أول وكالة اخبارية خاصة انطلقت في الأردن

تواصل بلا حدود

أخر الأخبار
الخميس .. الأجواء الحارّة تصل ذروتها مع تزايد نسب الغبار أبو زيد: المقاومة أسقطت نظرية ساعة الصفر 49 % نسبة الخدمات الحكومية المرقمنة مصر: أي خرق إسرائيلي لمعاهدة السلام سيتم الرد عليه بشكل حاسم وزارة التربية تدعو عشرات الأردنيين لمقابلات توظيفية (أسماء) 3 شهداء وجرحى جراء قصف الاحتلال غزة والنصيرات الحالات الدستورية لمجلس النواب الحالي في ظل صدور الارادة الملكية بتحديد موعد الانتخابات النيابية "القسام": قصفنا قوات الاحتلال بمحور "نتساريم" بقذائف الهاون المعايطة: يجب أن ترتفع نسبة المشاركة في الانتخابات -فيديو الهيئة المستقلة للانتخاب: الأحزاب ستنضج أكثر حزب إرادة يثبت قوته في الإدارة المحلية بحصده 9 محافظات نتائج انتخابات رؤساء مجالس المحافظات ونوابهم .. أسماء القسام تقنص ضابطا صهيونيا شمال بيت حانون / فيديو القناة الـ13 الإسرائيلية: سكرتير نتنياهو وزع وثيقة سرية لفرض حكومة عسكرية بغزة الاحتلال يقتحم مدينة يطا جنوبي الخليل. بن غفير يواجه هتافات استهجان من عائلات الأسرى بالقدس وفيات واصابات بحادث تدهور في وادي موسى العاصمة عمان .. (34) درجة الحرارة نهار الخميس لونين: كرة يامال لم تدخل المرمى مجلس حرب الاحتلال يناقش غدا أفكارا جديدة بشأن صفقة التبادل
تنظيمات إسلاميـة عابرة للحدود - الحلقة التاسعة
الصفحة الرئيسية مقالات مختارة تنظيمات إسلاميـة عابرة للحدود - الحلقة التاسعة

تنظيمات إسلاميـة عابرة للحدود - الحلقة التاسعة

03-06-2015 10:48 AM

مقدمة لا بد منها كتابي السابع عشر هذا « التنظيمات الإسلامية الخمسة العابرة للحدود « يصدر في سياق تفاقم حالة الصراع في العالم العربي واحتدامه بشكل عبثي ودموي، بعد انفجار ثورة الربيع العربي التي توسلت البحث عن : 1- التحرر والاستقلال، وامتلاك زمام المبادرة وحرية اتخاذ القرار، 2- الطمأنينة ولقمة العيش الكريم متضمنة ثلاثة مطالب أساس يفتقدها المواطن العربي هي الراتب المناسب، التأمين الصحي، والضمان الاجتماعي عند التقاعد والوصول إلى الشيخوخة، و3- الديمقراطية والتعددية وتداول السلطة والاحتكام إلى نتائج صناديق الاقتراع، ولذلك جاءت كتبي في سلسلة قضايا ثلاث رئيسة متداخلة، سلسلة الكتب الأردنية تحت عنوان : معاً من أجل أردن وطني ديمقراطي، وسلسلة الكتب الفلسطينية تحت عنوان : معاً من أجل فلسطين والقدس، وسلسلة الكتب العربية تحت عنوان : من أجل عالم عربي تعددي ديمقراطي موحد .


وكتابي السابع عشر هذا مرتبط بكتابين، سبق نشرهما، وهما: 1- حزب الإخوان المسلمين في الميزان، و2- الدور السياسي لحركة الإخوان المسلمين، في إطار تنظيمات وأحزاب التيار الإسلامي، تأكيداً لدورهم ومكانتهم وقيادتهم للحركة السياسية في العالم العربي، في غياب أحزاب التيار اليساري، وأحزاب التيار القومي، وأحزاب التيار الليبرالي، التي تضررت بفعل الحرب الباردة ونتائجها .


كما جاء كتابي هذا على خلفية كتابي الذي صدر العام 2013 عن ثورة الربيع العربي أدواتها وأهدافها، وحصيلتها أن الثورة ما كانت لتكون لولا توافر العامل الموضوعي المحفز للاحتجاجات والدافع لها والمتمثل بغياب الاستقلال السياسي والاقتصادي عن بعض البلدان العربية، وهيمنة اللون الواحد، والحزب الواحد، والعائلة الواحدة، والطائفة، والشخص الفرد المتحكم بمفرده في إدارة الدولة، في أكثر من بلد عربي، وأخيراً بسبب غياب العدالة والطمأنينة وعدم توافر الخدمات الأساس من صحة وتعليم وضمانات اجتماعية للمحتاجين .


