زاد الاردن الاخباري -
بقلم: جهاد احمد مساعده
لا يخدعنك هتاف القوم في الوطن
فالقوم في السر غير القوم في العلن
إن استخدام وسائل التواصل الاجتماعي وخاصة وسيلة الفيس بوك تكشف لنا الكثير من الحقائق التي قد تغيب عن العديد من الناس، فقد أصبحت هذه الوسيلة سيف ذو حدين، فمنهم من يستخدمها لصالح البشرية والنفع العام، ومنهم من يستخدمها لتأليب الرأي العام لحشد العواطف، واستفزاز المشاعر بهدف تغييب العقل تحت شعارات ظاهرها العدالة وتكافؤ الفرص وباطنها الخيانة وإثارة الفتن في المجتمع، مما تؤدي إلى خداع الكثيرين ممن تستهويهم الشعارات الطنانة.
نلاحظ اليوم شعارات جديدة مستحدثة، يروج لها أصحاب النفوس المريضة مستشهدين بأقوال ولي الأمر في ترسيخ المفاهيم الوطنية ونشر العدالة، هؤلاء الذين يتغنون بالعلن في الإشادة بتلك الأقوال؛ إذ نجدهم أول من يجلدون الوطن في الخفاء، بل هان على بعضهم أن يعلن عن كفره بالوطن.
لا اعرف أي نفاق وسموم تبثهُ هذه الزمرة المارقة الذين يتشدقون بمنشوراتهم على وسائل التواصل الاجتماعي بحب الوطن، ويحصنون أنفسهم بأقوال ولي الأمر في العلن، وينعتون الوطن في السر بأقبح العبارات بهدف إثارة الفتن في جنبات المجتمع، ويشككون في نزاهة الشرفاء الذين بذلوا أنفسهم رخيصة في بناء دولة المؤسسات.
ولقد صدق قول الشاعر بهم حين قال:
لا يخدعنك هتاف القوم في الوطن فالقوم في السر غير القوم في العلن
فهم وان لم يك لهم تأثيرا إلا على من هم على شاكلتهم، إلا أن كلامهم يمهد إلى هدم جزء من بنية المجتمع واستهداف وحدته، وكما أسلفت في بعض المقالات السابقة أن البعض منهم يستخدم أسماء وهمية، ومنهم من يستخدم أسمائهم الحقيقية، باعتبار أن هذه الوسائل لمهاجمة مؤسسات الوطن أو بعض رجالاته أصبحت مسرباً سهلاً وسريعاً للشهرة، مما يتطلب الأمر من الجهات الحكومية والقضائية إلى وضع الضوابط الأخلاقية في استخدام هذه الوسائل التي تُستغل في غير موضعها؛ فغيابها يعد بمثابة نحر الوطن لحساب مصالح شخصية ضيقة، ولأن ممارسة حرية التعبير دون ضوابط ومحددات مسئولة تحيد بالنصوص الدستورية عن مراميها الدقيقة، وتغفل الآثار الجانبية المدمرة على الفرد والمجتمع؛ فقد غُذِي هؤلاء الأقزام بأفكار تعمل على تشويه صورة الحكومة، ومسؤولي الدولة عند الشعب وممثليه لإحداث الفرقة خدمة لمصالحهم الشخصية.
إن اختباء هذه الزمرة المارقة والمنافقة وراء ما يطلقه ولي الأمر من أفكار لبناء الوطن، لم يعد أمراً مقبولا، ولم يعد هذا الاختباء ملجأ لتبرير مهاجمة رموز الدولة أو مؤسساتها، فهذه السلوكيات تعد إساءة بالغة، ولا ينفي عنهم صفة الكذب والنفاق فما هم في حقيقة الأمر إلا جرذان يجلدون ظهرالوطن بالخفاء.
فنراهم يستهدفون كل إنجاز وتطور في وطننا، وأصبح التشكيك في عقيدتنا ديدنهم، مستغلين ما يحدث من جعجعة حول تطوير المناهج قضية كبرى يطنطنون حولها، فأصبح الجاهل منهم يتنطح لها قبل العالم والمختص، والهدف من هذه الجعجعة ليس حباً في الوطن وشبابه وغيرةً على مؤسساته التعليمية، بقدر ما هو استهداف لشخص وزير التربية الذي أعاد الألق إلى التعليم والهيبة إلى المعلم، وحدّ من تفشي ظاهرة الغش في امتحان الثانوية العامة، ووضع أسس لمعادلة الشهادات الدراسية التي يحصل عليها الطلاب من الدول الخارجية.
وفي الجهة المقابلة نرى جعجعة أخرى فارغة تستهدف وزير الشباب لأنه يحمل رؤية لتطوير الوزارة وإعادة دورها الحيوي المهم في المجتمع، فطرح المبادرات للنهوض بالوطن وشبابه، وشجع المؤسسات المعنية بالشباب للقيام بدورها، وأتاح الفرصة أمام الكفء لتولي المسؤولية، ووفر على خزينة الدولة أموال طائلة كانت تذهب سدى، إلا أن هناك زمرة من الأصوات الموتورة ما زالت تنعق بهدف التشويش على ما يقوم به من إصلاحات لعرقلتها بشتى الوسائل.
ويا أسفاه !! فأصبحت الأصوات الموتورة في وسائل التواصل الاجتماعي تنهش في مناعة الوطن ومؤسساته ورموزه ورجالاته، معتقدين أنفسهم أن كل منتقد ناقم على الوطن يعد بطلاً صنديدا، وفي المقابل أصبح لديهم قناعة بأن الذي يدافع عن الوطن ومكتسباته والتعبير عن الحرص على أمنه واستقراره مطبلاً ومزمراً وما إلى ذلك من أوصاف يعفّ عن ذكرها اللسان.
ويا عجباه !! ..هؤلاء الزمرة من المنافقين تجد داخل أنفسها الخبيثة كل حقد، فهم من يركضُ بحثاً عن تصيد أخطاء الناس الناجحين، معتقدين أنفسهم أنهم على طريق الهدى وغيرهم على طريق الضلال، وأصبحوا الآن من رموز البر والتقوى، ويتهمون غيرهم من الكفاءات الوطنية بأنهم جاءوا بالواسطة والمحسوبية .
أقول عجباً ممن يتحدث عن الواسطة والمحسوبية فهي من جعلته يأخذ مكان غيره على غير وجه حق!
وعجباً ! ، كيف تتحدثون عن حب الوطن وأنتم من يحارب الإصلاح في مؤسساته !
وعجباً منكم!! كيف تتحدثون عن الوطن وأنتم من يشوه صورة مؤسساته على صفحاتكم الصفراء النتنة!
فمهما كتبتم تمجيدا للوطن، فتاريخكم أسود وملطخ بأقذر الأفعال والأقوال ما ظهر منها وما بطن، فالوطن قادر على نبذ أشكالكم في السر كما ينبذها في العلن.
وأختم بهذا القول الذي عليكم إدراكه واستيعابه:
لا يكذب المرء إلا من مهانته
أو فعله السوء أو من قلة الأدب.