زاد الاردن الاخباري -
تضاربت المصالح، بنكهة سيذكرها التاريخ لاحقا، بكل وضوح. سوريا، لم تتحول في ليلة وضحاها إلى هدف يريد الجميع تصفية الحسابات من خلاله فحسب، بل يلعب الرئيس السوري بشار الأسد، بكل ما لديه من قوة، لتصل درجة التعقيد هناك إلى مرحلة يقف فيها الجميع مذهولا مصدوما أنه لا شيء يحدث، لا أحد يتقدم، لا تنتصر الثورة، لا تخسر داعش، لا ينتصر التحالف، لا تعود سوريا، لا ديمقراطية ولا كلام فاضي، فظن بشار الأسد، أنه وضعهم جميعا، في ليلة وضحاها، في غرفة دائرية وقال لهم بخبث: اجلسوا في الزاوية..!
كانت القصة في البداية حين تقدم الثوار السوريين والجيش السوري الحر، عسكريا وتكتيكيا، وبلغوا عنق دمشق وضواحيها، وفجأة ظهر حزب الله ثم داعش ثم أمريكا التي قررت، ثم احجمت، عن ضرب النظام السوري في عقر داره، قالوا أن داعش صنيعة اسرائيل ثم قالوا أنها صنيعة ايران ثم فهمنا أن داعش مجرد مرتزقة لمن يدفع أكثر، ولم نستبعد أن الأسد قد استخدم داعش أكثر من غيره، لأنه دخولهم في ذلك التوقيت تحديدا، أعاد رسم المشهد من جديد، وتنفس الأسد الصعداء، حين تحولت الحرب بين داعش وبين النصرة وحزب الله والجيش السوري الحر، وظنت ايران أنها تبلي بلاء حسنا في المحافظة على كرسي بشار الأسد من السقوط في اللحظات الأخيرة..
التقدم الذي تحرزه قوات التحالف العربية في اليمن ضد الحوثيين، وتراجع إيران إلى الخلف خطوتين، وتقدم الثورة السورية خطوة إلى الأمام، والتلويح بتقسيم سوريا في أكثر من مناسبة، وبشكل جدي، جعل بشار الأسد يتحرك بسرعة، في الوقت الضائع، لأن خسارة إيران الفادحة في العراق واليمن ولبنان، السياسية على الأقل، والعسكرية في بعض الأحيان، لم تعوضها أبدا المصالحة الأمريكية التي جرت لكن مع وقف التنفيذ، مما جعل بشار يعود إلى القلق والتفكير في خلط الأوراق، فاستنجد بالدب الروسي، أو، دعونا نكون أكثر صراحة، عاد لقراءة وتمحيص خطة روسية كانت على (الرف) حين قررت أمريكا ضرب سوريا، ولم يتم بحثها، وكانت تقضي بالتدخل الروسي العسكري في سوريا تحت اسم عمليات لدحر داعش، طبعا هذا الخداع في التسمية لم يقتنع به أحد، فما تريده إيران هو مواجهة مع السعودية في المنطقة، أكثر حدة، في أرض أخرى غير اليمن، وما تريده روسيا هو مواجهة باردة مع الأمريكان دون خسائر وللمحافظة على القواعد العسكرية وغيرها من المصالح، وما يريده بشار ليس أكثر من أن يتفرج على الجميع، ويضحك ملء شدقيه، لأن حركته (الصغيرة) في رقعة الشطرنج سوف تضع الخصوم في موقف محرج، لكن الأحمق لا يعلم أن حركته الغبية تلك، سوف تفتح الشهية للخصوم لإنهاء اللعبة بضربة واحدة إذا اقتضى الأمر.. وللحديث بقية..