أما العامل الذاتي في ثورة الربيع العربي، فقد اقتصر على مؤسسات المجتمع المدني بما تحمل من مفاهيم عصرية عن الديمقراطية والتعددية واحترام مشاركة المرأة في مؤسسات صنع القرار، وبما تملك هذه المؤسسات ( مؤسسات المجتمع المدني ) من علاقات مع مؤسسات أوروبية وأميركية توفر لها الحصانة والدعم المطلوبين، ولكن بسبب غياب دور الأحزاب اليسارية والقومية والليبرالية، فقد استثمرت أحزاب التيار الإسلامي حصيلة الربيع العربي ونتائجه كي تكون هي صاحبة القرار، سواء عبر تفاهمها مع الأميركيين، أو عبر حصولها على الأغلبية البرلمانية كما حصل في فلسطين والعراق ومصر وتونس والمغرب، أو لامتلاكها الخبرات القتالية على أثر دورها في أفغانستان، ورغبتها في التغيير الثوري الجوهري، فاحتكمت إلى وسائل العنف واستعمال السلاح لمواجهة الاحتلال الأميركي للعراق، او لإسقاط النظم القائمة في ليبيا وسوريا واليمن، وحصيلة ذلك إخفاق ثورة الربيع العربي للآن، رغم توافر العامل الموضوعي ونضوجه لقيام الثورة، تغييراً للواقع، نحو الأفضل السياسي والاقتصادي والاجتماعي، ولكن الإخفاق الفاقع يعود لعدم نضوج العامل الذاتي، وكثرة نواقصه، وعدم اكتماله، بصفته أداة الثورة ومحركها، وطالما أن العامل الذاتي كان ناقصاً، ولم تكتمل حلقات نضوجه، فقد انعكس ذلك على ضعف أدائه وعلى نتيجة أفعاله، فغياب أحزاب التيارات الثلاثة اليسارية والقومية والليبرالية وضعفها، جعل الوضع متروكاً لقوة ونفوذ أحزاب التيار الإسلامي، التي لا تؤمن لا بالتعددية ولا بالديمقراطية، ولا تملك البرامج الاقتصادية والاجتماعية الكافية، لجعلها أداة في يد عامة الناس، وهدفاً لها كي تلتحم مع الثورة وتلتف حولها، فانطبق على المواطن العربي المثل القائل أنه مثل الشخص الذي هرب من الدلف فوقع تحت المزراب، وغدت الأنظمة السابقة بعجرها وبجرها، هي أفضل حالاً مما وقع لاحقاً، من هيمنة ونفوذ وتأثير الأحزاب الإسلامية، وقيادتها للعمل السياسي وللتغيير الثوري، مسنودة بعواصم إقليمية، فحاضنة الإخوان المسلمين تركيا وقطر، وحاضنة ولاية الفقيه الدولة الإيرانية؛ ما خلق حالة من الصراع الإقليمي والدولي المباشر في منطقتنا، وعلى أرضنا، وعلى حساب دماء شعبنا وثرواته .


إذن هذا الكتاب، ليس فلسفة معرفية، بل هو إضافة سياسية تراكمية، لوضع ثورة الربيع العربي في سياقها من أجل إنتصار الديمقراطية في العالم العربي، وتحقيق الطمأنينة بلقمة العيش الكريم بالصحة والتعليم والضمان الاجتماعي، وتحرير فلسطين .


هذا الكتاب يسلط الضوء على التنظيمات الإسلامية الخمسة العابرة للحدود، أي أنه يستهدف القوى الإسلامية الأساس القيّا تأثيراً ومكانة في العالم العربي، ولا يستهدف تنظيمات إسلامية محلية في هذا البلد العربي أو ذاك، بصرف النظر عن قوتها أو ضعفها، بل هو يستهدف التنظيمات الإسلامية الخمسة العابرة للحدود، والتي تعمل في السياسة، ولها تأثير على صنع القرار، أو على صنع الأحداث الجارية :


1- حركة الإخوان المسلمين .

2- ولاية الفقيه الإيرانية .

3- تنظيم القاعدة .

4- تنظيم الدولة الإسلامية داعش .

