زاد الاردن الاخباري -
وفاة الملك عبدالله بن عبدالعزيز، رحمه الله، كانت حدثا موجعا من ناحية إنسانية وإجتماعية وشعبية، وكانت كذلك مُصابا عظيما من ناحية سياسية، ومع أنه "لا يجوز النظر إلى الحدث الموجع والمصاب الجلل بقلب سياسي بل بقلب إنسان"، ومع ذلك خرج علينا الإخوان المسلمون، في الأردن، وفي بلدان أخرى، بنظرية دينية جديدة مفادها "أنه يجب أن يكون الميت إخوانيا لنترحم عليه وندعو له، ولنشاطر أهله وعشيرته العزاء" !!
هنا، يتجاهلون صلاة الغائب على (الفقيد) يوم الجمعة، ويخرجون مسرعين للتظاهر الذي لا يقدم ولا يؤخر، وفي الأقصى، تعترض حماس على إمام وخطيب المسجد لأنه ترحم على الملك عبدالله، وفي مصر، وفي كل مكان يهاجم الإخوان الملك المُتوفى ويسبونه ويشتمونه في منابرهم وفي مواقع التواصل الإجتماعي، والأسوأ من كل ذلك أن المرتزقة من كتّاب المرشد يهاجمون الملك الفقيد بطريقة مؤذية بشعة لا تقبلها النفس البشرية ولا يقبلها الدين ولا الأعراف والتقاليد.
تصورت أن يفعل الإخوان المسلمين كل شيء، ولكني لم أتخيل أن يصل بهم الأمر إلى مهاجمة إنسان متوفي، وإلى تكريس ماكينتهم الإعلامية في طعن وتشويه رجل أصبح تحت التراب، وكيف بهم يفعلون ذلك للملك عبدالله، رحمه الله وغفر له، وهو رمز من رموز الأمة، رجل شجاع له بصمات واضحة في الشرق الأوسط والعالم، وله أيادي بيضاء في كل بلاد المسلمين، في نشر الدعوة والدين، وفي مساعدة الفقراء والمحتاجين، وفوق كل ذلك إنجازه العظيم الذي لم يقدر عليه أحد من قبل، حين سحب البساط من تحت أقدام أمريكا التي كانت تتصرف بالشرق الأوسط على هواها وأعدّ تحالفا قويا مع الإمارات أعاد للأمة هيبتها ومكانتها وكلمتها، ووضع لإيران وتركيا وأمريكا حدا في التحكم بمقدراتنا وحياتنا وسياساتنا وخططنا.
بالطبع، الذين لا يفقهون بالسياسة، مثل الإخوان ومن والاهم، لا يفهمون إنجازات الفقيد الراحل، أو على الأقل يبغضونها ويحاولون تشويهها لأنهم كانوا جزءا من المخطط الأمريكي، ولأن الملك عبدالله، رحمه الله، وقف إلى جانب مصر حتى تستقر، ولتصبح أكثر إطمئنانا، فظنوا بأنهم خصومه السياسيين، مع أنهم كانوا مجرد حدث عارض في مسيرة الأمة، وقفوا في الطريق تائهين، وما زالوا تائهين، وأكبر دليل على ذلك أنهم تجاهلوا الله عزوجل وتجاهلوا وصية نبيه صلى الله عليه وسلم في عزاء الميت والتي تعد من محاسن الاسلام والمسلمين دون الأمم الأخرى في مواساة ذوي الميت وحثهم على الصبر والاحتساب، كذلك الدعاء للميت والترحم عليه و الاستغفار له.
إلى أهلنا في السعودية: فقيدنا فقيدكم.. وعزاؤنا عزاؤكم..
اللهم اغفر لعبدك عبدالله بن عبدالعزيز، ونقّه من الذنوب والخطايا كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس... إن العين لتدمع وإن القلب ليحزن وإنا على فراقك يا عبدالله لمحزونون..
اللهم ارحم خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبد العزيز وتغمده بواسع رحمتك واسكنه فسيح جناتك.