تنتشر العمالة الوافدة في الأردن شانها في ذلك بقية دول العالم وتتوزع في معظمها على قطاعات اقتصادية رسمية وغير رسمية تقدر بنحو 1.2 مليون عامل منهم 750 ألف عامل مصري ، منهم 130 ألف عامل يقيم مع عائلاته في المملكة ، ونحو 300 ألف عامل سوري وفقاً للإحصاءات الرسمية.
إن ظاهرة الاعتماد على العمالة الوافدة في المملكة قديمة ارتبطت مع بديات الطفرة التي شهدها الأردن في أوائل الثمانينات من القرن الماضي، حينما بدأت الحكومة بوضع خطط التنمية الاقتصادية والاجتماعية حينها، والتي انصبت على تطوير البنى التحتية وتهيئة الموارد البشرية لمحاولة سد فجوة الطلب على تخصصات مهنية كالإنشاءات والزراعة لكونها غير متوفرة أو غير مرغوبة لدى الأردنيين ، كما أن النظرة الدونية لهذه المهنة من قبل المجتمع، وانخفاض معدل الأجر المدفوع كانت أسباباً لتفضيل العمالة الوافدة ، ورغبة أصحاب الأعمال في القطاع الخاص في عمالة مستقرة قليلة التكلفة .
لقد استفادت تلك العمالة بسبب تدني مؤهلاتها وخبراتها من سوق العمل المحلي أكثر مما استفاد السوق منه، وتنقلت بين قطاعات مختلفة أينما توفرت فرصة عمل لديها فعملت في الزراعة والمطاعم وفي أعمال النظافة ، وانتشرت العمالة المنزلية بشكل كبير جداً من العمالة المصرية ، مما يعني أن هذه العمالة غير متخصصة وليست مدربة بالتالي يمكن الاستغناء عنها بمجرد توفر البديل المحلي ، دون أن يتأثر سوق العمل المحلي بسبب عملية الإحلال أو التبديل، دون أحداث أي تشوهات أو اختلالات بسبب ذلك .
نؤكد على الدور الإيجابي الذي قامت به العمالة الوافدة في رفد الاقتصاد باحتياجاته من العمالة في فترة معينة ، وندرك أن للأردن علاقات سياسية خارجية تتطلب تنميتها والحافظ عليها وعدم المغامرة في تسريح تلك العمالة ، ولكن لا ننكر الدور السلبي الذي تتركه على الاقتصاد المحلي من خلال 500 مليون دينار كتحويلات لبلادهم ، ولم تسجل مساهمات واضحة لمدخراتهم في الدورة الاقتصادية المحلية ، وظهور قطاعات اقتصادية مغلقة احتكرتها جنسية واحدة من العمالة كالبناء أو عمال الخدمات العامة والزراعة ، كما نشير أن الملف الأمني وتداعيات ما يسمى "بالصقيع العربي" قد تسهل اختراق أصحاب الأجندة المشبوهة للأردن .
وندرك أيضاً الحاجة أن تلك العمالة كان الأردن يحتاجها في فترات سابقة ، لكن مع وجود 350 ألف عاطل عن العمل ، وطفرة الشهادات والتعليم لدى الأردنيين زاد من عرض العمل المتاح وزادت معدلات البطالة معه ، ناهيك عن شح فرص العمل في أسواق العمل التقليدية ، بل أن انعدامها على المدى القريب سيكون ضرورة ملحة لمراجعة ملف العمالة الوافدة في الأردن .
من الممكن أن هذه العمالة جاءت بسبب وجود فرص عمل لها في الأردن ، أما أن نجد بطالة بينها تتسكع في الشوارع العامة في بعض المحافظات دون عمل ودون حسيب أو رقيب ، فهنا علامة استفهام كبيرة على أداء وزارة العمل في معالجة هذا الخلل؟
د.إياد عبد الفتاح النسور
Nsour_2005@yahoo.com