أمُرني .. ما يؤمر عليك ظالم ؛ جملة يتم ترديدها يوميا عشرات المرات بين الناس عبر احاديثهم الشخصية ، وتبرز تلك الجملة عند قيام احدهم بطلب خدمة من أخر أو تأكيد على تلك الخدمة أن تتم في وقتها ، وفي نهاية الأمر قد تتم الخدمة أو لاتتم ويكون من أمر الأخر قد ظلمه بسبب تأخر الخدمة أو غيرها من الطلبات .
وفي السياسة لايتم استخدام هذه الجملة بين السياسين بعضهم البعض أو بينهم وبين افراد الشعب ، لأن هناك مصطلح " ظالم " في المنتصف يقف بالشوكة في حنجرة الطرفين ، فالسياسي يعرف انه ظالم ولايرغب في قولها كي لايثبت على نفسه تهمة الظلم بالحقائق الملموسة ، والمواطن لايستخدمها كي يهز ثقة السياسي فيه ويتمكن من تحقيق مطالبة التي يسعها وارءها .
اذا فيما تكمن معضلة جملة " مايؤمر عليك ظالم " ؟ ، وبكل بساطة وبالعودة لأصل العلاقة بين المواطن والدولة بكافة مكوناتها باستثناء الشعب نجد أن الظلم واقع من وجهة نظر المواطن عليه من قبل الحكومة ، وعلى صعيد أخر الحكومة وقع عليها ظلم من وجهة نظرها من قبل المواطن ، والمواطن مظلوم لأن حكومته تعيش من عرق جبينه بكل بذخ ورفاهية وتقوم في النهاية بتحميله " جمايل " بوزن جبال الأرض كونها رضيت على نفسها لإدارة أمور هذه المواطن ، والحكومة ظلمت من قبل المواطن لأنها مهما تعمل من أجله هو لايصدقها ودائما هي موضه شبهة واتهام .
والى ان نتخلص من هذه العلاقة التكاملية في الظلم بين الطرفين " الحكومة والشعب " ستبقى جملة " ما يؤمر عليك ظالم " هي المقايس في مخاطباتنا مع بعضنا البعض عندما نطلب من احدهم خدمة أو نقدم له خدمة ، ويبقى هاجس المظلوم مترسخ في صلب جسم المواطن والحكومة من وراءه ، وكما يقال في موروث التاريخ العربي أن الظلم هو ظلمات يوم القيامة ، وان العدل هو اساس الحكم والعلاقة السليمة بين كافة مكونات الدولة " ما يؤمر عليكم ظالم ..أي خدمة أمرني " .