زاد الاردن الاخباري -
أمر هام ومفصل جديد في علاقة الاخوان المسلمين مع الدولة والمجتمع ما تم تداوله من اخبار حول اكتشاف مخيمات لشباب الاخوان يمارسون التدريب العسكري ورافق الخبر نشر صور عن تلك التدريبات، لكن الخبر الذي كان من مصادر رسمية لم يتبعه تعامل واضح من الجماعة غير المرخصة باستثناء تصريح من امين عام حزب الجبهة اعتبر الخبر افتراءً، لكن هذا النفي من الحزب لا يمثل موقفا كاملا فالاتهام والصور موجهة.
للجماعة التي لم تقل اي شيء ربما لغياب القدرة على الرد، او ربما تعتقد ان الامر ليس اكثر من خبر عابر سيمر وبالتالي لا تريد ان تتحدث وتعطي للموضوع اي مساحة وبخاصة انها منشغلة بالانتخابات.
وبالإطار الفكري الاوسع وبعيدا عن الصور التي رافقت الخبر فان فكرة العمل العسكري والتدريب جزء من فكر الحركات الاسلامية وفي مقدمتها الاخوان، وتاريخيا كان للتنظيم نهج تربوي في مناهج الحركة يعطي للاستعداد البدني مساحة واسعة، وهذا المنهج التربوي كان له جوانب عملية من رحلات وتنظيمات كشفية ومعسكرات تدريب وتنظيمات سرية عسكرية في العديد من الدول ابتداء من مرحلة الشيخ حسن البنّا وفي بلدان عديدة، وتاريخ الجماعة الذي يرويه أعضاء فيها ومن قيادات التنظيم سواء في مصر او سوريا او غيرهما من الدول كان يتحدث عن التنظيمات العسكرية والتدريب كجزء من فكر الجماعة، بل ان عملية الاغتيالات التي تمت في الأربعينيات من القرن الماضي بحق سياسيين وقضاة وخصوم كانت على يد التنظيم السري، وحتى العلاقة مع تنظيم الضباط الأحرار بزعامة عبد الناصر كانت من خلال تنظيم عسكري وهذا ما ورد في مذكرات قاده الجماعة.
وفي سوريا كانت حكاية التنظيم العسكري ولعل ما كتبه احد اهم قيادات اخوان سوريا الاستاذ عدنان سعد الدين في مذكراته يشير الى تلك التجربة العسكرية، وفي المحصلة فان القضية الأساسية وجود مكان في فكر ومارسه الجماعة يؤمن ويعمل على البناء الجسدي وشبه العسكري لاعضاء الجماعة، والغالبية العظمى ممن عاشوا داخل الجماعة لهم تجارب في هذا المجال في الرحلات والمخيمات واشياء اخرى.
القضية الأساسية في الفكر والنهج التربوي امام الممارسة فمرتبطة بالظروف والمتغيرات، والسؤال الذي يرافق هذا النهج لمن الاستعداد ولماذا بناء عقلية عسكرية او توجه لدى أعضاء الجماعة وشبابها يقوم على التدريب والاستعداد لجماعة تتحدث عن العمل السلمي والمشاركة !
من الناحيه السياسية وبعيدا عن حجم عملية التدريب التي تحدثت عنها الأخبار والصور التي شاهدناها فان الامر يمثل حالة سياسية هامة ليس من المتوقع ان تمر مرور الكرام وبخاصة ان الجماعة غير المرخصة تعلم جيدا اكثر من اي احد الصورة التي رسمتها لنفسها داخليا خلال فتره الحراك وأحداثه، وان الجماعة اليوم تواجه في المنطقة حكما بأنها تنظيم ارهابي ومحظور، ولنتذكر تأثير تعاملها في مصر بعد خروج الجماعة من السلطة هناك وكم هي الاعمال ذات الطابع العسكري هناك، والاهم ان وجود نهج مازالت الجماعة تمارسه على صعيد الإعداد البدني شبه العسكري امر يثير لدى الجهات المعنية الكثير من الشكوك والتساؤلات، ولعل اهل الخبرة يدركون ان الامر لا يتعلق بالخبر والصور بل بأمور اخرى في ذات الاتجاه ربما يسمع عنها الناس في قادم الأيام.
امر هام وصمت قيادة الجماعة غير المرخصة عنه لا يعني انه ليس أمرا هاما بل ربما يفتح الباب لمسارات اخرى في علاقة الدولة مع التنظيم، فالامر يتعلق بفكر تربوي وليس مجموعة شباب يقفزون من فوق النار.