زاد الاردن الاخباري -
لست خائفا من داعش، ما يخيفني هي الجماعات التي ستظهر بعد داعش، وأتوقع أن السنوات الخمس القادمة سوق تتمخض عن مجموعات إرهابية لا لون لها ولا طعم ولارائحة، ليس لها هوية تتعقبها، والمخيف في الأمر أنني أتوقع أن تكون أعمار شباب و (أطفال) تلك الجماعات تبدأ من 10 أعوام !!
لست خائفا من داعش، ولكنني أخاف أن يتحول كثيرون من أطفال وجماعات الأمة لتشكيل مجموعات إرهابية، وأن تعجبهم اللعبة، لعبة الخلافة والقوة والحديث باسم الله تعالى، ولعبة قطع الرؤوس البريئة الخائفة المرعوبة !
لست خائفا على المجتمع من داعش، بل منكم ! من المجتمعات العربية التي تستمر في تجاهل علاج ما تمثله داعش من أصولها، وما زال الظلم مستمرأ فيها، وما زال الفقر والبطالة يعبثان بالناس كافة، وما زال رجال الدين، المتشدقون، يستعملون الدين وكلام الله تعالى للحصول على النجومية والمكاسب، بجهل لا يصدق، وكأنهم لا يعلمون أن ذلك كمن يصب النار على الزيت، ويعتقدون أن ما يبثونه من رسائل، تصل جميع الناس، بنفس الطريقة والمستوى، ولا يعلمون أن هناك من يستقبل الرسائل بطريقة معكوسة، وهناك من يأخذ جزء منها فقط، فتصبح منقوصة، وهناك من يثور على المعلومة وينقلب عليها.. الخ، والمشكلة أن هؤلاء صاروا يشكلون النسبة الأكبر من منظري الأمة، أضف إلى ذلك جماعات مثل الإخوان المسلمين، التي لا يمكن الآن التفريق بينها وبين داعش سوى بالمسمى فقط، خاصة ما يفعلونه من مجابهة مسلحة في مصر، وكذلك منهم من يرفض إدانة أفعال داعش الوحشية، ولم يتبق سوى أن يعلنوا أحد رجالاتهم خليفة لهم، وتبدأ المجابهة الحقيقة..!
لست أخاف من داعش بقدر خوفي من الليبراليين الذين وقفوا وقفة مريبة مع الإخوان منذ سقوط سلطتهم في مصر، ومنذ أن رأى الليبراليون أن أمريكا تريد الإخوان، واقنعهم الإخوان بمظلوميتهم، فبدأوا للترويج للإخوان أو بالمقابل لنسف الدين كله، عن بكرة أبيه، مما خلق معركة إضافية لم نحسب حسابها أبدا، بين هؤلاء وبين المعتدلين من المسلمين، الذين يؤمنون بأن الإسلام هو دين وسطية وعدل وتسامح ومحبة، وأن الحرب على داعش يجب أن تبدأ باليقظة الإسلامية، وعودة الضالين إلى الطريق القويم، وليس بتحول الناس من مسلمين إلى ملحدين !
لست أخاف من داعش، ولكنني أخاف أن داعش والإخوان وغيرها من الجماعات استطاعت بإمتياز أن تلهينا عن أعدائنا الحقيقيين، وأن تمنعنا من التطوير والإبداع والإبتكار ومنافسة العالم المتطور، الذي ليس لديه لا داعش ولا إخوان ولا غيرهم، يعملون بجد من أجل تطور مجتمعاتهم، يصلون الليل بالنهار من أجل مستقبل أبنائهم، أما نحن، فإننا نصل الحديث بالحديث، ومقاطع الفيديو، ورسائل الواتس أب والفيس بوك وتويتر، لنعلم أبنائنا كيف ينمو بداخل كل منهم داعشي صغير، يعتاد مشاهد قطع الرؤوس، ولا أحد منا يعلم ماذا سيصبح هذا الطفل بعد سنوات قليلة فقط !!
ها قد قلت لكم.. اذا لم تجتمع الأمة فورا وتقرر علاج منبع "داعش" فستظر قريبا جماعات ارهابية اشد خرابا، لا يمكن فهمها أو علاجها، اللهمّ فاشهد.. إني قد بلغت.