" افَرَّاجَ بَابَ"، مصطلح غريب لا يعرفه إلا المساجين والموقوفين أداريا ، ومتعارف عليه فيما بينهم ، ويستخدم في حال توقيف الشخص أو الذي يوضع في السجن دون إسناد تهم له، وبنفس الوقت يتم الافراج عنه دون اسقاط التهم عنه؛ كونها لم تثبت عليه .. بكل بساطه هو تعبير متداول بين الذين يتم توقيفهم دون أن يعلموا سبب حبسهم ، ويفرج عنهم دون ابداء الأسباب !.
إن حال من يطلق عليهم " افَرَّاجَ بَابَ"، لا ينطبق فقط على من دخلوا السجن وخرجوا منه دون علمهم بما فعلوا ، بل ينطبق أيضا على بعض مسؤولينا الذين يدخلون اللعبة السياسية دون أن يعلموا لماذا اختيروا لها ، أو ما المطلوب منهم ، وبالتالي هم الذين يخرجون من دائرة العمل العام دون أن يعلموا لماذا خرجوا، تماما كما دخلوا.
وهذا المصطلح الذي أطلقه المساجين على أنفسهم ، وخاصة الذين يتم توقيفهم في القضايا الحزبية والسياسية ، أو قضايا حرية الرأي والتعبير ، أي تلك القضايا غير الواضحة من ناحية العقوبات ، عدا عن توجيه الجرم لشخص ما بسبب منطقه الفكري، فهو لا يجد نفسه مذنبا، لكن هناك من يريد تجريمه على فكره ،وهذا ينطبق أيضا إلى حد كبير على الوضع المتأرجح الذي نعاني منه حاليا من حيث التخمينات التي تخرج من هنا وهناك، حول مشاركتنا بضربات عسكرية ، خاصة في ضوء نشاط غير مسبوق لزيارات مسؤولين إلى دول مجاورة ، وما يدور أيضا عن تخمينات حول احتمال مشاركتنا في ضربات دولية ضد التنظيم الإرهابي " داعش" ، حينها نكون مثلنا ما يحدث لمساجين "افَرَّاجَ بَابَ" ، من حيث دخولنا وخروجنا من عمليات حربية لا ندري لماذا دخلناها؟ أو لماذا سنخرج منها !.
في السجون عندما ينادى على شخص توقيفه مجهول ودون إبداء أي أسباب، أو سجنه بمصطلح " افَرَّاجَ بَابَ" ، يخرج من الباب الذي دخل منه دون أن يفهم بالتحديد ما الجرم الذي اقترفه، ودون أن يلتفت خلفه أو يستفسر ،متجاهلا رغبته في معرفة لماذا تم توقيفه، ولم تم الافراج عنه، تماما كحالنا فيما إذا ما شاركنا في ضربات أو عمليات تدريب أو أي شيء من هذا القبيل ، ويشبه ذلك إلى حد كبير من يخرج من اللعبة السياسية دون أن يعلم لماذا أصلا تم اقحامه بها ! أو ماذا كان دوره بالتحديد أو ما المطلوب منه؟!.
وفي كل الأحوال ، ما هو ايجابي في مصطلح " افَرَّاجَ بَابَ" أنه مأخوذ من فعل " فَرَّجَ " أي وسع وفتح ، وزال الكرب والهم والغم والشدة .. وفي النهاية كما يتطلع السجين إلى أن ينفرج باب السجن ليخرج ، يأمل المسؤول أن لا ينفرج باب خروجه من الوظيفة العامة ، ويبقى دعاء المواطن أن يبقى باب الحرب والقتال مقفولا دون
" افَرَّاجَ بَابَ" .. .
Jaradat63@yahoo.com