زاد الاردن الاخباري -
يوسف الأبراهيمي
إنها الرواية رقم 14مضى قرابة العامان على إصدارها،وكان وقعها كوقع قريناتها طبعا نحن نتحدث هنا،عن رواية “التائهون”، شقيقة (ليون الأفريقي) و(سمرقند) وغيرهن من الروايات التي أبدع في كتابتهن الروائي اللبناني (أمين معلوف) معلوف المقيم في فرنسا، لم يستطع في جميع رواياته أن ينسلخ عن مجتمعها أو أن يتخلص من هوّيات عايشها وطبعت في ذاكرته، فمع (ادم) (احد أبطال الرواية) يسترجع شبابه ويرويه ولكن بطريقة لا تتقارب مع قواعد السيرة الذاتية إلى حد ما فيروي قصة شلة من الأصدقاء الجامعيين فرقتهم دروب الحياة والحرب قبل أن يخرجوا من باب المطار إلى بلاد الشتات هربا من صور الموت المشوّه ومن أنياب الحرب.
يقول معلوف لكل أمرئ الحق في الرحيل، وعلى وطنه أن يقنعه بالبقاء – مهما ادعى رجال السياسة العظام بقولهم(لا تسأل ماذا يمكن لوطنك أن يفعل لك، بل اسأل نفسك ماذا يمكن أن تفعله لوطنك) فمن السهل قول ذلك حين يكون المرء مليارديراً او قد أنتخب للتو، وهو في الثالثة والأربعين من العمر، رئيساً للولايات المتحدة الأميركية مثلاً..! أما حين لا يستطيع الفرد في بلده إيجاد وظيفة، ولا تلقي الرعاية الصحّية، ولا إيجاد المسكَن، ولا الاستفادة من التعليم، ولا الانتخاب بحرّية، ولا التعبير عن الرأي، بل ولا حتى السير في الشوارع على هواه، فما قيمة قول جون كينيدي...؟ لا شيء يُذكر..!
سلاسة الراوي المعهودة، تحملك مع الأصدقاء الجامعيين إلى عوالم حقيقية ووجدانية وفلسفية، فهذا العمل هو شاهدا على هذا العصر، وانطلاقة لعصر جديد يترافق مع جميع التغيرات التي تطرق على المنطقة، وهو القائل: (الوطن الذي بوسعك أن تعيش فيه مرفوع الرأس، تعطيه كل ما لديك وتضحي من أجله بالنفيس والغالي، حتى بحياتك، أما الوطن الذي تضطر فيه للعيش مطأطئ الرأس فلا تعطيه شيئاً سواء تعلق الأمر بالبلد الذي استقبلك أو ببلدك الأم، فالنبل يستدعي العظمة، واللامبالاة تستدعي اللامبالاة والازدراء يستدعي الازدراء(.
لم اقصد باستعراض رواية الكاتب الكبير أمين معلوف (التائهون) أن أضرب على وتر وطنية الفرد العربي أو أن أقوم بتنفير الفرد العربي من وطنيته التي غرزت فيه منذ الطفولة ولكن ربما ما شدني في هذه الرواية هو الأثر العكسي للطرح الإعلامي بشتى وسائلة المكتوبة والمرئية وخوفي أذا تفشى فينا مرض أن نكره أوطاننا وتراب بلادنا ونهجر ذكرياتنا في الطفولة والشباب ونسعى لتغير الوطن لنجد مكان أخر نشعر فيه ببعض الاحترام ودخول مالية تكفينا أن نعيش باحترام حتى نهاية الشهر دونما النظر إلى الغنى.... ولكن تبقى نظريتي أن من يدفعنا إلى كره الأوطان هم من يحكمون الأوطان ويديرون شؤونها وهم للأسف لا يمتون للوطنية بشي فالوطن بالنسبة لهم مصلحة ...!!!! لكن للأسف مصلحة شخصية.....
أما أنا وأنت ...فالوطن بالنسبة لنا تراب, وارض, وسماء , وحارة قديمة, وشارع كنا نمشي فيه,ومدرسة حكومية ,وجامعة , وقرى ومدن زرنا فيها الأصدقاء والأقارب ....فيا كاتبنا الكبير معلوف اكتب عن الذين دمروا الأوطان وهجروا أروحنا وتركونا نزدري أوطننا بلا ذنب فالذنب ذنبهم بما وصلنا إليه.
youseftalab@yahoo.com