قامت الدنيا وقعدت لمجرد حصول فتاة غير أردنية على المرتبة الأولى في امتحان الثانوية العامة ..لا أدري لماذا؟ ولكن لا يسعنا إلا أن نبارك لها جهدها وتفوقها .. هذا ليس بيت القصيد ، فلا أحد ضد فرحة التفوق، لكن المستهجن في الأمر ، لماذا كل هذا الحنق وثورة الغضب من العديدين لمجرد توقعهم بانعدام فرصها في الحصول على مقعد دراسي ضمن قائمة التنافس، كونها عربية ولا تحمل رقما وطنيا، وذلك التعاطف من قبل بعض المؤسسات لإزالة العقبات أمامها من خلال التهافت على تقديم المنح الدراسية لها !؟.
أين كنتم ،وأين كانت أقلامكم عندما كان أبناؤنا الأردنيون المغتربون في دول الخليج يحصدون المراكز الأولى ولا يحصلون على مقاعد جامعية،وهل ينصف الغريب على أرضنا ،فيما يجار على أبناء هذا الوطن !؟.
صحيح أننا بلد مضياف ، ومشرع أبوابه للصديق قبل الشقيق وللغريب قبل القريب ويفتح ذراعيه لكل من هب ودب ، ، حتى أصبح وطنا لمن لا وطن له ، وللأسف كل ذلك يأتي على حساب حقوق أبناء البلد ..
كلنا يتذكر قصة الفتاة الأردنية التي اضطرت إلى إعادة تقديم امتحانات الثانوية العامة لمجرد عدم حصولها على معدل يؤهلها لدخول كلية الطب ، ما دفعها إلى اعادة هذا الامتحان لرفع معدلها عشرا واحدا فقط، وقف عائقا بينها وبين تحقيق حلمها ، وحتى بعد نشر قصة هذه الفتاة التي يعمل والداها أطباء في وزارة الصحة ، لكن للأسف لم يتفاعل معها أحد، ولم تحرك ساكنا أي جهة نصرة لقضيتها، ولم تشفع لها السبع وتسعون مجموع علامات تحصيلها في إمتحان الثانوية العامة لها .
وهناك العديد من القصص التي حرمت أبناء هذا الوطن ممن قدم أباؤهم وأجدادهم الكثير الكثير للبلد، ورغم تفوقهم وحصولهم على معدلات عالية، لكنهم أخفقوا في الحصول على مقاعد عن طريق قوائم التنافس، وأضطر الأهل إلى الاقتراض؛ ليتمكنوا من اتمام تعليم أبنائهم على نظام الموازي ودفع مبالغ مضاعفة .. وكل هذا يجري ولم نر هذه الثورة ضد الإحباطات التي يواجهها أبناؤنا المتفوقين ..
فلماذا لم نجد هذه النخوة تجاه أبناء البلد من المتفوقين، الذين دخلوا الجامعات عن طريق التنافس ، وحصلوا على مقاعد حرموا منها لعدم قدرتهم على توفير الأقساط الجامعية ، كونهم لا يملكون قيمة تلك الأقساط الجامعية ؟ ..
وهل المقصود من كل هذه الضجة قبول غير الأردني ضمن قوائم القبول الموحد، أم أن هناك نية مبيتة لإصدار قائمة جديدة تضاف إلى قوائم المقاعد الممنوحة لأبناء منتسبي القوات المسلحة والمعلمين وقائمة الديوان والمدارس الأقل حظا ، والعشائر والمخيمات،بحيث يتم استحداث قائمة للاجئين وأبناء السبيل ؟.. لماذا لم نشهد مثل هذه الهبة في وجه رفع المعدلات أو الرسوم الجامعية ، أو المطالب التي تنادي بخفضها أو على الأقل عدم رفعها على أبناء البلد ،كنوع من التمييز الايجابي لهم عن ضيوفهم من كل حدب وصوب .. والله كثير هيك ...
مبروك على الوطن ضيوفه ، ومبروك على المواطن ديونه وقهره وحقه المهضوم ، والله يعوض عليه بعد أن ثبت بأنه لا بواكي له .. فليس هناك من يفزع له .
لزاما علينا أن نطلق حملة تحت تسمية " فزعة وطن "، للحفاظ على أبسط حقوق المواطن بالتعليم والعلاج حسب ما نص عليه الدستور، الذي لم يتضمن عبارة " حسب قدرات الوطن "، لكن المواطنة الحقة تكون كمبيالة غب الطلب عليه أن يدفعها دون تأخير أو تقديم .
إلى متى سنبقى للضيف والسيف والغير ؟!، ونفزع للجميع ولا أحد يفزع لنا ؟!.. "ومين يفزعلنا " إذا لم نفزع نحن لبعضنا ولانفسنا!؟.
Jaradat63@yahoo.com