وما زال المشهد نفسه يتكرر في كل عام مع اعلان نتائج التوجيهي ، ومع عريس يقترن بعروسه ، وربما مع طفل يولد هنا او هناك ، انه السرطان المتفشي في عقولنا ، انها الآفة التي نأبى إلا أن نزدان بها في افراحنا ، انه اطلاق الأعيرة النارية التي نقتل من خلالها ونصيب الآخرين لنفرح نحن ، ورغم كل الدعوات والمناشدات الرسمية والشعبية لذوي الخريجين وذوي العريس والعروس ( أن اعقلوا يا ناس ) و ( اكبروا بعقولكم ) إلا أن الأذنين ما زالت صماء ، وستبقى صماء اذا لم يصدر قانونا يُجرّم الفاعل
ظاهرة اطلاق النار لا يجب السكوت عليها ، وعلى الدولة وعلينا جميعا تقع مسؤولية محاربتها والحد من استمرار انتشارها وتناميها ، ذلك لو اننا اطلعنا على ما تقدمه لنا مديرية الامن العام من احصائيات للقتلى والمصابين جراء هذه العادة المشؤومة ، لصدمنا من الارقام التي لا تقف عند حد ، بل انها تتنامى وتزيد كل عام ، وهو الأمر الذي يحتم علينا جميعا تحمل مسؤولياتنا والبدء بحملة واسعة الانتشار لمحاربة هذه الظاهرة
لنكن واقعيين ومنطقيين في حل هذه المشكلة ، ف المجاملات والمداهنات وجبر الخواطر لن تنهيها ، واذا كنا لا نستحي فلا بد أننا نخاف ، لأننا لو كنا نستحي لصدعنا الى المناشدات الامنية والرسمية والشعبية بعدم اطلاق النار ، لو كنا نستحي لتعلمنا واستوعبنا خطورة هذه الجريمة البشعة التي نمارسها في كل فرح ، وخاصة أن الإعلام لم يقصر ايضا في ابراز المخاطر والكوارث المترتبة جراء هذه الجريمة ، ولا بد أن يكون للدولة الحكم الفصل للحد من هذه الظاهرة ، التي لا تعبر بحال من الاحوال عن التطور العقلي لممارسها ، بل انها دليل ساطع على تخلفه وسطحيته واللامبالاة التي يتمتع بها ودون ادنى مسؤولية تجاه الآخرين
لن يكون هناك حل لهذه المشكلة واتساع رقعتها وتناميها او على الاقل الحد منها، إلا بتطبيق القانون بكل حزم ودون تراخي ، وتشديد العقوبات تغليظها بحق مطلقي العيارات النارية ، واتخاذ إجراءات قانونية بحق أصحاب الفرح أو المناسبة التي يطلق فيها النار ، في حالة العجز عن التوصل الى مطلق النار او التستر عليه ، ولابد من الاشارة هنا الى أن الحكومة قد اعدت مشروعا لتعديل قانون العقوبات ، الذي يتضمن تشديد العقوبات على حمل الأسلحة والذخائر وحيازتها من دون ترخيص رسمي ، كما تتضمن التعديلات المقترحة ، أن الحالات الناتجة عن اطلاق الرصاص ستعامل معاملة القتل القصد في حال الوفاة ، والشروع بالقتل في حالات الاصابة
على الحكومة أن تسرّع انجاز هذه التعديلات القانونية ، ليصار الى نشرها متعميمها ، ومن ثم البدء بتنفيذ القانون بكل حزم ، للحد من هذه الظاهرة الكارثية ، وبالتالي حماية لأرواح مواطنينا
عصمت طاهر أرسبي الشيشاني