زاد الاردن الاخباري -
متوسط دخل الفرد في الأردن: 455 دولارًا أميركيًّا".
"متوسط دخل الفرد في لبنان: 855 دولارًا أميركيًّا".
"متوسط دخل الفرد في ألمانيا: 2767 دولارًا أميركيًّا".
بهذه المعادلة، وبهذه الأرقام، تُحسَبُ العطايا وتُقدَّر الهِبَات، وبهذه المعادلة وبهذه الأرقام، يُقاس الكرم والجود، وتُقيَّمُ الفزعةُ والشهامة.
فيا بَنِي عروبتي! إنَّ قيمة زجاجة الماء التي استقبَلَ بها الأردنيُّ أو اللبنانيُّ اللاجئَ السوريَّ مقارنةً بدخلهما، تجعل قيمتها تفوقُ قيمة زجاجة الماء التي استقبَلَهُ بها الألمانيُّ عشراتِ المرات، وهو الذي يطبِّلُ البعض لكرمه، ويهلل لجوده، عبر مختلف وسائل الإعلام، والصفحات الإلكترونية المسمومة، كما وأن الجمعيات والمنظمات الخيرية الألمانية التي تتلقى دعماً وتمويلاً حكومياً وأهلياً يقدر بملايين الدولارات، من البديهي أن تقدم خدمات إغاثية وتأهيلية بمستوى ومزايا أفضل من تلك التي تقدمها الجميعات والمنظمات الخيرية الأهلية في الأردن ولبنان والتي تتلقى تمويلاً متواضعاً قد لا يتخطى بأحسن أحواله بضع مئات من ألوف الدولارات، آخذين بعين الإعتبار أن ألمانيا حققت بميزانيتها الضخمة لهذا العام فائضاً وصل لأكثر من ثلاثة وعشرين مليار دولار في وقت عانت ميزانية الأردن ولبنان - المتواضعة أصلاً - من عجزٍ وصل لمئات ملايين الدولارات في الأردن، ولخمسة مليارات دولار في لبنان.
نعم، من حقِّكَ أن تفرح بما قدمته ألمانيا من لفتة إنسانية تجاه معاناة اللاجئين؛ فلا يجوز أن نقلِّلَ منها بأي شكل من الأشكال، بل يتوجَّبُ علينا أن نعمل ونطمحَ لأن نقدِّمَ مثل ما قدَّموا وأكثر، ولكنْ لا يجوز أن يكون فرحُنا ذلكَ على حسابِ من استضاف اللاجئين السوريين منذ أربعِ سنواتٍ، وهو الذي قد استقبل قبلهم بعقود العراقيين والفلسطينيين، فلماذا إن رغبنا - نحن العرب - بأن نشكرَ طرفًا، فلابد أن يكون الشكر عبر ذمِّ طرَفٍ آخر؟!
تذكروا أنَّ حدود الأردن لم تُقْفَلْ يومًا في وجه اللاجئين السوريين، عكسَ ما تروِّجُ لهُ بعضُ الصفحات المسمومة، وأنه عندما كان اللاجئون يصلون إلى الأردنِّ، لم يحتاجوا من يهرِّبُهم إلى داخل حدوده، بلْ إنَّ منْ كان يُنْقِذهم، ويهبُّ إلى الحدود لإغاثتهم، هم نشامى الجيش العربي الأردني.
نعم، ألمانيا استقبلت عشراتِ أو مئات الألوف، ولكنَّ هذا حصل بعد بدء الأزمة السورية بأربعِ سنوات، بينما هناك ملايينُ اللاجئين السوريين، وهم موجودون حاليًا في الأردن وفي لبنان منذ أربع سنوات!
نعم، إنَّ هؤلاء اللاجئين، لا يعيشون حياة فندقيَّةً مُتْرفةً، ولكنَّها لا تقلُّ عن حال ابن البلد في الأردن ولبنان، بل في بعض الأحيان تعدُّ حالةُ اللاجئ - بلغة الأرقام - أفضل من حالة المواطن ! فالمواطن الأردني أو اللبناني، غارقٌ بالديون وبالضرائب، ولا يجد من يدفع له معوناتٍ شهريَّةً، ولا يتلقَّى مساعداتٍ من أيِّ جهةٍ كانت، والمواطن الأردني واللبناني، يُعِيْلُ عددًا أكبرَ من أفراد الأسرة التي يُعِيْلها المواطن الألماني بحكم ثقافة مجتمعهم، بل إنَّهُ يَجِدُ نفسَه مضطرًا لإعالة أهله بمختلف درجات القرابة.
وأحبُّ التنويه هنا إلى أنَّ عموم الشعب الأردني واللبناني، يشربون المياه من الحنفيَّةِ مباشرة، بل إنَّهم قد تآلفوا مع كلورها وأملاحها وشوائبها، فشِراء زجاجة الماء التي وُزِّعَتْ على اللاجئين السوريين، تصنَّفُ على أنَّها رفاهيَّةٌ وكماليات، لا داعيَ لها عند الكثيرين من أبناء البلدين، والمواطن الأردني واللبناني - والذي بالكاد يجد فلافلَ ليفطر وأسرته عليها يوميًّا - لا يُتَوقَّعُ منه أنْ يتقاسمَ الكافيار مع جيرانه !
وبكلِّ الأحوال، فإنَّ أصولَ الأدب، تُحتِّمُ علينا - إنْ لم تعجبنا ضيافة مُضيفِنَا – أن نحترم ونقدر ظروفه وإمكانياته المتواضعة وأن نرحلَ عن بيته بسلامٍ وهدوءٍ، دون أن نشهِّرَ بهِ وبضيافته؛ لأنَّ ذلكَ لا يصنَّفُ إلا سلوكًا شائنًا لا يصدرُ– حقيقةً - إلا من "جوعانٍ"، ولا يطبِّلُ له إلا "جوعانٌ" مثله.
أدهم سكيك