بعد أن تخلى القريب قبل البعيد عن هذا الوطن، وبعد أن عاث فيه بعض أبناءه فسادًا وإفسادًا، وأوصلوه إلى الهاوية أو قريبًا منها، فإنه يمكن القول أن السيل قد بلغ الزبى (!!)
ومستوى الغضب الشعبي يتصاعد، والمواطنين ينتظرون الفرج، وحتى بعض من يسمون أنفسهم موالاه أو سحيجه سمهم ما شئت، كفروا بالوضع الذي آلت إليه أحوال الوطن، ولن أخوض في ذكر المعاناة وتكرارها لأن الجميع يعلم جيدًا ويشعر بذلك، خاصةً وأننا جميعًا في قلب الطاحونة، والضجيج بلغ ذروته، ولكن الطحين يقل تدريجيًّا أو يكاد يتوقف نهائيًا (!!)
وحكوماتنا ونوابنا وأعياننا باتوا جزءًا أساسيًا من المشكلة بل هم المشكلة الكبرى فيما وصل إليه الوطن والمواطن، ورحيلهم وتبديلهم بين الفينة والأخرى أصبح بمثابة فرصة لالتقاط الأنفاس وترتيب الأوراق لا أكثر، وليس حلا لأي معضلة أي كان نوعها سياسيةٍ كانت أو اقتصادية وصار الناس لا يجدوا غير أبواب السماء لبث شكواهم (!!)
هنا أُذكّر بأن الشجعان هم من يعترفون بالخطأ ويتراجعون عنه لمنع تدهور الأمور، فهل يمتلك الشجاعة أحدًا ما في هذا الوطن و يخرج على جموع الأردنيين من المعارضين قبل المؤيدين، ويعلن تحمله المسئولية الكاملة أو بعضًا منها من أجل أن يخرج الوطن من هذه المتاهة، ويبدأ الأردن عهدًا جديدًا ؟
فهل ظل في وطننا من يحمل اللواء، ويدق ناقوس الخطر سيما والمعركة تحتدم، ونحن بين متفرج ومصفق ومتخاذل ومتقاعس ومنظر، والأسوأ بانتظار الجميع (!!)
الكلي تحدث وأدلى بدلوه والكل يجرّم الفاسد واللص، ولم يجرموا المجرم الحقيقي بعد بل لم يُعرف اللص الحقيقي أين هو ومن هو وكيف له أن يوصلنا والوطن إلى الدرك الأسفل من الوضاعة والمِحن والعوز وكل هذا الوه الذي ينخر بالجسد الجمعي للجميع (!!)
ألا يتحمل أحدا وزر هذا الذي لا يحمل في طياته مبدأ دينيا أو أخلاقيا، أو احترامًا للذات، وهل يُعقل أن يتحمله الصامتون الذين علموهم الخنوع والخضوع وتغييب الذات، و لسان الحال يقول إن هذا بات جزءً لا يتجزأ من حياتنا وما علينا سوى أن نعيش معه، وإذا حاولنا التخلص أو التمرد أو التصحيح فالعواقب قد تكون وخيمة، وكي لا يحصل بنا ما حصل مع غيرنا وعليه فليبقى الحال، ولا باس لو انتقلنا إلى الأسوأ ؟ (!!)
في الختام ليعلم القاصي والداني أن الأمم العظيمة لا تصبر على ضيم ولا تضحي بمستقبلها لأن الظالم مستعد لعمل المجازر دفاعا عن مكتسباته وليذهب الجميع إلى الجحيم .. ألا هل بلغت ؟ اللهم فأشهد (!!)