زاد الاردن الاخباري -
بسام البدارين - المساجلة السريعة التي شهدتها صفحات التفاعل الأردنية نهاية الأسبوع بين قياديين أحدهما يساري والثاني إسلامي، حول قانون الانتخاب الجديد، تعكس إلى حد معقول منسوب التوجس في الحياة السياسية الأردنية عندما يتعلق الأمر بصدمة الجميع من الإعلان الغامض عن رحيل قانون الصوت الواحد.
عضو مجلس الأعيان والقيادي الأبرز في تيارات اليسار بسام حدادين امتدح القانون ووصفه بأنه قانون «انتخاب يساري» ملمحا لجماعة الإخوان المسلمين «غيرالمرخصة» فعالجه المهندس أحمد أبو غنيمة الناشط النقابي البارز بعبارة مختصرة يقول فيها «.. قانون يساري… إن عدتم عدنا». يسارية القانون الجديد إشارة تلمح للمهندس الأبرز في السياق وهو وزير التنمية السياسية والبرلمانية اليساري خالد الكلالدة الرمز الأهم خلف الظل لمسألة إقناع مؤسسة القرار بإلغاء الصوت الواحد وأبو غنيمة أظهر رغم انشغاله بعزاء والده المؤسس في الإخوان المسلمين زياد أبو غنيمة جرعة من الحماس للدفاع عن الجماعة موجها خطابه لحدادين ولآخرين وهو يقول: في رقبتي بيعتان واحدة للجماعة والثانية لوالدي رحمه الله.
جنازة أبو غنيمة الأب كانت قد شهدت حضورا شعبيا كبيرا وغير مسبوق بعد تشييع مماثل لجنازة الشيخ عبدالمنعم أبو زنط الشهر الماضي.
هذا النمط من التلاسن الناعم بين نشطاء إسلاميين وآخرين يساريين برز وسط حالة الارتباك التي أنتجها قانون الانتخاب الجديد في الحياة العامة والسياسية.
بالنسبة لبرلماني مسيس، من حجم محمد حجوج، مستوى الإرباك مبرر وسط القوى السياسية والحزبية المحلية فإلغاء الصوت الواحد هذه المرة تم بقرار سياسي ومن دون حراك أو ضغط شعبي وفي توقيت أمني بامتياز إقليميا وسط توقعات معاكسة.
جرعة الارتباك بدت ظاهرة للعيان فقد امتدح القيادي في الإخوان المسلمين الشيخ مراد العضايلة القانون بمجرد إعلان مسودته، لكن سرعان ما صدر عن جبهة العمل الإسلامي تصريح يسحب تأييد القانون قبل ان يوقع الإسلاميون مع أحزاب وسطية محسوبة على السلطة على موقف جماعي يرفض القانون الذي صفقت له الأوساط الليبرالية والإصلاحية.
الحيرة والغموض تصدرتا المشهد أيضا وسط حالة سؤال عن مسوغات ومبررات ما حصل وأهداف صانع القرار، هنا يمكن رصد رئيس الوزراء الدكتور عبدالله النسور في حالة إفصاح عن قرار ملكي فاجأ حتى الحكومة، وهو يوصي بمبدأ الصوت المتعدد ويلغي الصوت الواحد.
«القدس العربي» كانت قد استمعت مباشرة من النسور والكلالدة عن إلغاء الصوت الواحد والتوصية بصوتين بدلا من الصوت المتعدد، فيما صدرت مسودة القانون الجديد بتسارع بقرار من رئيس الحكومة للحصول على أكبر جرعة ممكنة من الطابع الإصلاحي والتوقف عند محطة رغبة النسور بأنه يريد ان يسجل للتاريخ السياسي الحديث ان حكومته هي التي دفنت الصوت الواحد، وهو ما لم يتجرأ عليه عمليا أي رئيس سابق للوزراء.
لذلك تظهر غالبية التفاصيل أن مسودة القانون الجديد هي محصلة بالأصل لغطاء ملكي لعملية انفتاح كبيرة محسوبة بدقة، فيما يبدو على مسارات التقدم بمظهر إصلاحي مجددا أمام العالم وبصورة حاسمة وحازمة تغلق الباب تماما أمام أي محاولة للعودة إلى الوراء، بمعنى لصيغة الصوت الواحد.
طبعا لا يعرف أو لم يعرف الوسط السياسي والإعلامي بعد خلفيات هذه المبادرة، لكن ما توثقت منه «القدس العربي» أن القرار اتخذ بعد دراسات إحصائية معمقة لكل الاحتمالات ولأسوأها، وبصورة تؤشر على عملية منضبطة لا تقود التيار الإخواني لأغلبية مقلقة في البرلمان المستقبلي، الأمر الذي يفسر ردة الفعل المتأخرة ضد القانون من ممثل حزب جبهة العمل الإسلامي الشيح محمد الزيود وهو يرفض القانون الذي يسحب عمليا ذريعة الصوت الواحد من حضن الإسلاميين، عند الحديث عن مقاطعة الانتخابات أو المشاركة بها.
القدس العربي