زاد الاردن الاخباري -
حين عدْتُ للوطن بعد غربة إمتدّت لأكثر من تسع سنوات متنقلاً ما بين الإمارات العربية ، أمريكا وإيطاليا ، كان الأهل حينها مواطنون أردنيون مصنفون حسب منطقة سكناهم من الدرجة الثانية أو الثالثة، فقد كانوا من مواطني مدينة الحشد والرباط ، الزرقاء الصامدة الصابرة / ولزيادة الطين بلّة ، كانوا من مواطني أشرس أحياء المدينة ، كان يُسمّى حينها شيكاغو الأردن / الغويرية ، عدتُ وكلي شوق ولوعة خاصة للغويرية ، وإلتقيت بالصدفة بصديق الطفولة الذي كان لتوه قد عاد من ألمانيا بعد تخرجه من كلية الهندسة .
وبعدما أنهينا معاً التدريب العسكري لمدة ثلاثة أشهر في خو ، ولحسن الحظ والواسطة إنتقلنا لتدريب اّخر في مدرسة تدريب الأمن العام لمدة شهر وبعدها إنتهينا وأصبحنا رسمياً من كوادر الشرطة ،كل من موقعه، فصديقي ذهب لإدارة الأبنية والصيانة التي إنتقلت إليها أنا الاّخر لاحقاً بعد عناء وواسطة جديدة ، ولكن قبلها كان قد تمّ توزيعي ( بالخطأ ) ولسوء حظي وضعف الواسطة إلى ترخيص ماركا ، المهم في الحكاية ، أنّه تمّ توزيعنا وأصبحنا جزءاً من الجهاز التنفيذي للحكومة وإعتقدنا حينها بأننا سنعيش بسلام ووئام وسط جيل جديد من مشكلجية الغويرية كبر وترعرع ونحن خارج البلد ، لذلك ، الكثير منهم لا نعرفه ولا يعرفنا !
ذات يوم ، ونحن نتمشى أنا وصديقي جمال على " الكورنيش " شارع الحاووز ، وكنّا للتّو قد خلعنا اللباس العسكري وخرجنا للتمتّع والتأمل بمدينتنا التي طالما إشتقنا لزقاقها وشوارعها وحاراتها ، مرّ أحدهم بجانبنا مترنحاً وضرب كتفه بكتف جمال ، فنظر إليه صديقي مازحاً وقال له أنا اّسف ، وكان المفروض أن يتأسّف هو لجمال ، فعاد أدراجه نحو جمال وسأله متحدياً ؛ إيش ، بتتخوت ما ملوّت؟؟؟
ولم يتسنى لصاحبي الإجابة حتى بادره السكران بضربة على الوجه وبعدها مباشرة سحب سكينه ( موس كبّاس ) وحاول الوصول لوجه جمال إلاّ أن محاولته لحسن الحظ وبسبب تدخلي وتدخل بعض من كان هناك من المعارف باءت بالفشل ،وبمساعدة بعض معارفه من الزعران ، هرب ولم نجد له أثر بعدها !
بعد هدوء العاصفة والسيطرة على الموقف وإستتاب الأمن كلياً ، ذهبنا معاً وجلسنا على أحد مقاهي الزرقاء نحتسي فنجان قهوة ، خيّم الصمت ولم نتحدّث لمدة طالت لأكثر من خمس دقائق ، كل منّا كان يحاول فهم ما حدث ، ثمّ ، وبعفوية تامّة ، نظرنا في عيون بعضنا نظرة مصحوبة بإبتسامة صامتة ، تطوّرت لإبتسامة ضاحكة ، ثمّ ضحكة ،وبعدها لقهقهات عالية جلبت إنتباه كل من كان في المقهى .
ضحكنا وضحكنا حتى أغمي علينا ،وبعدها ، طلبنا جولة جديدة من القهوة وجلسنا بهدوء لنضع حلول عاجلة للوضع المتأزّم في الزرقاء ، وكنتيجة لهذا الإجتماع ، قرّرنا وبالإجماع الرحيل من المدينة وتركها للزعران يسرحوا فيها ويمرحوا ،" ويا روح ما بعدك روح " فأنتهيت أنا في اللويبدة ( Home sweet home ) الجبل الذي وُلد به كل أبنائي قبل رحيلي لدابوق ، وأنتهى المطاف بصاحبي في الدوار الخامس !
زعران الزرقا ولقينالهم حل ، طيب زعران عمّان الغربية يا ترى شو حلهم ؟؟
م. محمدالعابد