أين حقي كمواطن في الحصول على الرعاية الصحية المناسبة ، دون المساس بكرامتي ؟! خاصة بعد أن انتشرت مع الأسف ظاهرة "التعالي الطبي"، بين البعض من أطبائنا المهرة، الذين نفاخر بهم الدنيا ، وبفضلهم يقصدنا العديد من المرضى من دول الجوار لتلقي العلاج في بلدنا الذي يمتاز بتقدمه الطبي عن غيره من الدول.
في السابق كان الشخص الذي لديه تأمين صحي في المؤسسات العلاجية الطبية يعاني من طول فترات الانتظار ، نظرا للاعداد الكبيرة وضعف الطاقة الاستيعابية، وقلة الأطباء، الذين تجبرهم الظروف على الهجرة أو الاعارة أو الحصول على عقد عمل لتحسين الوضع .
كان المنتفع (ينقع )، وقتا طويلا وهو يقضي على كرسي الانتظار ليتفاجأ بتلقي العلاج من قبل أطباء الامتياز، ولفرط يأسه يقبل بذلك ،ويرضى بعدم توفر العلاج والقبول بالبديل غير المجدي،وإعادة صرف العلاج لتحقيق الفائدة .
للأسف هذه الخدمة التي تبعد كثيرا عن ما يسمى بحقوق الانسان ، كانت تشعر المنتفعين أنهم نخب ثاني ، وعليهم قبولها دون ابداء أي اعتراض ، على الرغم من أنهم قضوا أجمل سنوات شبابهم في الخدمة ، ويحسم من رواتبهم مبالغ شهرية نظير حصولهم على هذه الخدمات الصحية .
والآن ، انتقلت هذه الحالة إلى القطاع الخاص أيضا ، وأصبح الدخول الى الطبيب المعالج يحتاج إلى ساعات ، يتخللها وابل من "الأفأفآت"، التي تمطرها موظفة العيادة، كلما سألتها عن موعدك مع الطبيب، أو آلية الدخول لما تشهده من فوضى عارمة، وما عليك سوى الانتظار الذي يتخلله دخول مندوبي المبيعات، وبعد طول عناء ، و تتشهد ألف مرة، يحين موعدك ، لتتفاجأ بكشرة الطبيب(وكأنه يمن عليك بالعلاج)، التي تأخذ غريف قلبك، وتنسى معها مرضك ووجعك ، وخلال حديثك عن شكواك، يشغل الطبيب نفسه على صفحات الكمبيوتر، واستقبال المكالمات عبر هاتفه الخلوي، أو التي تحول إليه من السكرتيرة، ويكتب العلاج متثاقلا مع تحديد الصيدلية والمختبر، لتصل الامور إلى الاتصال بالمعنيين فيهما ، لابلاغهم بقدومك .
ومثلما دخلت بسرعة تخرج بطريقة أسرع وأنت تلملم اشلاءك ، وتدفع ذات التسعيرة بغض النظر عن الراحة النفسية ،التي تشكل نصف العلاج لعدم قدرتك على ايصال شكواك .
كما نقدر للطبيب الانسان الذي أفنى عمره في الدراسة ليقدم لنا خبراته وعلمه ، ولساعات العمل الطويلة التي يقضيها في معاينة اعداد ونوعيات مختلفة من المرضى ، رغم ما يمر به من ظروف كأنسان،لكن على الأطباء أن لا يشعروننا بأننا نتطفل عليهم ، وأن ما يمنحونا اياه من وقت للعلاج ليس من حقنا .
أين النقابة من كل هذا ؟ التي عليها تحديد ساعات العمل في العيادات ، لأنه ليس من المعقول أن يحافظ الطبيب على عطائه ،وهو يستقبل أعدادا كبيرة من المرضى يوميا .
التعميم في هذه الحالات جائر وغير منصف ، لكن يبقى سؤال عن كل ذلك والموجه لنقابة الأطباء ، أين حقوق أطبائنا ؟ وأين حقوقنا نحن كمرضى متلقي الخدمة!!!