زاد الاردن الاخباري -
يظن البعض أن مواجهة بعض التحديات مستحيلا، وهذه فكرة خاطئة، فحتى المستحيل تجد له، أحيانا، مخرجا ذكيا مبتكرا.
سنغافورة، مثلا، في وقت ما ، قبيل العام 1960 كانت تواجه تحديات مستحيلة، كانت قد خرجت من الإحتلال البريطاني، الذي دام أكثر من 150 عاما، بأوضاع يرثى لها، اقتصاديا وإجتماعيا وسياسيا، بطالة، انهيار في كافة المستويات، ثم بدأت بمواجهة شاملة لتلك التحديات، خطط مدروسة قابلة للتنفيذ، وفي زمن قياسي، تحولت لتصبح من أكبر الأسواق المالية التي تضم أكثر من 700 مؤسسة اجنبية و60 مصرفاً تجارياً إضافة الى بورصة مزدهرة لتبادل العملات الصعبة بحدود 60 مليار دولار.
السياسات والاستراتيجيات العامة لم تكن وحدها الخطة العظيمة التي اتبعتها سنغافورة لذلك التحول، بل إن التركيز على تطوير الفرد والتنشئة وتحسين مستوى التعليم والسعي تحقيق الأمان والسعادة المجتمعية كان لها الدور الأبرز في النمو، وفيما بلغته من ستغافورة من تحول وتطور، خلال فترة زمنية توصف بالمستحيلة.
مما لا شك فيه، أن التنشئة الإجتماعية والتعليمية والفكرية المتفوقة تعد المحور الرئيسي في أي تقدم علمي تشهده المجتمعات، وأن أي عملية تستهدف بشكل مركز بناء الإنسان، الفرد، وجعله محور التنمية ومصدرها الرئيس، ستتخطى التحديات، اليابان أيضا، واجهت تحديات مماثلة، فذهبت مسرعة نحو الفرد والتركيز على التنشئة الإجتماعية العلمية بشكل مكثف وتسليح المجتمع بالعلم والمعرفة، وبذلت جهدا وإنفاقا ماليا عاليا لرفع مستوى التعليم بأفضل وأحدث المناهج والذي يتماشى مع آخر مستجدات التقدم العلمي والتقني.
بعض المجتمعات، ما زالت ترى المستحيل مستحيلا، وبسبب بعض الأفكار والتقاليد البالية مازالت تتحرك ببطء في تطورها، مع أن التساؤلات القائمة في المجتمعات على المقارنات في الجندر، العرق، والأصول وتباين الحقوق والواجبات، سبب دمارها الأول، لا أحد يسأل ماذا قدم من إبداعات وإبتكارات لمجتمعه، بل يلقي بالمسؤولية على الآخرين!! بالطبع لا نعفي الحكومات التي تكرس في قوانينها تلك المقارنات وتتركها عائمة، ولا نعفي القائمين على الخطط والسياسات والمناهج التي قد تهمل المنظومة الصحيحة المجربة الناجعة في التنشئة وتلتفت عنها نحو مواضيع تقل أهمية تنتج مجتمعا كسولا ينام ليله الطويل غاضبا أو حالما فقط!
قد لا تكون المقارنات منصفة دائما ! لكن نموذج سنغافورة أصبح علامة بارزة في تاريخ النمو الإقتصادي الذي يدعو إلى التركيز على التنشئة والتعليم والتدريب والسعادة المجتمعية واستشراق المستقبل والحث على الإبداع والإبتكار وقد تكون هذه المنظومة المتكاملة هي الأنموذج الحي للمجتمعات والإقتصادات الناشئة التي تسهم في إضافة إضاءة للطريق الذي يؤدي الى النمو والتطور الشامل.