر أنه بعد طرحي لهذا السؤال احتدوا غضبا عندما أسميت هذين المعسكرين اللذين كان يتردد اسمهما دائما في الصحافة العربية وقالوا لي بلغة تهديدية : من أين أتيت بهذه الاسماء وما هي مصلحتك بهذا السؤال ؟ وقال أحدهم كان يضع سلاحه على فخذيه ، لولا معرفة السلطات الاماراتية بوجودك داخل مقر الحزب لاعتقلناك ، لكن حتى تحفظ حياتك نطلب منك وقف المقابلة الصحفية ومغادرة المكان والا ستلقى المصير الذي لا يحمد عقباه ، فغادرت مكتبهم مع العلم أني من اكثر الصحفيين محبة ومودة لهم .
وعلى الرغم من الدعم الرسمي والشعبي الواسع لمكاتب المجاهدين التي حظيت بالتقدير من كل الناس بسبب بطولات الثوار الأفغان ضد الاستعمار الروسي ، الاّ أن مسئوليها وللأسف كانوا يعتبرون رجل الأمن الاماراتي يعمل ضدهم ، فتراهم يتهكمون على كل مسئول أمني أو مدني أحيانا ، وقد كنت أسمع في مكاتبهم سخريتهم وتعليقاتهم على الاماراتيين والعرب ، وحينما يدق جرس الهاتف يردون بقولهم ، فيه عربي موجود عندنا .

في أفغانستان وقبل الاقتراب من النصر على القوات السوفياتية المحتلة أرادت الأحزاب الأفغانية أن تتخلص من بعض المجاهدين العرب غير المرغوب بهم فزجوا المئات من غير المدربين الى معركة جلال أباد الفاصلة ، فقتل عدد كبير منهم بنيران الروس المحتلين ، وحافظوا على فئة من المقربين ممن اكتسبوا خبرة قتالية ، طالبين منهم الانخراط في تنظيم القاعدة لقتال حكوماتهم مستقبلا ، كما قاموا بتوجيه عدد من الأفغان العرب للسفر الى دول أوروبا وأميركا الشمالية بحجة اللجوء السياسي لتنفيذ عمليات استشهادية في بلدانها .. كان مجموع المجاهدين العرب المتبقي في أفغانستان في بداية التسعينات حوالى أربعة آلاف فرد ، وهؤلاء أصبحوا ينتمون الى خط فكري سياسي يمكن أن يطلق عليه الاتجاه الجهادي السلفي ، الذي أصبح أعضاؤه بفعل عمليات غسل الدماغ مقتنعين بوجوب قتال الأنظمة العربية والاسلامية وممارسة العنف ضد حكوماتهم الممتنعة برأيهم عن تطبيق شرائع الاسلام ويقولوا لهم : من يمت في حربه ضد الأنظمة الكافرة يُبعث به الى الجنة ، لكن هناك عددا من المجاهدين العرب رفضوا الانصياع لحركة طالبان المتشددة التي ظهرت حديثا على الساحة ، فارتأوا العودة الى بلدانهم وتسليم أنفسهم طواعية للسلطات المحلية والاقرار بكل ما حصل معهم بندم شديد .
التقيت عددا من المجاهدين العائدين من رحلة الجهاد والشقاء كما وصفوها ، فقالوا ان الشباب العربي المسلم الذين سافروا الى أفغانستان كانت لديهم نوايا صادقة في الاقبال على الجهاد والتضحية بأرواحهم ، وقد كانت رحلتهم خالصة لطلب الشهادة ، لكنّ معاملة الأفغان للعرب بعد تحرير كابل ومجيء أول حكومة للمجاهدين برئاسة صبغة الله مجددي هي التي جعلت هؤلاء المجاهدين يعيدون حساباتهم من جديد ويفكرون بالعودة الى أهاليهم وأسرهم بعد أن أصبحوا أمام الأحزاب المتناحرة محاطين بكل الشكوك والريب وتتقاذفهم الاتهامات بالخيانة والجاسوسية ، الى جانب بروز حالة عدم الثقة بين الجانبين العربي والأفغاني في عهد طالبان ، حتى صار قادتهم يعتبرون المجاهدين العرب - بعد أن تقطعت بهم السبل - عبئا عليهم ويتعين الخلاص منهم ، من غير اعتبار للنوايا المخلصة والمباديء العظيمة والأسباب الايمانية التي قدموا لأجلها للموت في سبيل الله ونيل الشهادة .





تابعونا على صفحتنا على الفيسبوك , وكالة زاد الاردن الاخبارية

التعليقات حالياً متوقفة من الموقع