غريبه الطريقة التي يتم من خلالها قراءة الأرقام التي تخرج عن تقارير احصائية دولية أو محلية ، وفي أخر تقرير عن مؤشر السعادة بين الشعوب جاءت الأردن في الترتيب 84 من بين 152 دولة أي بنسبة مئوية هي 54% ، وفي نفس الوقت تمت قراءة هذه الأرقام على أن الأردن احتل المرتبة التاسعة عربيا بنفس مؤشرات السعادة السابقة .
ويبدو أن من أشار للقراءة الثانية لهذه الأرقام رغب في أن " يَجّبر " خاطر الشعب الأردني بأن وضعه في مقارنة مع بقية شعب الدول العربية الاثنتان والعشرين " حاليا فقط " ، وغاب عن ذهنه أننا حصلنا على نسبة مئوية أقل مقارنة بالمتسوط المئوي على مستوى دول العالم وهو 40% ، وبذلك يكون جَبّر الخاطر هذا قد أصاب حقيقة واقعنا كأردنيين اقتصاديا وسياسيا واجتماعيا دون أن يعلم من فضل تلك القراءة .
وتلك القراءات المشابهة تفضلها الحكومة عندما تتعلق بنتائج مستويات الأداء الحكومي أو رضى الشعب عن أداءها ، وقدرتها على تحقيق الاصلاح السياسي والاجتماعي والاقتصادي ،لأنها تأخذ من مثل هذه القراءات دليلا يحقق الرضى النفسي لديها عن أداءها ورضى الشعب عنها ، ورغم أن تلك النسب لايمكن القفز عنها رياضيا كونها لم تتجاوز في حالة مؤشر السعادة نسبة النجاح عربيا .
ونسبة ال(40%) تلك قد تجبر خاطر الحكومة ؛ ولكنها تلقي بظلالها السوداء على النظرة المستقبلية لدى المواطن ، وهو نفس المواطن الذي يمارس حياته وهو مؤمن بأن لا تغيير في واقع حياته ليس على المدى القريب بل والبعيد منه ايضا ، فهل ستتعامل الحكومة مع تلك الأرقام كما تتعامل مع أرقام نتائج أداءها كل مائة يوم ، واذا كان هذا ما سيتم فهي بذلك سوف تستمر بنفس الوتيرة من الأداء على مستوى مؤشر السعادة كما تعمل على مستوى اداءها السياسي ، وهنا لابد من شكر من قام بقراءة تلك الأرقام لمؤشر السعادة عربيا لأنه قام بجبر خاطر الشعب وإن كان جَبّر الخواطر على الله ؟ .