يدور جدل واسع الان بين المهندسين الاردنيين ، حول الخطر الذي يحيق بصندوق التقاعد ، والذي يؤمن للمهندسين وعائلاتهم رواتب تقاعدية في حالات العجز والشيخوخة والوفاة ، بعد ان اعلنت النقابة عن نيتها عقد اجتماع استثنائي للهيئة العامة ، لمناقشة الخطر المحدق بصندوق التقاعد .
لن اتطرق لما يقال عن اسباب هذا الخطر ، سواء من ناحية ما يقتطع من عائدات صندوق التقاعد لاغراض اخرى ، غير التي انشيء من اجلها الصندوق ، ومنها ما يسمى صندوق المسؤولية الاجتماعية ، الذي يتعارض مع قانون النقابة ، او ما يقال عن تبرعات للنقابة من هذا الصندوق ، وغيرها مما لا نعلم عنه من انشطة تتم على حساب صندوق التقاعد ، لكنني ساقتصر الحديث هنا ، عن موضوع الدعوة الى عقد اجتماع استثنائي للهيئة العامة ، لاقرار توصيات اعدت سلفا من النقابة ، دون التشاور مع المهندسين في مختلف مواقعهم ، ودون اطلاعهم على ما آلت اليه احوال الصندوق.
لقد دعت النقابة الى اجتماع استثنائي للهيئة العامة لمناقشة وضع الصندوق ، يوم الاثنين القادم ، الموافق 22 شباط الحالي ، وبالتاكيد لن يكون هناك نصاب قانوني ، وهو نسبة 50% زائد واحد ، حيث ان عدد اعضاء الهيئة العامة قد تجاوز المئة الف مهندس ، موزعين على مختلف مواقع العمل في المحافظات ، ولا يمكن باي حال من الاحوال ، جمع العدد الذي يحقق النصاب القانوني ، والذي يتجاوز الخمسين الف مهندس .
لذلك سوف يؤجل الاجتماع على الاغلب الى يوم الاحد التالي ، الموافق 28 شباط ، وسوف يكون الاجتماع قانونيا بمن حضر ، والذي ربما لا يتجاوز البضع مئات ، وهنا مكمن الخطر ، حيث سيقرر هولاء المئات من المهندسين ، واغلبهم من عمان وضواحيها ، مصير اكثر من مئة الف مهندس وعائلاتهم ، وهذا الامر لا يحقق العدالة مطلقا ، ولا يخدم الا اجندة حزبية للقائمين على النقابة ، حيث لديهم القدرة على جمع مناصريهم ، مستفيدين من التوزع الجغرافي لهم ، والتصويت على اي قرار يتخذونه ، حتى لو تعارض مع مصالح المصوتين انفسهم ، نتيجة لتغليب المصلحة الحزبية على مصالح عموم المهندسين .
اما لماذا لن يحضر الاجتماع الا بضع مئات ، فلان الاجتماع سيعقد في يوم عمل وليس يوم عطلة ، وبسبب التوزع الجغرافي للمهندسين العاملين ، القاطنين في اماكن بعيدة ، والذي لن يستطيعوا ، او سيجدون مشقة في القدوم لعمان ، فكيف لمئات المهندسين العاملين بالعقبة ، ان يحصلوا على اجازات جماعية من عملهم ، والقدوم لعمان ، وكذلك الحال لمهندسي الفوسفات في الحسا والشيدية ، ومصانع الاسمنت ومختلف الشركات والبلديات المنتشرة في المحافظات .
لقد عالج نظام نقابة المهندسين مثل هذا العائق ، في موضوع انتخابات الشعب والنقابة العامة ، حيث تجري الانتخابات في يوم عطلة ، وفي مقرات فروع النقابة في المحافظات والشركات ، لكنها لم تعالج هذا الخلل في موضوع اجتماعات الهيئة العامة ، التي تتخذ القرارات المصيرية بحق المهندسين ، فيقتصر اتخاذ هذه القرارات ، على بضع مئات من الذين يمكنهم الحضور ، او يتم حشدهم للحضور دون عناء ، وهم ولاسباب التوزع الجغرافي يشكلون باغلبيتهم طيفا واحدا ، يساند اي تعديل من النقابة الحالية .
اننا ونحن نقدر لنقابة المهندسين ، هذا المستوى المتقدم من العمل المؤسساتي الذي نشهده ، ونحن على تواصل دائم معها ، لامور تتعلق بدفع الاشتراكات او الخدمات الاخرى التي تقدمها ، لكن صندوق التقاعد موضوع اخر ، نعتبره خطا احمرا ، لانه يمس مصيرنا في مرحلة الشيخوخة والعجز ، ومصير عائلاتنا في حالة الوفاة ، ولا يجوز ان يظل نظام عقد اجتماعات الهيئة العامة ، على هذا المنوال الذي لا يتماشى مع مصالح المهندسين .
ان مضاعفة الاقساط التقاعدية دون رفع قيمة التقاعد ، سيرهق المهندسين ، ولن يكون في صالح اشتراكهم في الصندوق ، اما رفع سن التقاعد الى 65 عاما بدلا من 60 عاما ، فهو المصيبة الكبرى ، التي ستؤدي الى مزيد من الاستنزاف لاموال المهندسين ، دون عائد يذكر ، وحرمانهم من الراتب التقاعدي لخمس سنوات ، تشكل نسبة لا باس بها من اعمارهم ، وهو ما يخالف قوانين التقاعد في معظم دول العالم المتقدم ، ومنها قانون التقاعد الحكومي وقانون الضمان الاجتماعي في الاردن ، فكيف نرفع سن التقاعد لاردنيين يعانون ضائقة العيش ، وينتظرون بفارغ الصبر قدوم الراتب التقاعدي للنقابة ، كي يكون لهم عونا على مواجهة تكاليف الحياة ، وعلى اي اساس قررت النقابة رفع سن التقاعد ، هل اعدت دراسة ، اكتشفت من خلالها ارتفاع مستوى معيشة الاردنيين ، مما انعكس عليهم باطالة اعمارهم الى التسعين مثلا ، هل نحن نعيش كالالمان مثلا ، اعتقد انه لو لجات الحكومة الاردنية ، الى رفع سن التقاعد للعاملين الى 65 عاما ، ومنهم المهندسون ، فان نقابة المهندسين ستكون اول المعترضين ، فكيف تسمح لنفسها بفعل تنهى عنه .
مطلوب من نقابة المهندسين ، الاصغاء الى منتسبيها وطلائعهم التي تمتلك المعرفة والخبرة في هذا المجال ، بعد مصارحتهم باوضاع صندوق التقاعد ، واطلاعهم على فحوى الدراسات الاكتوارية ، ومطلوب منها الالتقاء مع مهندسي الاردن في مختلف مواقعهم ، لشرح اوضاع الصندوق والاطلاع على ارائهم ، ومطلوب منها معالجة ثغرة اجتماعات الهيئة العامة ، وعدم استغلالها لتحقيق مصالح حزبية ضيقة ، وبالتالي تاجيل اجتماع الهيئة العامة الاستثنائي الى امد لاحق ، ومطلوب منها ايضا ، الالتفات الى اسباب الخلل في صندوق التقاعد ، وعدم التطاول عليه تحت اي ذريعة ، ومحاسبة من تسبب بوصولنا الى هذا الوضع .