بشيء من التفاؤل والحذر نستقبل الوجه الأخر والجديد للإعلام الأردني ممثل بمحطة الإعلام العام المستقلة ، ومن خلال المسمى هذا نجد انفسنا أمام إعلام عام " وهنا نفتح المراجع العلمية للبحث في مفهوم العام إعلاميا " ومستقل في نفس الوقت ، وتأتي هذه الاستقلالية كمفهوم بسيط أن الدولة ليس لها سلطة عليه وأنه يتمتع بالاستقلالية ،وهنا قد نكون نفعل فعل من يفسر الماء بعد جهد بالماء ، ومن خلال ما لدينا من قوانين تضبط العمل الإعلامي ، وهي هنا قوانين تنتهي بالعقاب في حال مخالفتها ، وليس مواثيق يتم من خلالها ضبط العمل الإعلامي أخلاقيا من حيث المجتمع والدولة ككيان سياسي ومهنة المراقب والمحلل والناقد المستقل لأداء الدولة والمجتمع معا ، فاين سيقع هذه الاعلام المستقل والعام؟.
ولعل في البداية هناك تفاؤل من خلال اسماء من ذكروا كأعضاء في مجلس إدارة تلك المحطة ، وهم يمثلون نهجا إعلاميا أردنيا جديد بعيدا عن تأثيرات الموروث الإعلامي الرسمي كونه هو المسيطر على أداء بقية الوسائل الإعلامية وبالذات التلفزيون الخاص منها ، ومن خلال تجربة الإعلام التلفزيوني الأردني الخاص القصيرة والتي صحبتها كبوات وتعثرات كثيرة ، ويعود السبب الرئيس في تلك الكبوات والعثرات سوء إدارة العمل الإعلامي التلفزيوني كونه استند في بدايته على خبرات إعلاميين خدموا في تابلوهات التلفزيون الرسمي ، وكان من الصعب ان يخرجوا من عقلية الاعلام الحكومي للإعلام الخاص الحر، والسبب الأخر تمثل في عدم قيام إدارات تلك المحطات التلفزيونية بدراسات جدوى اقتصادية وحساب التكاليف ، مما أوقعها في آزمات مالية خانقة جعلها عرضة للبيع والتوقف والانتقال ين الأقمار الصناعية لبث موجاتها بحثا عن أقل تكلفة ، وكان هناك اعتقاد وربما زال سائد بان فتح قناة فضائية يشابه فتح صحيفة اسبوعية.
وان كان هناك تجارب في التلفزيون الخاص اثبتت نجاحا ملحوظا ، وان كان هذا النجاح يعود لتفردها في الساحة الإعلامية نتيجة لعوامل سبق وتم ذكرها فيما يخص الإعلام التلفزيون الخاص ، وتوفر القدرة المالية الضخمة للتمويل ، وبمعنى اخر توافق رأس المال والسياسة، وفقدان التلفزيون الرسمي لدوره في المجتمع نتيجة لسيطرة العقلية الرسمية على أداءه ، وفي نفس الوقت فشله في لعب دوره كمصدر للمعلومة للمواطن عند وقوع الأزمات السياسية والاجتماعية الاقتصادية في المجتمع.
وعلينا ان نذكر هنا قاعدة اعلامية مهمة تقول " ان الباب للعالمية يفتح بمفتاح المحلية " ، فهل يستفيد اعلامنا الجديد من هذه القاعدة ؟