من منا لم يتغنى بكلمات الأغنية الرحبانية " أنا وشادي " ، وفي صبيحة هذا اليوم سمتعها كأنني لم اسمعها من قبل ، وكيف أن " شادي " كان صغير وذهب يتفرج بعد أن ولت الدينا ناس ضد ناس ، واقتربت المعركة من التلال ووصلت لأطراف الوادي " وشادي " راح يتفرج وفيروز تنادي عليه " وينك يا شادي" ، وجاء الثلج وغادر الثلج عشرين مرة جاء الثلج وغادر وهي ما تزال تنتظر " شادي " ولكنها كبرت وبقي " شادي " صغير كما شاهدته لأخر مرة ،وهذا " الشادي " بقيكما هو يتغنى به وينادى عليه .
ولن تنتهي القصة منذ أن غنتها فيروز لأن شادي أصبح الاف " الشادين " ، والأضداد فرخوا واصبحوا مئات الأضداد الذين " ولعو" الدنيا في مدن وقرى عربية ، والثلج تلون بلون الدم وله أكثر من اربع مواسم وهو يسقط أحمرا من السماء قانيا ، وحجارة البيوت شطبت عنهارسومات الأطفال " الشادين " وغطتها كلمات كتبها الكبار بعد أن فرغوها من معناها من مثل " حرية ..مساواة ..ثورة ... يسقط الثور الأبيض ..قبل الثورة الأسود " ، وتحولت مروج الربيع بعد الثلج الأحمر القاني إلى حقول من الاسلاك الشائكة التي تقطعت عليها جثث " الشادين" ، وتحولت منازل " الشادين " لخنادق وفتحت في جدرانها كوات تنطلق منها رصاصات القناصة كي تؤكد على موت " شادي " ومن وراءه الأف من " الشادين".
لماذا غنت فيروز هذه الأغنية ؟ ، سؤال طرحت على نفسي هذا الصباح كمحاولة للخروج من آلم كلمات هذه الأغنية كما كنت اسمعها قبل ثلاثون عاما ولم يكن لدينا سوى " شادي " واحد هو شادي فيروز ،واليوم والى هذا الصباح وما يليه من صباحات قادمة كم " شادي " سوف يضاف للقائمة ولن نعود نشاهده؟ .