5- حزب التحرير الإسلامي.


لذا أرجو أن يقدم شيئاً جديداً، للقارئ، وللمكتبة العربية، وأن ينال الاهتمام كما يستحق، وفق الجهد الذي بذل وتحقق.

الدور الأردني نحو التنظيمات الاسلامية العابرة للحدود

من يقرأ أسامة بن لادن ، يجد في أغلبية خطاباته وتوجهاته ، التقدير لمكانة ودور شيخه عبد الله عزام ، الذي ترك الأردن ، مدرساً في كلية الشريعة في الجامعة الأردنية ، وموقعاً قيادياً في حركة الاخوان المسلمين ، ليؤدي واجبه المبكر ، في قيادة حركة المجاهدين الأفغان ، ومقاومة الاحتلال السوفييتي .
ومن يقرأ أبو بكر البغدادي ( ابراهيم البدري ) خليفة المسلمين ، وقائد تنظيم الدولة الاسلامية ، داعش المنشق عن تنظيم وحركة القاعدة ، يجد التقدير المتدرج من أسامة بن لادن نحو أبو مصعب الزرقاوي ( فضيل الخلايلة ) ودورهما في ولادة القاعدة وقيادتها سواء على المستوى الدولي للأول ، أوعلى صعيد بلاد الرافدين للثاني ، بدون ذكر لأيمن الظواهري وتناسي دوره أو ذكر اسمه .


وسواء نحو عبد الله عزام ، من قبل أسامة بن لادن ، أو نحو أبو مصعب الزرقاوي من قبل أبو بكر البغدادي ، ففي الحالتين يبرز الدور الأردني ، في مكانة وولادة القاعدة على المستوى الدولي ، وفي مكانة الدور الأردني في ولادة تنظيم القاعدة في بلاد الرافدين ، ويتعزز ذلك بوضوح أكبر في مكانة واجتهادات ورسائل أبو محمد المقدسي وأبو قتادة في الأردن ، من طرف تأييدهما لتنظيم القاعدة وأميرها أيمن الظواهري ، أو من طرف الطحاوي في الأردن ، وتأييده لتنظيم الدولة الاسلامية وخليفتها أبو بكر البغدادي ، فالانقسام والانشقاق الذي اجتاح القاعدة بخروج داعش من رحمها ، لم يقتصر على سوريا والعراق بل شمل جميع فروع القاعدة في العالم ، بما فيها التنظيم في الأردن .


حصيلة ذلك ، أن الدور الأردني مبادر ومقدر سواء في تنظيم القاعدة أو لدى داعش أو داخل حركة الاخوان المسلمين ، أو حزب التحرير الاسلامي وأميره الأردني عطا الرشته على المستوى الدولي ، وهي جميعها مظاهر ملموسة تعكس الدور القيادي الأردني لدى التنظيمات الاسلامية العابرة للحدود في العالم العربي .


والتنظيمات الخمسة تعيش اليوم حركة صراع بينية ومزدوجة ، فهي مجتمعة ومن طرف واحد تخوض صراعاً دموياً ضد الأنظمة العربية ، ذات الطابع المحافظ غير الديمقراطي ، أو ضد التنظيمات اليسارية والقومية والليبرالية ، ولكنها في الوقت نفسه تخوض صراعاً لا يقل دموية وشراسة ضد بعضها البعض .


فالصراع في سوريا والعراق ، ضد نظامي الحكم القائم فيهما من قبل القاعدة وداعش ، يترافق مع صراع مباشر أيضاً ضد بعضهم البعض ، وبشكل خاص بين القاعدة وداعش وبينهما وبين وولاية الفقيه ، تارة ضد الشيعة والروافض وتارة ضد المسيحيين والكفرة والمرتدين ، وما يجري في سوريا والعراق يمتد الى اليمن ، بشكل أكثر دموية ووضوحاً وتميزاً بين ولاية الفقيه والمعبر عنها بتنظيم أنصار الله أو الحوثيين ، وبين القاعدة ، أنصار الشريعة ، وبين الاخوان المسلمين حزب الاصلاح ، وثلاثتهم يعملون على تجنيد القبائل والأحزاب الأخرى ، لخوض المعارك ونيل النصرة ، بواسطة المال أو البحث عن النفوذ ، أو لتحاشي الأذى ، في مواجهة الأطراف الأخرى ، وهكذا يتواصل الصراع بعناوين مختلفة ، ولكنه أساساً بين التنظيمات الاسلامية الثلاثة الرئيسية : ولاية الفقيه والقاعدة وحركة الاخوان المسلمين .


