لأكثر من شهرين والعبدلي والدوار الرابع وهم يحضرون لأكثر المشاهد المسرحية دراما في السياسية المحلية الأردنية ، وهو المشهد الأخير الذي تقف عنده القلوب وتجحظ العيون وتبدأ الجمل بالخروج من الحناجر بجهد جهيد مع القليل من الدموع ، ويعلن بها البطل أنه ظلم كثيرا وتم تحميله أكثر من طاقته وبقية الممثلين يخرجون ما لديهم من طاقات فنية دفينة ؛ كي يقنعو الجمهور بأنهم ممثلين وليس كومبارس أو من ضمن أكسسوارات المشهد المسرحي ، ويعطى لكل ممثل دوره في الحديث وبأن يستخدم كل الأدوات التي بين يديه ، وفي اللحظات الحامسة او ما يطلق عليه بالحبكة المسرحية يسمح للبعض بأن يخرج عن النص .
وهذا الخروج عن النص يمثل بهارات المشهد ويتم تناقله من قبل وسائل الإعلام بسرعة البرق ، ويسمح للخصم الممثل أن يصرح بما لديه ويعطى نفس الفرصة بأن يتم نشر ما يقول عبر وسائل الإعلام ، ويتطور المشهد الأخير بشكل درامي قوي ويتم ابراز الممثلين الرئيسيين أكثر من غيرهم ويسمح لهم بكل الكلام المباح وفي النهاية لابد للمشهد من بطل واحد ينتهي به ويتم اسدال الستار من خلفه ويكون متقدما على خشبة المسرح ومن خلفه بقية الممثلين .
هذه قصة اقرار ميزانية عام 2015 ، وهي الميزانية التي تم تمريرها بقوة حروب دول الجوار السبعة كما ذكرها الرئيس ، وبقوة جهل الغالبية العظمى من النواب لثقافة الأرقام التي يحترفها الرئيس ووزير ماليته المخضرم ، وبقوة جهل المواطن بحقيقة العلاقة التشريعية التي تربطه مع اعضاء مجلس الأمة بشقيه النواب والأعيان ، وأخيرا بقوة فقدان ذاكرة المواطن في تتبع التاريخ السياسي لكل من تحدث من الطرفين السلطة التشريعة أو التنفيذية ، وانتهى المشهد المسرحي بقبلات على الخدود وابتسامات توزع يمينا وشمالا ، والجمهور يعيش صدمة أنه هل يشاهد مسرحية أو واقع ، واذا واقع فلماذا لم يصل الدم للركب حتى وان كان مجرد كتشب ؟ .