تتمثل صورة هذا الفاسد الصغير في الكثير من المواقف في يومنا المعتاد؛ ويزداد تمثلها على أرض الواقع كلما خرجت تصريحات حكومية من هنا أو هناك تقول أن هناك رفع للأسعار ، أي شيء سيتم رفع سعره عندها تجد فاسدا صغيرا يحيك مؤامرته الخاصة حول هذا الشيء .
ويستند هذا الفاسد الصغير في فساده وحبك خيوط مؤامرته على المواطن نتيجة لجهل المواطن بحقيقة ما تصرح به الحكومة ، وفي نفس الوقت في فشل الحكومة في التعبير عن قراراتها نتيجة لتعشب التصريحات وتعدد مصادرها ، وخصوصا في الوقت الحالي الذي اصبح فيه وسائل الإعلام ملتصقة بجيب المواطن عبر الهواتف الذكية واشتراكات الانترنت القليلة التكلفة والمتاحة للجميع .
وهذه التقنية تجعل المعلومات تنتقل بسرعة عالية ومختزلة بناءا على اتجاهات من يقوم بنشر الخبر على مجموعاته الخاصة في مواقع التواصل اجتماعي ، وتقف عندها مبهورا من حجم الاضافات اللغوية التي الصقت بهذا الخبر أو ذاك ، ولدرجة أن صبي لم يبلغ من العمر العاشرة يقف في احد المخابز ويصر على أن سعر كيلو خبز الحمام قد ارتفع " عشرين قرشا" ، وعند محاولة مجادلته بعدم صحة ما يقول يصر ويؤكد على أنه عرف بالخبر قبل دقائق من صاحب المخبز الذي وصلته المعلومة من مصدر ثقة وقوي ، ويتنتهي الموقف بأن تدفع له فرق السعر او ان تغادر .
والأمثلة على هذه السلوكيات الفاسدة كثيرة جدا وتطال الكثير من حاجات المواطن اليومية ، ويتم استغلال المواطن بها بقوة المعلومة التي يتم تداولها بين الناس؛ وبفشل الحكومة في التعبير عن تصريحاتها بسرعة تتساوى مع سرعة انتشار معلومة مصادر المواطن ، وهؤلاء كلهم مجتمعين كأفراد هم فاسدين صغار يسيرون تحت رعاية فاسد كبير هو الحكومة ، وفسادها هنا يأتي لأنها لم تتمكن من التعبير بصراحة ووضوح عن قرارتها ، وتركت المواطن فريسة لكل هؤلاء الفاسدين الصغار اللذين اذ ما جمعتهم معا لوجدت أنه يملكون فسادا يضاحي حجم فساد الحكومة نفسها .