بلغ عدد المهرجانات الغنائية الصيفية في الوطن العربي هذا الصيف خمس ؛ مهرجان قرطاج ومهرجان دبي ومهرجان جرش ومهرجان ليبيا ومهرجان بيرزيت ، وجميعها تغني بلغة الضاد التي فرقت شعوبها عقائديا بين سنة وشيعة وبقية ما تكشف عنه التاريخ العربي المسلم من ملل وطوائف قيل انها ستبلغ السبعين وربما واحدة زيادة .
وليالي الطرب تلك ليست بعيدة جدا عن ليالي طرب الأندلس في اخر ايام حكم المسلمين لها ، والجميع يطرب ويغني وفي نفس الوقت الجميع يموت جوعا وعطشا ولجوءا وتشردا بين دول العالم ككل والغربي منه خصوصا ، وهناك مثل يقال " الرأس الذي ليس به كيّف وطرب حلال قطعه " ، والنكتة الموسمية العربية أن الرؤس التي تقطع لم تسمع الغناء أو تطرب من اربع سنوات، وبينما الرؤوس التي طربت وسمعت وتغنت بلغة الضاد ما زالت تشم الهواء في ربوع مضارب الخليج والمغرب والشرق العربي .
ومن مفارقات الصيف العربي الذي وضع على صفيح الراقصات الساخن أن هناك دول يقتل بها الناس كقتل الذبابة ودون سبب وتقام بها مهرجانات غنئاية لأثبات الوجود السياسي فقط ، ودول تلعب بنار الربيع العربي وتزيده اشتعالا فقط لتكون في مقدمة مستقطبي السياحة الغنائية العربية لهذا الصيف ، ورغم كل تلك التناقضات لم يخرج علينا شيخ من شيوخ السلاطين كي يحدد لنا الخط الفاصل بين غناء الثورة وغناء الغواني وغناء أئمة المساجد كل يوم جمعة عن القتل والموت والولاء للسطان مغمضين العيون والقلوب .
وفي فترة من فترات الربيع العربي خرج علينا رجال دين كثر لعنوا الرقص والغناء وتولي الغواني لزمام الثورات ، وفي النهاية وجدو لأنفسهم مخرجا شرعيا يبيح للمواسم ان تنفصل عن بعضها البعض دينيا وسياحيا ، وليس هناك ما يحرم أن يكون الصيام في رمضان على قدر الحاجة للمغفرة ، وان يتبعه صيف ساخن على صدور الراقصات يبيح للناس الزهزة كفواصل اعلانية بين مشاهد الدم .