الأردنيون شركاء على الجبهتين


بعد أن اعترف الرئيس الأميركي أوباما بسوء تقدير المخابرات المركزية لقوة داعش ، فهل يعني ذلك تراجع السياسة الأميركية عن الطابع العدواني في تعاملها مع مصالح العرب الحقيقية ، بعد أن قامت باسقاط نظامين عربيين في العراق وليبيا بالقوة المسلحة ، وتستبدل ذلك عبر البحث عن الشراكة ، والجوامع المشتركة خدمة للمصالح المتبادلة الواسعة بين العرب وأميركا ، بعيداً عن الهيمنة ودعم المشروع الاستعماري التوسعي الاسرائيلي على أرض فلسطين ؟؟ .


هل يتراجع أوباما ، عن موقفه غير الواقعي للتعامل مع سوريا ، ويدرك أن بوابة التفاهم مع روسيا ومع ايران ، سيؤدي به الى التفاهم مع الشعب السوري ، بجناحيه 1- المعارضة الوطنية ، و 2- نظام الرئيس بشار الأسد ، فقد فشلت السياسة الأميركية ومعها تركيا والمنظومة الخليجية في اسقاط نظام حزب البعث خلال أربع سنوات من النزيف والحرب والدمار ، مثلما فشل نظام الرئيس الأسد ومعه روسيا وايران في انهاء المعارضة السورية وتصفيتها خلال السنوات الأربعة الماضية من الحروب والقصف بالبراميل والكيماوي ، ولذلك فالحل كما قال الملك عبد الله عاهل الأردن أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة بالحل السياسي ، والحوار والمفاوضات بين المعارضة المعتدلة ونظام الرئيس بشار الأسد ، وصولاً الى التوافق والشراكة في الوطن الواحد للجميع ، فالأردن الشريك في معركتي المواجهة ضد القاعدة وداعش في سوريا والعراق قام بهذا الدور لثلاثة أسباب جوهرية هي :


أولاً : لأن الأردن ذاق قساوة عمليات القاعدة قبل أن تنشق عنها داعش وتصبح تنظيماً مستقلاً عن القاعدة برئاسة أبو بكر البغدادي ، فقد تعرض الأردن لسلسة من العمليات التفجيرية واغتيال دبلوماسيين أجانب حينما كانت القاعدة وداعش تنظيماً واحداً بقيادة أبي مصعب الزرقاوي ، ومحاولات تدمير المطار الدولي ومبنى المخابرات العامة وغيرها من العمليات والمحاولات، التي تؤكد أن الأردن كان ولا يزال على جدول أعمال القاعدة وتنظيم الدولة الاسلامية داعش ، ولذلك من الضرورة أن يتخذ الأردن سياسة دفاعية ذات طابع هجومي ، وخطوات استباقية لتحمي أرضه ومواطنيه ومؤسساته من الفعل المشين الارهابي الدموي المتطرف .


ثانياً : تتعرض الحدود الأردنية لسلسلة من محاولات الاختراق من قبل عناصر وسيارات ومحاولات تهريب ذخائر ومتفجرات وأسلحة ، مما يؤكد أن مخططات الاستهداف عن طريق الحدود الشمالية السورية الأردنية ، والحدود الشرقية العراقية الأردنية ، متواصل ، ويعني أن محاولات ادخال العناصر والأسلحة والسيارات تعكس وجود برامج معدة تستهدف الأمن الوطني الأردني برمته .


ثالثاً : عمليات التجنيد للاردنيين متواصلة ومستمرة ، من قبل التنظيمين القاعدة وداعش ، حيث تجري عمليات تهريب الشباب الأردنيين ودفعهم نحو الانخراط في العمل الجهادي ، ويتم ذلك بشكل نشط ومتواصل ، وتبرز مشاهده في مظاهر التأبين ، وأثناء اقامة بيوت العزاء لدى أهالي الجهاديين في مدن الزرقاء واربد والرصيفة ومعان والسلط مما يعكس حجم مشاركة الشباب الأردني الذي يغادر الأردن باتجاه العمل الجهادي في سوريا والعراق .


