في البداية أود أن أتقدم من كل جندي الى أعلى الرتب في القوات المسلحة الأردنية يرابط على الحدود بالتقدير والإعتزاز، وأن أتقدم من كل جندي الى أعلى الرتب في دائرة المخابرات العامة بالتقدير والإعتزاز على ما يقومون به من جهد شاق لجمع المعلومات من دول الجوار الملتهبة وتحليلها أمنياً وسياسياً وعسكريا والى كل الاجهزة الامنية الاخرى كل التقدير ، والتي ساهمت وتساهم في استقرار أمن هذا الوطن وحماية حدوده.
منذ أن بدأت الازمة السورية وأقول أزمة وأقصد عدم مقدرة بعض العقول المسؤولة في الدولة من إدارة كثير من الملفات التي كانت صغيرة وأصبحت كبيرة لا بل كبيرة جداً، وجعلت هذه العقول سورية الدولة القوية، دولة لكل خارج عن القانون ، دولة تتجمع بها العصابات الإرهابية ، يقاتلون من؟؟!!
لا أحد يعلم فالحرب لا بد أن يكون لها أهداف واضحة ولكن في سورية ليس هناك أهداف عند كل الأطراف المتصارعة على السلطة لا بل هناك مصالح متغيرة عند كل الاطراف.
عندما بدأت الحرب في سوريا عامها الثاني قلت وكتبت لا بد أن يكون هناك منطقة عازلة ما بين الحدود الأردنية والسورية بطول الحدود وبعمق لا يقل عن 20 كم داخل الحدود السورية ، والهدف من هذه المنطقة العازلة ،أولا تجميع السوريين الفارين من الحرب بها و ثانيا حماية الحدود الأردنية من أي قنابل او صواريخ تصدر من أي طرف وتسقط على المدن الاردنيه الملاصقة للحدود السورية بالإضافة للحماية من أي اختراق بشري .
أنا أعلم أن قرار انشاء منطقة عازلة ممنوعا دوليا وهذا ما نص عليه قانون الأمم المتحدة في الفصل السابع ونصه : " بأن لا تقام منطقة عازلة إلا بمواقفة الدولة صاحبة السيادة عليها " ، وفي هذه الحالة من صاحب السيادة على الأرض السورية ؟ نحن نتكلم عن وضع غير مستقر وكل عصابة إرهابية لها سيادة على جزء من الأراضي السورية تحكم وتدير حدودها.
لذلك لا نستطيع أن نطبق ميثاق الأمم المتحدة في هذه الحالة ، ولو أننا أخذنا منذ البداية قراراً بعمل منطقة عازلة لما وصلنا الى هنا بعد أربعة سنوات من المعاناة ،من وجود ملايين السوريين في الأردن أنهكوا الدولة بكل مقدراتها وامكانياتها ، أو سقوط قذائف على المدن المجاورة للحدود.
أنا أعلم أيضاً أن قرار انشاء منطقة عازلة ليس قراراً أردنيا بل قراراً دولياً وبموافقة دولية ومثل هذه المنطقة مُكلف مادياً وعسكرياً، وهي تحتاج الى إشراف ووجود قوة عسكرية دولية لحمايتها وحماية من يعيش فيها برا وجوا.
خيارات الدولة الأردنية ليست كثيره ولا ثابتة بل متغيرة حسب الأحداث المتسارعة في سوريا ، إذن على الدولة الأردنية وعلى رأسها الملك وبالتعاون مع الحلفاء الأقوياء أن يضغطوا دوليا لإنشاء هذه المنطقة العازلة، اليوم قبل غدا وإلا علينا أن نتحمل النتائج التي ربما تفرض علينا وتقودنا الى عواقب لا تٌحمد نتائجها .
حمى الله هذا الوطن وحمى الله كل جندي مرابط على الحدود لا ينام ولا تغمض له عين ،حتى أُغمض عينيَ وأنام أنا.