زاد الاردن الاخباري -
بسام البدارين - حصلت حكومة هاني الملقي، أمس الجمعة، على ثقة مجلس النواب الأردني، بعد أن صوّت 84 نائباً لصالح الثقة، فيما حجبها 40 وامتنعت أربع نساء عن التصويت.
وتزامنت هذه الثقة التي تعتبر «معتدلة ومتوازنة» مع استمرار الضجيج العام الناتج عن أحداث ما سمي بـ»غزوة الجامعة الأردنية»، ما يجعل التحدي الأول أمام الحكومة احتواء ما حصل في أهم جامعات البلاد، حيث انتشرت فيديوهات مرعبة لمجموعات مسلحة بالهراوات والسيوف تقتحم الجامعة الأردنية بطريقة منظمة على خلفية مشاجرة عشائرية وجهوية تخللها إطلاق نار أول مرة داخل الحرم الجامعي.
الثقة حصلت عليها الحكومة بدون اعتماد آلية المشاورات البرلمانية التي كان عبدالله العكايلة ورفيقه صالح العرموطي، فقط من تحدثا عنها، وإن كان التجاهل محصلة للظروف التي تشكلت في ظلها حكومة الملقي الثانية، وليس لقراره أو ميله الشخصي.
باتت الحكومة الآن في وضع مريح برلمانياً وسياسياً، لكي تبدأ عملها في الملفات العالقة، وأهمها الاستمرار بالحفاظ على ثقة البرلمان فيها، وهو ما أشار له رئيس الوزراء في خطاب الشكر القصير، عندما وعد جميع النواب بالعمل معهم في إطار وسياق الشراكة كما أصبحت مفوضة تلقائياً بإكمال ثلاثة مشاريع، كانت دوماً حساسة ومثيرة للجدل، وهي الاتجاهات الاقتصادية غير الشعبية المتوقعة والعلنية، ثم تنفيذ اتفاقية الغاز مع إسرائيل، وثالثاً: الاستمرار في تطوير برنامج تعديل المناهج.
هذه المشاريع الثلاثة لا يملك مجلس النواب أخلاقياً وسياسياً الحق في إعاقتها لإن الثقة منحت للحكومة رغم أنها لم تقدم أي تنازل من أي نوع بخصوصها. ما يعني أن الملقي يستطيع الذهاب إلى المحطات التالية لحكومته وهو مرتاح دستورياً، الأمر الذي يعزز موقعه التفاوضي وقدراته على المناورة والمناولة السياسية مع بقية مراكز القرار النافذة في أجهزة الدولة.
لا مجال للتكهن بأولويات الحكومة بعد الثقة، لكن على الأرجح ستتصدرها خطة الترتيب المالي والاقتصادي حيث سيتم توحيد الضرائب على السلع وتقرير آلية جديدة لتقديم الخبز المدعوم للأردنيين فقط، وستتوحد الضريبة بعد تخفيض الجزء المتعلق منها بالمبيعات قليلاً على أن ترتفع أسعار الخدمات.
بمعنى آخر، وبموجب الثقة، حصل الملقي على تفويض من مجلس النواب يسمح برفع الأسعار عموماً في كل القطاعات على أساس الوضع الاقتصادي الحرج والحساس وضرورة الانتقال بشفافية لمستوى معالجة الضعف المالي والتقشف وبدون تردد. وعليه، لن يتمكن مجلس النواب من بناء أي صورة إيجابية له لدى الرأي العام، وستتواصل حملات النقد الشعبية التي تستهدفه، رغم اتجاه رئاسته نحو برنامج الشراكة «الواقعية» مع الملقي، وفقاً لتوجيهات خطاب العرش الملكي.
في حين، ستعمل الحكومة في وضع مرتاح أكثر حيث أثبت بعض أفراد طاقمها من السياسيين والتكنوقراط جدارتهم ونشاطهم في خدمة مشروع الحصول على الثقة، مع ملاحظة لا يمكن تجاهلها وتتمثل في أن الحصول على الثقة لم يرافقه «مجهود إستثنائي» حقيقي من قبل من يجلسون في موقع «نائب الرئيس»، إذ يمكن ملاحظة عدم وجود دور حقيقي لكل من جواد العناني وناصر جودة في مواجهة الاستقطاب من أجل الثقة، فيما نشط وزراء على طريقة الجندي المجهول في كواليس النواب مع دور لم يظهر للنائب الثالث محمد الذنيبات.
في هذا السياق، لا يمكن إنكار دور وزير التنمية السياسية وشؤون البرلمان، موسى معايطة، ووزير التنمية الاجتماعية، وجيه عزايزة، وكذلك دور وزير الاتصال، محمد مومني، وفي بعض الأحيان، وزير البلديات وليد المصري.
حركة الحكومة و»تكتيكات» الحصول على ثقة النواب وسط حقل ألغام سياسية واقتصادية، كشفت للملقي، طبيعة خارطته الداخلية مع أفراد طاقمه، بحيث استقرت أكثر في ذهنه تفصيلات الخطوة المهمة اللاحقة بعنوان «من سيبقى ومن سيغادر الفريق» في أقرب محطة للتعديل الوزاري.
التعديل الوزاري، وفقاً لمصادر مقربة من رئيس الحكومة سيكون موسعاً جداً وسيخرج بموجبه أقطاب مهمون في الحكومة وسيأتي غيرهم من طبقة التكنوقراط.
القدس العربي