وهؤلاء يشكلون قلقاً للشعب الأردني وأمنه الوطني سواء في خسارتهم وفقدان حياتهم في معارك خارج حدود الأردن ، أو اكتسابهم مهارات قتالية وقناعات جهادية يعودون بها لتنفيذ أشكالها ودوافعها في الأردن ، ونقل الأفكار والممارسات الجهادية الى الأردن ، وتعميمها وتصبح هي عنواناً للحياة السياسية غير الديمقراطية وغير الأمنة .


لهذا كله كانت المشاركة الرسمية للدولة الأردنية في التحالف الدولي ضد القاعدة وداعش واجبة ، مثلما هي المشاركة الحزبية من قبل بعض النشطاء الاسلاميين الأردنيين العابرين للحدود في جهاد القاعدة وداعش .


ولذلك ، لخص مسؤول أردني ، أسباب وقوع الأردن ومشاركته مع التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة ، ومع حملته العسكرية ، وهجماته الجوية الهادفة نحو تدمير قدرات تنظيمي داعش والقاعدة ، والعمل على ازالة خطرهما والمبادرة الى مهاجمتهما يوم 23/9/2014 ، على الأراضي العراقية والسورية ، ويتخلص الموقف كما يلي :


أولاً : انه عمل استباقي يهدف الى حماية الأردن ، من خطر محتمل من قبل تنظيمي داعش والقاعدة اللذين امتد نفوذهما حتى الحدود الأردنية السورية في الشمال ، والحدود الأردنية العراقية في الشرق ، مما يشكل مساساً مباشراً بالأمن الوطني الأردني ، المتوقع أن يكون مستهدفاً في خطة وبرنامج التنظيمين المتطرفين ، خاصة مع وجود محاولات متكررة لادخال سيارات وعناصر وأدوات مسلحة عبر الحدود الشمالية والشرقية ، تصدت لها قوات الأمن الأردنية غيرّ مرة ، مما يؤكد وجود نوايا مبيتة لدى الفصيلين لادخال عناصر وسيارات وأدوات عسكرية ، لتنفيذ عمليات على الأراضي الأردنية أو من خلالها أو عبرها ، مما يترك أثره المباشر في اتخاذ قرار التصدي العملي لهذه النوايا ، وجعل الأردن أمناً من محاولات الوصول اليه ، تزامناً ، ومترافقاً مع وجود خلايا أردنية منظمة ناشطة ومعلنة ، يجري اعدادها الفكري والتنظيمي في الأردن ، وتقوم بالتسلل من الأردن ، وتشارك علناً في العمليات الجهادية على أراضي العراق وسوريا ، سقط منهم العشرات خلال المعارك والاشتباكات ، وجرت لهم مراسم التأبين من قبل عائلاتهم أو أصدقائهم ، في المدن الأردنية معان والسلط والرصيفة واربد ، مما يدلل على وجود أنشطة تنظيمية للفصيلين ، لم يتوصلا بعد لتنفيذ مهام عسكرية مباشرة على الأراضي الأردنية ، ولكنها في ظل التمدد في العراق وسوريا ، أو في ظل الانحسار يمكن لها أن تجد في الأردن برنامجاً للعمل ، أو ملاذاً لتوسيع عمليات عسكرية ، مما يستوجب المبادرة نحو اتخاذ اجراءات استباقية ، لتحول دون مبادرتها نحو العمل في الأردن ، أو ضده ، ولذلك كان التجاوب الأردني مع برنامج التحالف الدولي والاستجابة له ، حماية أولاً للمصالح الأمنية والوطنية الأردنية .


وفي السياق نفسه وخلال العشر سنوات الماضية ، نفذت القاعدة وهي الخلفية التنظيمية والمرجعية الفكرية التي ولّدت حركة داعش والتي انشقت عن القاعدة ، نفذت مجموعة من العمليات المسلحة ضد أهداف أردنية ، أو ضد أهداف على الأراضي الأردنية ، من قبل عناصر غير أردنية تسللت ونفذت أعمالاً ارهابية في طليعتها اغتيال دبلوماسي أميركي على يد ناشط ليبي ينتمي للقاعدة ، وتفجيرات الفنادق الأردنية تم على يد عناصر عراقية تابعة للقاعدة ، كما تم اعتقال عنصر ليبي حاول تفجير مطار عمان الدولي ، وتم الافراج عنه في عملية التبادل مع السفير الأردني العيطان الذي تم اختطافه في طرابلس ، وتم اطلاق سراحه مقابل الافراج عن الليبي المعتقل .


