عند متابعة التقارير الصحفية ذات الصفة الاستخباراتيه التي تصدر عن مراكز الدراسات والجهات الأمنية الغربية ؛ نخلص لأنهم يقرأوننا بوضوح أكثر من انفسنا ، وهذا الواقع يحكمه عدت عوامل من ابرزها؛ الموضوعية وعدم التحيز في الطرح ، وهي موضوعية ليست من باب عدم التهجم أو التحيز بل هي موضوعية وجدت لأنها تبتعد عن التأثير السياسي لأنظمة تلك الدول في كتابة تلك التقارير ، ولأنها تقاريريتم الاستناد اليها في اتخاذ القراراتالسياسية الاستراتيجية لتلك الدول معنا .
ومن هذه التقارير ما كتب عن مسلمي فرنسا بعد حادثة التهجم على مصنع فرنسي من قبل مسلم من المغرب العربي وقيامه بقطع راس صاحب المصنع الذي يعمل فيه ، وطرح التقرير معادلة رقمية حمل بها المسؤولية كاملة للحكومة الفرنسية عن حجم التطرف الديني والعرقي في اوساط الجاليات المسلمة في فرنسا ، وذكر أن نسبة المسلمين في فرنسا تبلغ 10% وفي نفس الوقت تبلغ نسبة المسلمين في السجون الفرنسية 70% من مساجين فرنسا .
وبهذه الارقام التي تصدم من يشاهدها لأول مرة نجد ان هناك واقع اجتماعي مأساوي للجاليات المسلمة في فرنسا وربما في بقية الدول الغربية وامريكا ، ولكن وجود شيء من الحرية والتعددية وتدوال السلطات يوهم هؤلاء المسلمين والعرب منهم بالذات انهم يعيشون في بحبوحة سياسية وفكرية ، وهنا لابد من العودة لأرض الوطن العربي المسلم الذي يمثل عقدة فكرية وربما ثقافية لدى تلك الجاليات ، ورغم ان غالبيتها تعيش تحت خط الحرية الغربية .
وما يجري في وطننا العربي من احداث تحمل في طياتها تناقضاتنا الدينية والسياسية والجغرافية معا ، هو بالنسبة للغرب مجرد كتاب مفتوح وليس بصعب قراءة سطوره وما وراء تلك السطور، للحد الذي يؤدي بهم الى معرفة نتائج كل خطوة تتم يوميا على ساحاتنا العربية من قتل ودمار ،وابقاء المشهد العربي بهذا السوء يقدم لتلك الجاليات مزيدا من التنازلات في ارض الغربة تلك ، وقد تصل الأمور الى حد البقاء في حالة من الوهم بالحرية التي لاتزيد عن مساحة سيرهم في الشوارع فقط وليوم واحد .