الأسبوع الماضي حللت ضيفة على البرنامج الإذاعي الأسبوعي " شموع عربية " ، الذي يبت على الهواء مباشرة وعبر الإنترنت من راديو( سينا أف أم) من مدينتي ديترويت الأمريكية ، وویندزر الكندية ، ويقدمه الاعلامي الأردني المغترب سمير حداد ، للحديث حول الثقافة والمثقفين في الأردن ،الذي يعد من الدول التي تولي العلم اهتماما كبيرا، ولو كان ذلك على حساب قدسية الأرض، فكم من أب باع ما ورثه عن أجداده من أجل تعليم أبنائه، حتى وصلنا إلى مرحلة حصدنا فيها أعلى النسب في التعليم العالي، وصار الأردني عنصرا مهما في مختلف أنحاء العالم،يقدم علمه وابداعه بما يحمله من قدرات علمية كبيرة تمتزج بجديته وحبه للعمل ، ليصبح مطلبا للكثير من الدول المحتاجة إلى علمنا وعقولنا وسواعدنا.
أخذ التعايش الذي يتميز به الأردن حيزا من هذا اللقاء، فعندما سألني عن عائلة الحصناوي نضال سويدان وزوجته وابنتيه، حيث ألقت كلمة رئيسية في لقاء البابا فرنسيس في مهرجان العائلات العالمي في أمريكا ، وما تضمنته من حديث حول التعايش الديني المسلم المسيحي الذي ينعم به الأردن، وكذلك التطرق إلى مشكلة اللاجئين والمهجرين المسيحيين من البلدان المجاورة الذين واجهوا الصعاب ، مما دفعهم إلى اللجوء للأردن ، ودور العائلات الأردنية في تقديم المساعدة والعون المعنوي والمادي لهم ، وتوفير الحماية لهم ، تطرقنا عن ذلك كله وتذكرت تلك الحادثة قبل "نكسة العرب في فلسطين" التي جعلت لي أنا المسلمة الأبوين، أخوالا مسيحيين ، فلما ألم المرض بالجارة المادباوية بعد وضعها لمولودها ، اضطرها الأمر الذهاب إلى فلسطين لتلقي العلاج ، فقام جدي لوالدتي باحضار الطفل لترضعه جدتي مع ولدها الرضيع ، ليصبح لوالدتي وأخوالي أخوة مسيحيين ، يكنون لنا كما نكن لهم كل الاحترام ،وحملهم ذلك إلى نعي جدتي عند وفاتها تحت عنوان" نعي والدة فاضلة " .
فكما نتعايش داخل الوطن ،فنحن نتعايش في بلاد الاغتراب مع الوطن الأم، فهذا الاعلامي السلطي ، أردني الهوى المتابع لحركة الصحافة الأردنية وما يكتب بها، ،كانت أسئلته ذات خصوصية لمقالاتي الصحافية وما اتعرض له من مضايقات واقصاءات لما أطرحه من آراء وانتقادات لمنهجيات عمل بعض المسؤولين ، والبعيدة كل البعد عن إغتيال الشخصية ، لكنها لم تسلم من تهديدات وعمليات إقصاء في عملي ، فاتفقنا أن الاعلام حتى يتمكن من القيام بدوره من إحداث التغيير ، عليه أن يواجه الرافضين للتغيير،ممن لا يدركون دوره في كشف المستور، والتنبيه إلى مواطن الخلل ليقوم المسؤول بتصويب الوضع ، وأن يتصدى لقوى الشد العكسي ، فهي بالنسبة للصحفي قناعات يجب الدفاع عنها ، وعليه أن يحارب من أجلها ، فالإعلام عليه أن يوصل صوت الاخرين للمسؤولين لأنه " صوت من لا صوت له ".
الأردني بكل تقاسيمه القاسية المتأثرة بتضاريس بلاده الصعبة ، بجبالها الحادة ووديانها الساحقة ، أينما كان يحب وطنه ويبقى على تواصل معه، فهو عطوف على أبناء جدلته ، يكرم الغريب ، ويجير المستجير .
إن الأردنيين لا يخافون لومة لائم ، فهم جريئون في قول الحق ، متعايشون محبون لوطنهم ، ومثقفون ، ومتعلمون،أينما تواجدوا يشرفون بلدهم ....
حيهم الأردنية أينما كانوا .
Jaradat63@yahoo.com