يلتبس الأمر على الكثيرين عند الحديث عن الشعب أو عن الأمة وكثيرا ما يخلط الكتاب والمتحدثون بين المفهومين ,ومن الناس من يستخدم المصطلحين وكأنهما يعطيان نفس المعنى ,والحقيقة غير ذلك ,فهناك بون واضح بين المصطلحين على أساس أن التفريق بين المصطلحين يجب أن يبنى على الأسس السياسية والاقتصادية والإجتماعية والمصلحية وغير ذلك .فهل نستطيع أن نتعامل مع أي شعب على إعتباره أمة ؟وهل يجوز لنا أن نعتبر أن كل أمة هي شعب؟ .
قطعا الإجابة بالنفي فليست كل أمة شعبا وليس كل شعب أمة.
فالشعب كمصطلح سياسي مثلا هم مجموعة من الناس تواجدوا في بقعة جغرافية معينة يطلق عليها (إقليم), يتم التوافق بينهم على مجموعة من الانظمة والقوانين التي تحكم تعاملهم(الدستور ) , برعاية نطام حكم متفق عليه, ككافل لتطبيق هذه القوانين والأنظمة ويوفر الحماية والرعاية لمجموع السكان ,ولا يشترط في هذه الجماعة التجانس العرقي أو الديني "العقدي "أو اللغوي ,فمجموع السكان الذين يعيشون في كندا مثلا والتي تتألف من عشرة مقاطعات ,تعتمد اللغتين الانجليزية والفرنسية كلغتين رسميتين عدا عن اللغات الأخرى غير الرسمية التي يتحدث بها السكان , ومجموع السكان هذا يتكون من الانجليز والامريكيين والفرنسيين والاسكتلنديون والايرلنديون والالمان والأيطاليون والصينيون والأكرانيون والهولنديون وكل الملل والنحل بنسب متفاوته,فهؤلاء السكان يشكلون ما يعرف بالشعب الكندي الذي أشبه ما يكون بلوحة فسيفسائية ,لأنهم يعيشون في بقعة جغرافية محددة تسمى كيان سياسي , ينضوون تحت نظام حكم مع أختلاف الأعراق واللغات والأديان والثقافات والتاريخ ,لكنهم كما ذكرنا وحدتهم البقعة الجغرافية ونظام الحكم ومجموعة القوانين والأنظمة الناظمة للسكان .ولم يشكل التجانس عاملا مع عوامل التكوين للشعب الكندي فهو شعب قليل التجانس لكنه شعب متصالح تجمعه المصالح المشتركة في العيش المشترك التي يحرص الكل على ديمومته .
أما الأمة فلا يشترط فيها الوحدة الجغرافية ,ولا يعني ذلك وجوب انتفاء هذه الوحدة لتتشكل الأمة,وحتى نطلق على مجموعة من الناس لفظ أمة يجب أن يكون بينهم على الأقل عامل واحد من عوامل الترابط يشترك الكل فيه , ولا تشترط الوحدة الجغرافية أو نظام الحكم الواحد ولا الانظمة والقوانين الموحدة ,فعندما نقول ألأمة الأسلامية مثلا يقتصر الترابط على وحدة العقيدة فقط . فمجموع المسلمين في العالم شكلوا أمة مع أختلاف الأعراق واللغات والتاريخ المشترك ,وهنا لا نستطيع القول الشعب الأسلامي لأن هذه الأمة تكونت من مجموعة من الكيانات ,ولاحظ أن مجموع الأمة يخضعون لقوانين وأنظمة محتلفة لكن يخضعون لرابط واحد الا وهو رابط العقيدة . ومثال آخر نستطيع أن نطلق على مجموع الشعوب العربية لفظ (أمة) لأشتراك هذه الشعوب بأكثر من عامل منه الجغرافيا والتاريخ والدين وأهمه العرق لأن العروبة لفظ دال على العرق ,وحتى يتضح المثال أكثر لا نستطيع الأشارة للأكراد المتواجدين ضمن الشعوب العربية في العراق وسوريا مثلا كجزء من الأمة العربية لأنتفاء وحدة العرق مع المجموع الذي شكل هذه الأمة,لكنهم جزء من الشعوب.
وعلينا أن نلاحظ هنا أن الشعب كيان سياسي كما في مثال كندا , في حين لا تشكل الأمة كيانا سياسيا ’ بل من الممكن أن يكون هذا الكيان عرقيا كما في مثال الأمة العربية ودينيا كما في مثال الأمة الإسلامية .