زاد الاردن الاخباري -
يثير الدور الذي يلعبه المستشارون الثقافيون الملحقون بالسفارات الأردنية أسئلة حول حدود الصلاحيات الممنوحة لهم وحجم الواجبات المناطة بهم، في إطار تمثيلهم لكل من الأردن عامة وللرأي الرسمي الثقافي والإعلامي الأردني، وحتى للمشهد الثقافي الأردني بكافة اطيافه: فهل الملحق الثقافي المُعيّن في سفارة أردنية متوفرة في أحد الدول العربية أو حول العالم يمثل الحكومة فقط؟ أم ثقافة الحكومة الأردنية؟ أم انهم يعبرون عن الصورة العامة للحركة الثقافية والإعلامية الأردنية بغض النظر عن أطيافها السياسية والثقافية؟
السؤال بإختصار شديد هو: هل يحق للملحق الثقافي الأردني القائم بمسؤوليات المستشار الثقافي في سفارة أردنية في دولة ما، أن يحدد لمواطني تلك الدولة، الراغبين بإستكتتاب أو تعيين مثقف أردني أو إعلامي أردني، أو دعوته لإلقاء قصيدة أو محاضرة او لحضور مؤتمر أن يقول لهم: (أن هذا الكاتب أو ذاك المثقف يغرد خارج سرب الحكومة، وبالتالي فنحن لدينا ملاحظات عليه؟ ويفضل عدم التعامل معه!!).
هذا ما فعله مستشارنا "غير المثقف" حين إتصل به مدير العلاقات العامة في إحدى الصحف اليومية الصادرة في دولة صديقة ليسأله عني شخصيا... بإعتبار أن الصحيفة ترغب في تعييني مديرا لمكتبها الأقليمي، فتحدث المستشار بثقة تشبه ثقة مدير مسؤول عن ملفات سرّية، وقام بفتح ملف خاص وجد فيه مجموعة من مقالاتي نعارض فيها طريقة الأداء الحكومي أو مقالات لا تتفق مع مزاج فلان او علان فقرر "الزعيم- المستشار" أنني لا أصلح لهذا العمل، وقد يكون الشخص الذي يصلح لهذا الموقع هو من أقاربه أو ممن يحصلون على تزكية من الوزير أو رئيس الحكومة، كما هي العادة، كمكافأة لكل الذين يرتفع صوت تصفيقهم أكثر من الاخرين، ويطغى نفاقهم ودوي تطبيلهم على الأصوات التي تنذر بالأخطار وتنادي بشدّ الهمة وتدفع للتصحيح.
كيف يتجرأ ملحق ثقافي أو سفير على تحديد ماهية أي أردني؟ ولن نقول إعلامي أو مثقف، أي مثال عشوائي، وأن يقوم بتقييم إنتمائه للأردن، وحبه لترابه الزكي الطاهر، وكيف أصبح هذا المستشار ملحقا ثقافيا وما هي خلفيته الثقافية؟ فقد بحثت عن "المستشار" في كل مكان فلم أجد له قصة أو قصيدة أو مقالا أو دراسة!! فهل يجب أن يكون المستشار الثقافي "متخلف" ثقافيا؟ إذا كان الجواب لا فمن هي الواسطة التي تقوم بتعيين أمثال هؤلاء؟ ومن الذي يقف خلفهم لدرجة تمكنهم من تقييم الثقافة الأردنية لدى بلد قد تربطها مع الأردن علاقات سياسية وثقافية وإعلامية عميقة؟ لن أطرح أسماء عرفتها بالصدفة، ولكن يحق لأي باحث أن يجد ما وجدته في ملاحقة مستشار ثقافي حين بلغني الخبر "المشؤوم" من شخصية مرموقة من تلك البلد سألني بشكل مباشر: هل أنت من المغضوب عليهم في الأردن؟!؟
هاي آخرتها، هذه هي الضريبة الإضافية التي ندفعها للحكومة الأردنية، وللقائمين على الثقافة والخارجية الأردنية، سجل أيها التاريخ، حتى لا ننسى، نحن ندفع ضريبة الحب والحرص على بلدنا الطيب، ندفع ضريبة عدم الموالاة لأشخاص لا نرى أنهم على قدر المسؤولية، ضريبة أننا لم نوافق على أن نكون الخرفان التي تساق للذبح دون سؤال، وللعلم فقط يا سعادة المستشار، فإنني ومنذ 22 عاما لم أحصل على قرش واحد، من موازنة هذا الشعب الفقير جدا جدا، ولم أسع إلى أي عمل حكومي، أو له علاقة بالحكومة، كنت في إنتظار أن يقوم شخص بهذا التصرف "الأحمق" لأرفع لكم يدي بيضاء من غير سوء، فارفعوا أيديكم "جميعا" إن كانت كذلك.!!
أطالب الأجهزة المعنية في الحكومة بفتح ملف المستشارين الثقافيين الأردنيين جميعاً، والبحث في مؤهلاتهم ومستوى ثقافتهم وقدراتهم الإعلامية، والتحقيق فيمن قام بتعيينهم، ومن كان وراء إختيارهم، جميعا، ولا داعي لتذكير أحد بملف المستشارين وما اطلقنا عليه (السعود جيت) عام 1996، ومن بقي حيا لا شك بأنه يذكرها جيدا..
قبل أن أنسى، فإن هذه الوظيفة متاحة لك يا سعادة المستشار، كمكافأة على حرصك ووطنيتك المذهلة.. صحتين وعافية!