توقفت أمام احدى محطات البنزين؛ وإذ برجل يحمل زجاجة مشروبات غازية فارغة يقف أمام ماكينة تعبئة البنزين ويقدم للموظف دينار ويطلب منه أن يملأ له الزجاجة ، والمفاجئة بقيمة دينار أردني تم تعبئة ما نسبته 90% من زجاجة المشروبات الغازية التي تتسع للتر وربع من السكر والماء والصبغات والقليل من النهكهة مع غاز ثاني أكسيد الكربون .
هذه المفارقة تجعل من الموقف أكبر من حجم زجاجة المشروبات الغازية وأكبر من لغز تسعيرة الوقود الشهرية التي عجز كبار المحللين الاقتصاديين في البلد على سبر غورها وفهم معادلات أرقامها وكيفية تسعيريتها ، وفي زمن سابق كان سعرلتر الماء في دول الخليج أغلى من سعرلتر البنزين السوبر ، وكانت تلك حكاية يتم تناقلها بين الأردنيين خصوصا كون أسعار البنزين لديهم مرتفع جدا مقارنة بسعره فيدول الخليج .
والحديث هنا عن تكلفة لتر المشروبات الغازية مقارنة بتكلفة لتر البنزين ؛ وأين يذهب هامش السعر الكبير الذي يباع فيه ؟ ، مع أن مكونات لتر المشروبات الغازية وعملية تصنيعه وحجم العروض التي ترافق عميلة بيعه للمحال والمولات الكبيرة تجعل منه لغزا كبيرا ، وفي نفس الوقت يصعب على المواطن أن يفهم معادلة تسعيرة البنزين ، ويغيب عن عقله مجرد محاولة التفكير في القيمة النقدية التي يدفعها مقابل لتر المشروبات الغازية ولايقدم لنفسه أية مبررات لهذا الارتفاع ، ومن باب أن العادة الاستهلاكية هي التي تتحكم بسعر لتر المشروبات الغازية ، وبينما لايحق للدولة أن تتلاعب بأسعار البنزين وتقوم ببيعه للمواطن بأسعار مرتفعه " كما يفهمها المواطن " ، وهو نفس المواطن الذي لايقدم للدولة أية أعذار عند رفعها لأسعار البنزين ، وفي هذه المفارقة سيبقى مشهد تعبئة المواطن لزجاجة المشروبات الغازية بالبنزين ملتصقا في ذاكرتني لأن الفائدة من البنزين لايمكن مقارنتها بالفائدة التي تأتي لمستهلك المشروبات الغازية ؟.