الاردن والتغيرات المناخية

الاردن والتغيرات المناخية

زاد الاردن الاخباري -

لا شك ان الاردن ليس بمعزل عن التغيرات المناخية وتأثيراتها على مجمل النشاطات البيئية والزراعية والاقتصادية ....الخ .

وما ينتج عن هذه التأثيرات من اثر كبير على الامن الغذائي واثره على حياة البشر. من اهم مظاهر التغيرات المناخية هو الهطول المطري زيادة في بعض الاماكن ونقصانا في اماكن اخرى ، والعنصر الاخر الذي يتأثر بالتغيرات المناخية هو درجة الحرارة، اضافة الى زيادة تركيز الغازات الدفيئة وارتفاع مستوى سطح البحر.

سأتطرق في هذا المقال الموجز الى اثر التغيرات المناخية على الهطول المطري ودرجات الحرارة محليا فقط.

اشار التقرير الذي اعدته وزارة المياه والري بالتعاون مع جامعة ستانفورد الامريكية وبالتعاون مع بعض المعاهد الالمانية في حزيران الماضي ان الاردن مهدد مائيا بسبب ظواهر التغير المناخي واثرها على الهطول المطري ،فقد اظهرت الدراسة الى تراجع الهطول المطري خاصة في ال 19 سنة الماضية. فهل هذا موشر على تغير مناخي ؟

ان البيانات المناخية تعطي دلالة الى اين نحن متجهون. فلو اخذنا مثالا على ذلك مدينة القدس حيث السجل المناخي يزيد عن 100 سنةنجد ان معدل الامطار قبل سنة 1900 كان بحدود 750ملم بينما في الوقت الحاضر تراجع هذا المعدل الى 550ملم ،اي ان هناك نقصان في معدل سقوط الامطار بمقدار 200 ملم وهذا مؤشر كبير على ان هناك تغير ما .

واذا اخذنا اتجاه الميل (Rainfall Trend) لمحطة مطار عمان المدني والذي يمتد السجل المناخي لها الى سنة 1923 نجد ان الاتجاه يميل الى النقصان في الهطول المطري .فالمعدل السنوي لهطول الامطار لاول 30 سنة كان 283 ملم ، وفي الثلاثين سنة التالية نقص هذا المعدل الى 267.05 ملم اما اخر ثلاثين سنة ، فقد انخفض المعدل السنوي الى 248.07 ملم.

اي ان هناك نقصان بمقدار 35ملم بفترة قريبة من 90 سنة، واذا استمر انخفاض المعدل السنوي على هذا المنوال فهذا يعني ببساطة ان محطة مطار عمان والمناطق المحيطة بها سوف تنتقل من منطقة Med.Sub Humid-Semi-Aridالى مناطق Subtropical.

وقد اشار الاستاذ الدكتور عوني طعيمه في محاضرة له عن التغيرات المناخية ضمن ورشة عمل نظمتها دائرة الارصاد الجوية الى النقصان في المعدل السنويلسقوط الامطار في مناطق مختلفة من المملكة ،فعلى سبيل المثال فان معدل التناقص في الشوبك يبلغ 3,6 ملم وفي اربد يبلغ 2,7 ملم وفي السلط يبلغ 3,0ملم وفي الكته يبلغ 3,5 ملم وفي كفرنجه يبلغ 2,1 ملموفي كفر عوان يبلغ 3,0 ملم وفي المفرق يبلغ 0,5 ملم.

وفي محاضرة لعطوفة الاستاذ عبد الحليم ابو هزيم مدير عام الارصاد سابقا حول اثر التغيرات المناخية محليا اشار الى الاتجاهات السائدة نحو الانخفاض السنوي بنسبة 5-20% في غالبية المحطات دليلا واضحا على التغير المناخي في الاردن خلال ال 45 سنة الماضية، واشار ايضا الى تناقص كميات الهطول في المناطق الجنوبية والشرقية بشكل واضح ، وان هناك ميل للانخفاض في المناطق الشمالية والغربية ولكن بصورة اقل باستثناء محطتي الرويشد ورأس منيف التي اظهرتا ميلا نحو الارتفاع بواقع 5-10%.

العنصر الاخر الذي يؤشر على التغير المناخي هو درجة الحرارة،حيث تشير نتائج الميل(TrendAnalysis) الى ان هناك ارتفاعا طفيفا في معدل درجة الحرارة السنوية ، ومن جهة اخرى فان معدل درجات الحرارة العظمى يميل الى الزيادة الطفيفة بينما يميل معدل درجات الحرارة الصغرى السنوي الى زيادة اكبر.

فقد أشار عطوفة الاستاذ ابو هزيم بأن التسلسلات الزمنية لدرجة الحرارة العظمى والصغرى تشير الى وجود اتجاهات سائدة نحو الارتفاع الى حد كبير في عدة محطات وقد تراوحت الاتجاهات السائدة نحو الارتفاع في درجة الحرارة العظمى السنوي بين 0,3- 1,8 درجة مؤية ، بينما تراوحت الاتجاهات السائدة نحو الارتفاع في درجة الحرارة الصغرى السنوي بين 0,4- 2,8 درجة مؤية.

ان وزارة المياه متنبه لوضع المياه في الاردن وهي قامت وتقوم بمشاريع كبرى لتوفير المياه للاستخدامات المختلفة والشواهد على ذلك كثيرة ابرزها مشروع سحب المياه من منطقة الديسي ،ومخططها لتنفيذ مشروع قناة البحر الاحمر – البحر الميت الذي سيوفر كميات كبيرة من المياه لمختلف الاستخدامات، اضافة الى مشاريع الحصاد المائي وبناء السدود لتجميع اكبر كمية من المياه.

ان الدراسة التي اعدتها وزارة المياه والري اضافة الى البيانات المناخية لدائرة الارصاد الجوية اضافة الى اراء الخبراء والمختصين تدحض مقولة ان الاستمطار زاد من نسبة هطول الامطار بنسبة 15-20% ، وهذه دراسة وزارة المياه والري تقول ان سقوط الامطار قد تناقص في ال 19 سنه الماضية مؤيدة لما تشير اليه السجلات المناخية لدائرة الارصاد الجوية في الوقت الذي كان مشروع الاستمطار قائما منذ 1986-2005.

ان الاصرار على السير قدما بالمشروع بما يواجهه من عدم اليقين بالنتائج وبما يؤدي الى الهدر في المال العام ، مع علم القائمين على المشروع بعدم توفر عناصر النجاح من حيث توفير البنية الاساسية من الكوادر المدربة والمؤهلة لادارة مثل هكذا مشاريع ، وعدم دراسة الجدوى الاقتصادية من كافة الجوانب بشكل علمي ممنهج من قبل مختصين ، كل هذا يثير الاستغراب الشديد والريبة.

اضع هذه الحقائق بين يدي المسؤولين للتفكر والتدبر ، اما ان يقال فلنجرب فهذا يدل على عدم اليقين فأي مشروع في اي مجال يدرس من كافة الجوانب وتدرس فرص النجاح وفرص الفشل. والمصفوفة الاحصائية المعروفة ب (SWOT ) يمكن تطبيقها على اي مشروع (S =نقاط القوة) (W= نقاط الضعف)(O= الفرص)=T)التهديدات).

حمى الله الاردن تحت قيادة مليكنا المفدى جلالة الملك عبدالله بن الحسين حفظه الله ورعاه.

فهيد طعيمه