وهكذا يتبين أن غالبية العمليات المنفذة في الأردن ، والمخطط لها ، تمت على أيادي غير أردنية ، مما يزيد من احتمالات الخطر على الأردن بفعل تمدد داعش والقاعدة على الحدود الأردنية الشمالية والشرقية ونفوذهما في العراق وسوريا وضمهما لعناصر تحمل جنسيات مختلفة ، مما يستوجب ليس فقط حماية الحدود الأردنية ، بل المبادرة لضرب مواقع الارهاب ومصدره ، قبل أن يتسلل أو يتمدد نحو الأردن ، كما قالت المصادر الأردنية المسؤولة ، ولذلك جاء التجاوب الأردني مع التحالف الدولي ليشكل عامل صد ، والاسهام العملي لقطع الطريق على أي محاولات أو مخططات لجعل الأردن على قائمة داعش والقاعدة للتمدد نحوه بعد سوريا والعراق ولبنان .


أما السبب الثاني وراء المشاركة الأردنية في التحالف الدولي ضد داعش والقاعدة ، فيعود الى ضرورة مساعدة الشعبين السوري والعراقي ، في محنتيهما في مواجهة التطرف والارهاب وما خلفاه من دمار ، مما يستوجب ، وفق الرؤية الرسمية الأردنية ، الوقوف الى جانب الشعبين الشقيقين ، ومساعدتهما ، في معركة التخلص من الارهاب والتطرف ، مع التأكيد على عدم المس بسيادة كل منهما ، وبدون الانحياز لأي عمل يمكن أن يشكل مساساً بقدرات مؤسساتهما العسكرية أو التقليل من قيمتها ، وبدون التدخل بشؤونهما الداخلية ، فالتدخل الأردني محسوب بدقة ، ومساهماته علنية ، لا تغير من موقف الأردن الرسمي في ضرورة التوصل الى تفاهمات سياسية وحلول واقعية بين المكونات السورية لحل الأزمة السورية ، وبين المكونات العراقية لحل الأزمة العراقية ، وما التدخل الأردني في هذا السياق سوى خدمة المصالح الأمنية والوطنية العليا للبلدين الشقيقين ومساعدتهما على ازالة معيقات الحل السياسي ، ذلك أن وجود داعش والقاعدة ونفوذهما يحول دون التوصل الى تفاهمات واقعية بين الأطراف السورية وبين الأطراف العراقية ، ومن هنا جاءت المشاركة الأردنية في هذا السياق ، وبدون أن يتجاوز هذه الحدود وفق الرؤية الرسمية الأردنية ، التي مازالت تدعو للحلول السياسية ، وتؤكد فشل الحل العسكري في الأزمة السورية ، وكذلك في الأزمة الداخلية العراقية ، ولهذا جاء التجاوب الأردني مع الرغبات والمصالح العربية في العراق وسوريا ، وكي يصب باتجاه التجاوب مع الرغبات الخليجية التي تشعر بالقلق كونها في قلب الاستهداف من قبل داعش والقاعدة وبرامجهم التوسعية .


أما السبب الثالث ، فيعود الى التجاوب مع الرغبة الأميركية ، وسياسة الولايات المتحدة بهذا الشأن ، فالولايات المتحدة عامل دعم واسناد للأردن ، ولا يستطيع الأردن التصادم مع المصالح الأميركية طالما أنها لا تتصادم مع المصالح العليا للدولة الأردنية ، ولذلك بقي الأردن محافظاً على حدود علاقاته مع الأميركيين بدون المساس بمصالحه ، وبما لا يُخل بمصالح أشقاءه ، فليست السياسة الأميركية وتطبيقاتها محل ترحيب دائم من قبل الدولة الأردنية ، ولم تكن محل تصادم دائم ، بل هي موضع حوار ونقاش يؤدي الى تفاهم وتعارض في المواقف ، بدون الاخلال بصيغة علاقة الصداقة التي تجمع بين البلدين ، رغم الفارق الكبير بالامكانات والأدوار لكل منهما ، وهذا ما دفع الأردن للمشاركة في هذا التحالف ، ليس فقط بهدف الحفاظ على صيغة الصداقة القائمة بين عمان وواشنطن ومضمونها ، بل لأن هدف هذا التحالف يخدم المصالح الوطنية والأمنية الأردنية ويستجيب لها ، مثلما يخدم مصالح الأمن القومي للنظام العربي ، ضد عدو متطرف ومشترك .





تابعونا على صفحتنا على الفيسبوك , وكالة زاد الاردن الاخبارية

التعليقات حالياً متوقفة من الموقع